نفذ الشارع السوداني إضرابا عامًا يوم الثلاثاء إستجابة لدعوات تحالف قوى الحرية والتغيير في ظل تصاعد التوتر مع المجلس العسكري الذي يحكم البلاد بشأن الانتقال نحو السيادة المدنية . وتعثرت المحادثات بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض بعد أسابيع من المفاوضات بشأن من ستكون له اليد العليا بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير الشهر الماضي. وشارك في الإضراب في يومه الاول معظم موظفي وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي والعاملين في القطاع الطبي ومكاتب الكهرباء وموظفي البنك المركزي وعدد من البنوك التجارية وشركات الاتصالات وشركات تجارية لكن بقية القطاعات لم تتأثر سوى بشكل جزئي كما استمرت حركة الحافلات بصورة طبيعية . ونفذت عدد من المؤسسات والشركات في القطاع العام والخاص وقفات إحتجاجية على جانبي الطريق رافعين لافتات تأييد الإضراب بشكل سلمي كما توقفت بعض المحلات والمكاتب التجارية عن البيع في الوقت الذي رفضت بعض الجهات الاضراب . ووفقًا لمراقبون ومختصين في مجال قياسات الرأي فأن الاضراب في يومه الاول والذي دعت اليه قوى إعلان الحرية والتغيير ناجح بنسبة 100 بالمئة والاستجابة لدعوات الإضراب كبيرة للغاية . وأعلن تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير أن القطاعين العام والخاص سيشاركان في الإضراب الذي يستمر يومين ويشمل ذلك قطاعات الطيران المدني والسكك الحديدية والبترول والبنوك والاتصالات والصحة. وذكر المحلل السياسي السوداني، أحمد عبدالغني، أن أي خطوة نحو الإضراب من جهة القوى السياسية ستؤثر بشكل كبير على العملية التفاوضية بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير. وأوضح أن الإضراب العام والشامل الذي أعلنت قوى الحرية والتغيير تمسكها به ليومين متتاليين اعتبارًا من اليوم الثلاثاء، يعتبر كارت للضغط على المجلس العسكري الانتقالي لتحقيق مطالب الشعب السوداني وتشكيل مجلس سيادي مدني. وأشار "عبدالغني" أن إعلان حزب الأمة بعدم المشاركة، ليس لها تأثيرات كبير بالمقارنة من القوى السياسية الأخرى التي أعلنت مشاركتها في الإضراب. وفي وقت سابق، أعلن حزب الأمة في #السودان، بقيادة الصادق المهدي، رفضه الاضراب الذي قرره قادة الاحتجاجات الثلاثاء، كوسيلة لممارسة الضغوط على المجلس العسكري لتسليم السلطة الى المدنيين. ورغم رفض "الأمة" للاضراب، إلا أن الحزب أشار في بيانه أن هذا "لا يمنح السلطات حق فصل العاملين" في حال استجابوا للدعوة. وفي ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، خالد الفكي، أن "الإضراب هو وسيلة للضغط على المجلس الانتقالي العسكري حتى يرضخ ويمتثل لمطالب الشعب بتشكيل حكومة مدنية". وأضاف الفكي،، أنه "أعلن في وقت سابق أن الاتفاق الذي أُبرم بين الطرفين تم إنجازه بنحو 90 %"، لافتاً إلى أن "المجلس العسكري يريد أن يتولى الرئاسة وذلك خشية من التهديدات الأمنية التي تحدق بالبلاد بحسب رؤيتهم". وأشار الكاتب والمحلل السياسي إلى أن "قوى الحرية والتغيير طالبت المجلس العسكري بتسليم الحكومة كاملة ورئاسة المجلس السيادي إلى المدنيين"، موضحاً أنه "لابد من فتح حوار جديد مع المعتصمين لتقوية الرابط بينهم والوصول إلى قرارات تصب في مصلحة الثورة السودانية". وفي إطار الضغوط المتبادلة بين الطرفين للوصول إلى حل، يتوقع الكاتب الصحافي السوداني خالد التيجاني بأن "يلّوح المجلس العسكري بانتخابات مبكرة قبل نهاية العام الجاري والعودة للثكنات كإحدى وسائل الضغط"، بينما سيلوّح المحتجون، وفقا للتيجاني، ب"العصيان المدني والإضراب.. لكنها وسائل مع أهميتها قد تؤدي إلى مفعول عكسي"، إذ قد تقود إلى تذمر المواطنين الذين سيكونون مهددين في لقمة عيشهم. وتأتي هذه التطورات في وقت يحذر مراقبون من تزايد نشاط الجهات الساعية إلى تكريس الفجوة والمستفيدة من تباعد المسافات بين قوى التغيير والمجلس العسكري، للإيحاء بأن سقوط حكم البشير كان خطأ استراتيجيا سيندم عليه الشعب، ولتخفيف حدة الانتقادات الموجهة إلى أتباعه في حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.