متعنا الكاتب الصحافي المغترب طلحة جبريل مراسل صحيفة «الشرق الوسط» في المغرب العربي يوم الإثنين الفائت بمحاضرة عن أشكال العمل الصحفي خصَّ بها أسرة تحرير «الإنتباهة» بمبادرة من رئيس قسم الأخبار أبو عبيدة عبد الله، رغم ظروف سفره المقرر في ذات اليوم، مما يدل على حرصه على التواصل مع صحافة الداخل، فلم يبخل عليها بعلمه، فأحسسنا بدفء اللقاء وحميميته التي «انبثقت» من بين كلماته المنتقاة وطريقته في التعبير. وركز الأستاذ وليسمح لي بمناداته بهذا اللقب رغم امتعاضه من مسألة الألقاب لأنها تطلق في غير مواضعها، ولكن في حالته الوضع مختلف ركز على الخبر والتقرير الإخباري والتحقيق وجميعها تمثل المجموعة الأولى من ضروب العمل الصحفي، وسأتجاوز الخبر والتقرير وأتحدث عن نقاط اختلافي معه في ما يتعلق بالتحقيق، بعد الاستئذان منه، بالطبع فرأيه صواب يحتمل الخطأ وكذلك رأينا. قال أستاذ طلحة إن التحقيق عبارة عن تحرٍ عن معلومات بصورة دقيقة وتعضيدها بإفادات الطرف الآخر أو ما يفيد المعنى، وفي هذا لا اختلاف بيننا، وفي ظل استعصام طرف الاتهام بالصمت لا نعتبر التحقيق لاغياً، ولكن لا بد أن نبين ذلك الاستعصام في التحقيق، وفي هذا أيضاً نتفق، ولكن ماذا إذا تم طرد أو شتم أو ضرب محرر التحقيق من قبل الجهة التي ذهب ليمنحها فرصة الرد على ما ورد حولها من اتهامات؟ أستاذ طلحة يرى ألا ضرورة للحديث عن ذلك السلوك العدائي، فالقارئ لا يهمه ذلك ! وهذه نقطة الخلاف بيننا. ولعل اختلاف الجو الذي تمارس فيه الصحافة في بلاد مهجره عن الجو الذي تمارس فيه هنا، له أثر كبير في ذلك الاختلاف، لا أقصد من ناحية حريات، ولكن من ناحية احترام المؤسسات وتعاونها مع الصحافة والهيبة التي تتمتع بها هنا وهناك.. فهناك الصحافة بالفعل سلطة رابعة يتم التعامل معها على تلك الأسس، وتوفر لها كل المعلومات بشفافية تامة.. ويكفي أن يبرز الصحافي «الكارنيه» لتبسط له السبل خوفاً وطمعاً، ولكن ماذا يحدث عندنا؟ أحد ثلاثة أمور: إما أن يغلق الباب في وجهه مباشرة أو «جيب خطاب من الجريدة» رغم وجود البطاقة الصحفية، وحتى لو أحضر الخطاب ستعيا قدماه من «أمشي وتعال» إلى أن «يزهج» وينصرف، أو يتم شتمه أو ضربه أو طرده على أحسن الفروض، ومن ثم يصبح الجو الذي أجري فيه التحقيق مهماً ليعلم القارئ مكانة الصحافة لدى مسؤولينا الذين يرفض معظمهم إجراء حوار مع صحيفة سودانية، وتجود به نفسه عن طيب خاطر لأخرى أجنبية، فتضطر الأولى لنشر الحوار نقلاً عن الثانية. عموماً استمتعنا واستفدنا من المحاضرة القيمة التي حرص مدير تحرير «الإنتباهة» السابق وزير الإعلام بولاية النيل الأبيض عبد الماجد عبد الحميد على حضورها. وكنت أود الاسترسال ولكن المساحات دائماً تحكمنا؟ شكراً أستاذ طلحة.