حينما كتبنا قبل فترة ليست بالبعيدة عن أوضاع محليتي كوستي وربك وتردي الخدمات فيهما في ذلك الوقت انتقدنا عدد كبير من أهل الولاية لعدم زيارتنا لبعض محليات ولاية بحر أبيض البعيدة ورددنا عليهم بالقول «إن كان هذا هو حال أكبر مدينتين في الولاية فمن المؤكد أن بقية المحليات أسوأ بكثير». وهذا التردي المخيف في توفر الخدمات لمسناه من خلال الاتصالات المتكررة من أبناء الولاية في الكثير من المدن والقرى وهم يرجون أن يسلّط الضوء على قضاياهم الأساسية لعلها تجد الحل، فأهل القرى تحديدًا لا يريدون شوارع معبدة ولا إنارة الشوارع، بل يحلمون بماء نقي وإن كان من الحفير وكهرباء يذاكر بها أبناؤهم حتى لا تُضعف الرتاين أبصارهم، أهل الريف يريدون شفخانة تتوفر فيها الأدوية الهامة بالنسبة لهم بإشراف طبيب يحترم مرضاه ومواعيده وبرعاية من وزارة الصحة ومعتمد المحلية، أهل الأرياف يحلمون بمدارس تحترم آدمية أبنائهم وهم يحصلون دروسهم اليومية من أجل إخراج أجيال سليمة عقليًا وجسدياً. هذه مطالب أهلنا في أرياف أي ولاية وقراها وكذلك هي مطلب أهلنا في قرى محلية القطينة التي يشتكي أهلها من تردي الخدمات وانعدامها في كثير من القرى، فلا يُعقل ونحن في الألفية الثالثة ولا يزال بعض المواطنين في قرى القطينة ينتشلون المياه من الآبار لشربهم، ولا يُعقل أن الألفية الثالثة تمضي منها سنون عديدة وأهلنا في تلك القرى يبحثون عن العلاج الناجع عبر مراكزهم الصحية التي تعاني من تردٍ مخيف في بيئتها وعدم توفر الكادر الطبي وإن كان بدرجة مساعد طبي. إن هناك الكثير من مناطق القطينة نهضة وعمرت لكن بسواعد أبنائها وتكاتفهم وليس بدعم من حكومة الولاية أو محليتهم ففي الجمالاب تتوفر المياه العذبة بالجهد الشعبي وكذلك الكهرباء و... و... وعدد من الخدمات تكاتف لها أهل الجمالاب وكذلك مواطنو القراصة والدرادر تكاتفوا جميعًا من أجل إنقاذ أهلهم من بئر التردي في الخدمات ولكن من ينقذ ود البشرى ومن ينتشل الزريقة من بحر الإهمال. إن توفير الخدمات للمواطنين في القرى والمدن تقع مسؤولته الأولى على رأس معتمدي المحليات إلى جانب ولاة الولايات الذين يتعاملون بالتقارير دون الزيارات الميدانية لمعرفة نواقص رعاياهم في القرى البعيدة وهذه واحدة من المشكلات الكبرى التي تجعلها تقف دون تحقيق التنمية وتوفير الخدمات لأهلنا في القرى والحضر.