بالأمس قلنا إن أهل الأرياف يحلمون بالتنمية المستدامة وتوفير الخدمات الضرورية التي تتمثل في المياه والصحة والتعليم، مع العلم أن هذه الخدمات هي من الضروريات وواجبات الدولة التي تغفل عنها لتأتي الشكاوى من مواطني الأرياف بنقص الخدمة وانعدامها في الكثير من المناطق حتى الخرطوم التي تعتبر من أصغر ولايات السودان وأثراها فإنها تفتقر للكثير من الخدمات في أريافها، وقد لا يصدق البعض أن هذه الخرطوم حتى الآن بها مناطق يبحث مواطنوها عن المراكز الصحية ويبحث أبناؤها عن البيئة المدرسية الملائمة ويبحث أيضًا مواطنوها عن الماء والتخطيط و... و... وقائمة طويلة يبحث عنها بعض مواطني الخرطوم. إن توفير الخدمات في القرى والمدن يجب أن يكون هو شغل كل حكومات الولايات ويجب أن تفكر في هذه الخدمات قبل التفكير في الاحتفالات الفارغ منها والمليان، مع العلم أن ما يصرف في الكثير من الاحتفالات والمهرجانات التي تقيمها بعض الولايات كفيل بإعمار أكثر من مدرسة وكفيل بإيصال المياه للكثير من القرى وكفيل كذلك بتوفير أدوية لمئات المرضى. إننا قصدنا التعميم في تدني الخدمات بالولايات لأن القاسم المشترك في كل ولايات السودان بما فيها الخرطوم هو معاناة المواطنين من تردي الخدمات الضرورية من صحة وتعليم وغيرهما من الخدمات، فقرى الجزيرة تبحث عن المياه من النيل الذي يجري بجوارها، وأهل كردفان يجلس أبناؤهم في مدارس قشية ويعانون من شح المياه، وأهل البحر الأحمر يبحثون عن المرافق الصحية والمياه النقية وكذلك الحال في كسلا و... و... وجل ولايات السودان يبحث أهلها عن الخدمات الضرورية والأموال تُصرف في الترضية لذوي القربة. وحتى ينصلح الحال لابد من أجهزة رقابية على أداء حكومات الولايات.. أجهزة فاعلة لا تنظر للترضية ولا تعمل «بفقه السترة».. أجهزة تجوب الولايات وقراها لمعرفة القصور وتحقيق الخدمات التي يلهث وراءها أهلنا في ربوع السودان حتى حفيت أقدامهم. فالمواطن لا يطلب المستحيل بعد أن «ربط الحزام» سنوات طوال ولكنه يحلم بتحقيق خدمات ضرورية له وواجبة على الدولة التي يدفع لها المواطن ضرائب وزكاة وغيرهما من الجبايات المفروضة عليه، المواطن يحلم بمدرسة تحترم آدمية أبنائهم ومرفق صحي يجدون فيه العلاج حين يمرضون وضروريات حياتية بسيطة عند الدولة ولكنها كبيرة جدًا عند المواطن.. فهل يتحقق ذلك؟ نرجو أن يتحقق..