قالوا إن المفاوضات مع جوبا تقدمت، وقالوا إن لقاءً سيتم ترتيبه بين "البشير" و"سلفا".. عندما تسمع فريق المفاوضين في نهاية كل جولة تحسب أن الكون كله يعزف نشيداً، وأن (البحر قد فرش طحينا).. "ريما" أقصد جوبا لم تترك عادتها وها هي ترد على فرحة المفاوضين، في "ديم منصور" جنوب الكرمك بهجوم جديد كامل الدسم من الجيش الشعبي على المنطقة وجيشنا الباسل يتصدى.. ليس هذا فحسب، فهناك في ولاية الوحدة بجنوب السودان تتأهب أعداد من فلول حركة العدل والمساواة للهجوم مجدداً على مناطق جنوب كردفان الآمنة.. الجيش، وعلى لسان ناطقه الرسمي، يقول إن كل المؤشرات تؤكد وجود دعم مباشر من حكومة جوبا لحركة العدل والحركات المسلحة الأخرى.. إن قدم السودان شكوى لمجلس الأمن استناداً لقراره المشؤوم رقم (2046) يحتج فيها على خرق القرار الذي نص على وقف العدائيات، فإن تجاهلاً للشكوى سيقع وتطويلاً ومماطلة لاجراءاتها ستتم حتماً، بينما مفاوضونا (يبشروننا) بتقدم المفاوضات، وفي نفس الوقت تتلقى قواتنا الضربات باستمرار بدءاً بجنوب دارفور ومروراً بجنوب كردفان وانتهاءً بالنيل الأزرق.. القرار (الماسورة) والمفاوضات (المضروبة) هما في الأصل لإعطاء الجيش الشعبي الفرصة لاسترداد أنفاسه بعد هزيمته في هجليج تلك الهزيمة التي سارت بها الرياح.. كذلك المقصود أيضاً كبح جماح قواتنا المسلحة التي أقسمت بعد هجليج تنظيف الحدود من الجيش الشعبي واستعادة الناطق التي يحتلها، فجاءت فرية خط الصفر والمنطقة المنزوعة السلاح والأدهى والأمر الخريطة العجيبة التي قدمتها جوبا مضيفة إليها (6) مناطق سودانية جديدة باعتبارها تابعة لها. صحيح أن جوبا تعاني اقتصادياً أكثر من الخرطوم، لكن ليس لديها مجموعات ضغط تستغل تلك الحالة الاقتصادية المزرية، بيد أنها ترى في الحالة الاقتصادية في الشمال، وكذلك الارتباك السياسي فرصة للضغط عسكرياً؛ لظنها أن ذلك يدعم موقفها التفاوضي.. وموقف جوبا أصلا مؤمن بالقرار (2046)، فضلاً على الدعم الأمريكي المعلوم.. إلى متى سنظل في (حدوتة) يعتدي الجيش الشعبي وجيشنا يتصدى؟.. إلى متى يصر المفاوضون بأن كل الأمور تمام؟.. أين (جعجعة) الاستنفار؟ لماذا انخفض الصوت وتوارى الحماس؟.. التخبُّط السياسي والجدل المحتدم في التخفيض والهيكلة دوامة ابتلعت محاولات دعم ومساندة القوات المسلحة.. لم أكن مقتنعاً بأن يرأس وزير الدفاع وفد التفاوض بينما قواتنا هناك على الحدود، لا ترى أثراً لسلام أو تفاوض.. لماذا لا يبقى الوزير في القيادة مركزاً جهوده على دعم قواتنا وتأمين حدودنا ومتابعة تحرشات العدو ويترك شأن التفاوض لآخرين.. كيف يستوعب الجندي في "ديم منصور"، وفي "حفرة النحاس" وجود قائده في قاعات التفاوض، بينما العدو لا يأبه بذلك التفاوض، ويستمر في اعتدائه دون رادع.. أعتقد أن مراجعة استراتيجية التفاوض والحرب أمر مُلح.. النهج الحالي في التعامل مع جوبا لا أقول إنه غير فعال بل فاشل يظهرنا بمظهر الضعف، بينما قواتنا على عكس ذلك قادرة على تأديب كل من تُسوِّل له نفسه اللعب بأمن الوطن. آخر الكلام: فعل رئيس الجمهورية خيراً حينما أرجأ ايداع التعديلات الدستورية لدى البرلمان.. تلك التعديلات التي استهدفت صلاحيات ولاة الولايات؛ مما يعتبر تراجعاً عن الفدرالية وتوسيعا لقاعدة المشاركة في الحكم.. الحجة لم تكن مقنعة تماماً؛ لأن تقليص عدد محليات بعض الولايات ليس سبباً؛ لأن يكون الدستور عرضة للتعديل. فالحزب الحاكم عليه أن يقنع أو يلزم الولاة، وكلهم مؤتمر وطني باتخاذ ما يلزم لهيكلة حكمهم وباستخدام صلاحياتهم الدستورية.. العقبى إن شاء الله للتراجع عن القرارات الاقتصادية التي سحقت المواطن سحقاً.. إصلاح الاقتصاد الذي خربه المنظرون لا يجب أن يمر عبر سحق المواطنين، والقبول بروشتات البنك الدولي، حتماً هناك طريق آخر لا يريد المنظرون أن يكلفوا أنفسهم عنت التفكير فيه.