انتصار تُحِّققُه، في معركة لم يكن أمامك بدٌّ من خوضها.. وانتصار آخر، تُحِّققُه، في معركة لم يكن هناك لزوم أصلاً، لخوضها «بينما تحاصرك معارك أخرى كثيرة، يلزمك خوضها، ويحالفك الفشل فيها»!!. والكثير من انتصاراتنا العربية، وأيضاً الكثير من انتصاراتنا السودانية، هي من النوع الثاني!!.. لا بأس، هي انتصارات على أية حال، تستطيع التغني بها وسائل الإعلام وأغاني البنات.. ولكن.. المزعج حقاً هو أن نبتكر معارك لا لزوم لها، ثم ننهزم فيها!! هل تريد أمثلة، أيُّها القارئ المحترم؟! أما أنا، فأرى أن الأمر سيكون أكثر رشاقة، إذا حاولت معالجة الأسئلة التالية بنفسك، فليس عدلاً أن تنتظر مني توضيح كل شيء بينما تجلس مرتاحاً على كرسيك، تقرأ الصحف!! سوف تستحق جائزة سنية أيُّها القارئ النابه إذا استطعت تقديم إجابات نموذجية للأسئلة التالية «لاحظ أنني قررت أنك تستحق الجائزة، ولم أقل «سأعطيك جائزة». 1 اذكر نموذجاً عربياً، لمعركة لم يكن من الحكمة خوضها أصلاً، خضناها وانتصرنا فيها «والسؤال يشمل في ما يشمل، المعارك الإعلامية والدبلوماسية». 2- اذكر نموذجاً سودانياً، لمعركة لم يكن لها لزوم، خضناها وانتصرنا فيها!! 3- اذكر ألف نموذج لمعارك سودانية وعربية صنعناها بغباء بديع، من دون لزوم، ثم خضناها وانهزمنا فيها.. قد لا يكون ضرورياً إرسال الإجابات إلى أي مكان ولكن إذا بدا لك أيُّها القارئ أن هذا الموضوع «موضوع معاركنا الخاطئة» أمر يستحق البحث والتأمل، فلا بأس بأن تبعث بالإجابات إلينا، على عنوان هذه الصحيفة، فمن يدري؟ ربما استطعنا أن نجد فيها تشخيصاً لأمراض أمة منكوبة في وعيها بالأشياء!! ربما!!.. وليس بعيداً، ليس بعيداً أبداً عن هذا الذي نخوضُ فيه من جِدٍّ يُشبِهُ الهزل، غضبة أخينا الشيخ الغيور بدوي عبدالغفار السورتداوي، الذي جلد نفسهُ وجلدنا حتى الإدماء، في «زفرات» أخينا الطيب مصطفى، صباح الجمعة البارحة، ووالله إنهُ لمُحقٌّ في غضبته « وليس الذي أغضبَ الشيخ بدوي هُو مجرد بول الجنود الأمريكان على جثث شهداء مسلمين، ولكن ما أغضبهُ أكثر إحساسهُ بأننا كلّنا لم نغضب من هذا الذي يُغضِبُ الحليم !!».. هَبْ، يا شيخ بدوي، أننا كُلّنا عبَّرنا عن غضبتنا مثلك.. ما الذي كان سوف يحدُث؟؟ أكانت الحكومة، مثلاً، سوف تقوم بإغلاق السفارة الأمريكية وطرد البعثة الدبلوماسية الأمريكية؟؟.. أكانت جيوش المسلمين سوف تتوجه إلى واشنطون؟؟ دعك من هذا، أكان التجار المسلمون سوف يقاطعون البضائع الأمريكية؟؟.. لن يفعلوا، والله لن يفعلوا يا شيخ.. أنسيت يا مولانا أن هؤلاء الجنود الأمريكان الذين احتلوا العراق وقتلوا أهلها وبالوا على جثث شهدائها، أنسيت أنهم جاءُوا بدعم العرب «المسلمين» وبمباركتهم؟ أنسيت يا شيخ أن الجنود الأمريكان والأوربيين دمّروا أفغانستان وقتلوا أهلها بمباركة وركوع، بل وسجود، المسلمين والعرب؟؟.. إعلم، إذاً، يا شيخ، أن حروب اليهود والأمريكان القادمة على الأرض المسلمة سوف تلقى دعماً أكثر، وربما مشاركةً، من المسلمين والعرب.. إن ما فعلهُ اليهُود وأشياعهم بالمسلمين يا أخا العرب يتجاوزُ كثيراً القتل واحتلال الأرض والاغتصاب والتبول على جثث الشهداء.. ما فعلُوهُ بنا فعلُوهُ في ديننا أولاً، في عقولنا، في إيماننا، في مروءتنا.. ومن يحتلُّ هذه الأربعة يحتلُّ كلَّ شيءٍ يا مولانا.. بالمناسبة، ألا أحدثك عن إحدى معاركنا «المصيرية» التي تتم بمباركة مباشرة من الأمريكان؟؟ إنها هذه المعارك التي يفتعلها بعض المتنطعين بين المتصوفة وبين السلفيين.. هذه معاركنا يا شيخ.. يرحمك الله!! أنقذوا مستقبل هذا الطالب!! الطالب السوداني «ع. ع.ع.ع» يدرس الهندسة الطبيَّة بجامعةٍ في موسكو، على نفقة أُسرته، ولما بلغ السنة الأخيرة وأصبح على أبواب التخرُّج، فوجئت الأسرة بمرض عائلها، مرضاً أعجزها عن تسديد رسوم دراسة ابنها الطالب في غربته البعيدة، وفي سنته الأخيرة، فبعث إلينا الابن «ع»، الذي يحمل وثيقة سفر بالرقم 0616309 ، برسالة استغاثة، حتى لا يفقد جهد ثلاث سنوات مَضَيْنَ لعجزه عن تسديد رسوم السنة الأخيرة، والبالغة «4000» دولار.. يقيني لا يتزعزعُ بأن بين أبناءِ هذه الأمة، من الأسخياء الأخفياء القادرين، من ستحملُهُ مروءتُهُ إلى إنقاذ مستقبل هذا الطالب السوداني في غُربته، ويتصلُ به على الرقم 0793085065340 مبشراً بانقشاع أزمته.