شاهد بالفيديو.. يا دا سيد ريدي ما جا .. والسمك في الموردة .. "لماذا الآن" فدوى فريد    ياسيادة الفريق اول البرهان شيل هؤلاء قبل أن يشيلك الطوفان ويشيلنا ويشيل البلد كلها    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    أسطورة فرنسا: مبابي سينتقل للدوري السعودي!    عقار يلتقي مدير عام وحدة مكافحة العنف ضد المرأة    الداخلية السعودية تبدأ تطبيق عقوبة "الحج دون تصريح" اعتبارًا من 2 يونيو 2024    أمير الكويت يعزى رئيس مجلس السياده فى وفاة نجله    دورتموند يصعق باريس ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    كرتنا السودانية بين الأمس واليوم)    شاهد بالفيديو.. البرهان يصل من تركيا ويتلقى التعازي في وفاة ابنه    ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(60) عاماً من الاستقلال.. تفاصيل يوم الإعلان من داخل البرلمان
نشر في المجهر السياسي يوم 19 - 12 - 2015


(المجهر) تقلب الأوراق وترصد الكواليس
تقرير- هبة محمود
غيوم كثيفة كانت تخيم على أجواء السياسة آنذاك وتعكر صفوها، حالة من عدم الوفاق السياسي تكاد أن تطيح بالاستقلال جانباً.. الأحزاب تتنازع فيما بينها على ضرورة قيام حكومة قومية، و"الأزهري" يقدم استقالته بعد أن هزم البرلمان حكومته في اقتراح القراءة الثانية للميزانية بفارق الأصوات.. "المحجوب" و"زروق" يتبادلان الاتهام حول اقتراح الثقة الذي قدمته المعارضة.. والأحزاب المؤتلفة ترفض رئاسة "الأزهري" للحكومة القومية.. أيادٍ خفية تعبث بعقول الجنوبيين وتدعو للثورة على الحكم الوطني ووحدة السودان، والحكومة تتسلم وثائق تدل على ذلك.
هذا الجو من الخلافات والصراع على السلطة، لم يقف حائلاً أمام كلمة جميع السياسيين التي توحدت بضرورة إعلان الاستقلال من داخل البرلمان، الذي يصادف اليوم ( 19 ديسمبر) ذكرى إعلانه قبل ستين عاماً.. و(المجهر) بمناسبة الذكرى توثق للحدث وللإرهاصات التي تبعته.
{ صراع سياسي
على الرغم من أن إعلان الاستقلال من داخل البرلمان يعد خطوة شجاعة للسودانيين، إلا أن الإقدام على هذه الخطوة سبقه مخاض عسير، ليس في الحركات الوطنية ومطالبتها بضرورة الاستقلال فحسب، لكن في ذلك الصراع السياسي على السلطة الذي كان مستمراً بين الأحزاب آنذاك، ومحفوفاً بالانشقاقات والمخاوف، ما بين استقلاليين يريدون الاستقلال التام واتحاديين يريدون وحدة وادي النيل ودولة واحدة تحت التاج المصري، ولم يكن في ظل هذا المشهد الضبابي سوى قاسم مشترك يجمع هذه الأحزاب وهو الاتفاق على إعلان الاستقلال من داخل البرلمان بدلاً عن إجراء الاستفتاء الذي قدمه مجلس النواب كمقترح في أغسطس 1955م.
عقب شهرين من الاقتراح الذي تقدم به البرلمان في أغسطس 1955 بضرورة إجراء استفتاء في أقرب وقت، أذاعت وزارة الخارجية البريطانية بياناً في يوم (4/ 11/ 1955) تؤكد خلاله قبولها الاقتراح، وطلبت من سفيرها في مصر أن يبلغ الرئيس "جمال عبد الناصر" بالقرار وبحث الخطوات لإجراء تقرير المصير، ورغم موافقة بريطانيا على إعطاء السودان حق تقرير المصير إلا أن صحافتها ظلت تشن حملات ضد السودان، في محاولة منها لجعل حوادث التمرد في الجنوب أمراً يسقط حق السودان في نيل استقلاله، الأمر الذي عده السياسيون خطة استعمارية جديدة تحت حجة حماية الجنوب.
{ تقرير المصير
لم تقف تلك المؤامرات حجر عثرة أمام نيل السودانيين للاستقلال، فما أن وافقت دولتا الحكم الثنائي على إعطاء السودان حق تقرير المصير، وفي اليوم الثاني من بيان وزارة الخارجية البريطاني بذلك، قرر مجلس الوزراء في اجتماعه تشكيل أول لجنة وزارية تضم المستشار القانوني للبدء في وضع مشروعات وقوانين للإجراءات الخاصة بتقرير المصير، ثم برز لاحقاً اتجاه في الدوائر الرسمية لإجراء انتخابات الجمعية التأسيسية والاستفتاء في وقت واحد، بحيث يضع الناخب في صندوق الانتخاب رأيه السياسي، وفي الصندوق الآخر بطاقة باسم النائب الذي يرشحه للجمعية التأسيسية وذلك لتوفير الفائدة، إلا أن هذا الاقتراح لم يبت فيه في ذلك الوقت.
كل هذه الاستعدادات لإجراء الاستفتاء لم تغذ الرغبة لدى السياسيين في أن يكونوا على وفاق من أجل مصلحة البلاد، فقد ظلت البلاد قبل شهر من إعلان الاستقلال من داخل البرلمان تعيش على أعصابها، والمواطنون يحبسون أنفاسهم وهم يطالعون ذلك الهرج السياسي الذي يحدث، فالحكومة والمعارضة تتراشقان الاتهامات، سيما أن الأخيرة دعت إلى قيام حكومة قومية بمطالب يرتكز أهمها على تقسيم المقاعد في مجلس الوزراء مناصفة بينها وبين الحكومة، وأن يجرد رئيس الوزراء من سلطاته الدستورية في إقالة أي وزير يرى عدم التعاون معها.
{ مطالب مرفوضة
مطالب المعارضة لم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت إلى أن يشترك دعاة الاتحاد في الحكم وأن يعطوا كامل الحقوق للتعبير عن وجهة نظرهم الاتحادية، كما طالبت بضرورة إجراء تغيير كامل في جهاز الحكم، الأمر الذي رفضته الحكومة ورأت من خلاله أن المعارضة تريد أن تفقد رئيس الوزراء هيبته وحقوقه الدستورية، وأنها أي- المعارضة- تريد الاشتراك فعلياً، وذلك بالمساواة بين أعضائها وأعضاء مجلس الوزراء، وهذا ما يتنافى مع ادعائها بأنها تريد الحكومة القومية لضمان تقرير المصير وسلامة إجراءاته.
كانت الحكومة بقيادة "الأزهري" تؤمن بإشراك الأحزاب المعترف بها في الحكم القومي، مثل حزب الأحرار الجنوبي والأمة والاستقلال الجمهوري والجمهوري الاشتراكي، ولا ترى مبرراً لإشراك السيد "محمد نور الدين" وأعوانه الذين انشقوا عن حزبها وكونوا حزباً جديداً لهم إلا بعد أيمانهم بالاستقلال التام غير المشروط بأي ارتباط مع مصر، فيما عدّ "نور الدين" استقلاله مع دولة مصر من شأنه أن يحميه من التدخل الأجنبي مرة أخرى، بخلاف الاستقلال الانفصالي الذي يتيح للاستعمار الفرصة للتدخل في شؤون السودانيين مرة أخرى.
{ الانفصالية أو الاتحادية
وحسب د. "إسماعيل الحاج موسى" في حديثه ل(المجهر) فإن مطالبة الزعيم "الأزهري" بعدم مشاركة الأحزاب التي تؤمن بالوحدة مع مصر في الحكومة، أمر كان يعد غريباً حينها خاصة أنه- أي "الأزهري"- كان يؤمن بضرورة الاتحاد مع دولة مصر، حتى أن حزبه كان يسمى الوطني الاتحادي.
"الحاج موسى" أرجع الصراع القائم آنذاك على السلطة إلى المخاوف التي كانت تنتاب حزب الأمة من الوحدة مع مصر، وكان ينادي بالاستقلال التام، وقال: (حزب الأمة كان لديه شيء من الريبة تجاه مصر، لذلك ظل الصراع مستمراً تطغى عليه الانفصالية أو الاتحادية، واستطاع هذا الصراع أن يرمي بظلاله على كل المجالات واستمر لما بعد الاستقلال حتى جاء انقلاب "إبراهيم عبود" وأطاح بحكم الأحزاب).
"المحجوب" و"زروق" يتبادلان الاتهام
لم يتسن للمعارضة الصمت على رفض قيام حكومة قومية، فتقدمت في البرلمان لطرح صوت الثقة في الحكومة بعد رفضها للميزانية، الأمر الذي عدّته الحكومة مخططاً لإسقاطها قبل يوم 10/11/ 1955 وهو موعد اكتمال الجلاء حتى لا تنال الفخر به، وقال "مبارك زروق": (في كل برلمان يطرح صوت الثقة في أي تعديل فيما يتعلق بالميزانية فإذا سقط التعديل سقطت الحكومة لأنها فقدت أغلبيتها، فكيف للمعارضة أن تدفع بهذا الاقتراح وهي ليست في حاجة إليه؟؟). ومن جانبه أكد "محمد أحمد المحجوب" زعيم المعارضة، أن جل تفكيرهم ينصب في مصلحة البلاد وتحقيق الاستقلال التام وصيانته من عبث العابثين، وحتى يزيحوا عن كاهل البلاد عبء حكومة فشلت في الحكم وواجهتها العثرات.
{ عودة "الأزهري" بفارق (4) أصوات
رغم فشل الحكومة الذي تتحدث عنه المعارضة إلا أن "الأزهري" كان يتمتع بشعبية عريضة وسط الشارع السوداني، وذلك ما كشفت عنه استقالته التي تقدم بها عقب القراءة الثانية للميزانية، التي رفضتها المعارضة بواقع (49) صوتاً مقابل (45)، وعودته مرة أخرى محمولاً على الأكتاف بعد فوزه رئيساً للوزراء، وإصداره بياناً للشعب السوداني بضرورة الوقوف صفاً واحداً خلف الاستقلال.
"الأزهري"، وفقاً للكثيرين، ظل حريصاً على أن ينال السودان استقلاله، وموافقته على قيام حكومة قومية كانت مشروطة بإعلان الاستقلال التام من داخل البرلمان، رغم أنه ظل في وقت سابق ينادي بالاستقلال والوحدة مع مصر.. وفي هذا الشأن يشير القيادي بالحزب الاتحادي "علي نايل" إلى أن "الأزهري" استطاع أن يسيطر على الموقف والخلافات التي كان يمكن أن تؤخر مجيء الاستقلال، ولفت إلى أن الاتحاديين هم من أتوا للسودان باستقلاله، سيما أن الحزب الوطني الاتحادي يتمتع بالأغلبية الكبرى.
{ هدوء حتى حين
بعد إعلان الاستقلال من داخل البرلمان، بدأ الموقف السياسي يتحسن قليلاً نحو الاستقرار، فقد واصلت لجنة الوساطة سعيها بمقابلة السيدين "عبد الرحمن المهدي" و"علي الميرغني" لاختيار رئيس للحكومة القومية عقب رفض الأحزاب المؤتلفة لرئاسة "الأزهري"، وفي الاجتماع الذي تم بين السيدين وسبق اجتماع الأحزاب المؤتلفة، حضر السيد "محمد عثمان الميرغني" عن والده يحمل رسالة رضا السيدين بإسناد رئاسة الحكومة القومية ل"إسماعيل الأزهري"، وهدأ الخلاف الحزبي قليلاً، لكنه لم يلبث أن عاد إلى الواجهة مرة أخرى وبقوة بعد نيل الاستقلال، الأمر الذي قاد إلى قيام أول انقلاب عسكري في تاريخ السودان بقيادة الفريق "إبراهيم عبود"، بعد فشل الأحزاب السودانية بتياراتها المختلفة في الاتفاق على أية صيغة توفيقية بينها حول نظام الحكم والدستور والإخفاق في حل مشكلة جنوب السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.