سعد الدين ابراهيم (الحفرة) هي فجوة صغيرة على الأرض قد تتسبب في سقوط من لا ينتبه إليها.. وللأسف يقول البعض: البلد دي حفرة.. أو متين ربنا يرضى علينا ونمرق من الحفرة دي.. مع أن الحفرة ذاتها بداية مشروع لغرس شجرة مثمرة أو غير مثمرة فهي تهب الظل وتقي الحرور.. اشتق من مفردة حفرة لعبة شعبية كنا نلعبها زمان ولا أدري إن تلاشت تماماً أم أن بعض الصبية في القرى والأرياف والحلال الشعبية ما زالوا يلعبونها.. ومؤدى اللعبة وهنالك (ميس) يبعد ياردات من الحفر وبكرة الشراب يرمي كل فرد الكرة مستهدفاً الحفر، فالذي تستقر الكرة في حفرته يذهب ويحمل الكرة ويظل أسيراً حتى يضرب بالكرة أحد اللاعبين فيظل ذلك أسيراً.. وبصراحة نسيت التفاصيل الباقية للعبة. وأشهر الحفارين من الحيوانات الفأر ويقولون في المثل: "ود الفار حفار".. والأرانب أيضاً تحفر حفراً لتعيش فيها وربما لأنها حيوانات منتجة والبعض يأكل لحومها.. والسودانيون لا يأكلونها أو لا يحبذون أكلها ولا أدري السبب في ذلك، لكن ثمة مقولات تذهب إلى أن الأرنب يبكي حين يذبحونه مع أن سلخه يتطلب أن تكون فيه بقية حياة حتى يتيسر سلخه والعهدة على الرواة. أخيراً راج تعبير (الحفر)، وهو مكايد تدبر للزميل أو الصليح بغية الإطاحة به من مركزه.. آخر استخدام للحفر قاله "مبارك الفاضل" في حوار صحافي معه إن "علي عثمان" حفر له.. ومرة استخدمه الدكتور "غازي صلاح الدين".. الحفر حسب تحليلي لا يكون للعدو.. لأن ذلك تحاربه بكل الأسلحة المتاحة ولا منقصة في ذلك.. أعرف أن الحافر لابد أن يكون له هدف أو أهداف من حفره، مثلاً يطيح بالمدير لأنه نائبه ويحظى بالمنصب حين ينزاح المدير عن طريقه.. وهكذا يحفر الحافر للأكبر حتى يحل محله. هنالك، حسب تحليلي الذي أتمنى أن لا يكون (مهبب)، الحفر بسبب الحسد وهو آفة سودانية وربما عربية وقطع شك أفريقية، والحسد هو تمني زوال نعمة الغير (مغسة ساكت) يصبح الحفر أداة للحاسد حتى يشفي غليله من المحسود.. وهنالك الحفر الأيديولوجي وهو له تبريراته على طريقة (سهر الجداد ولا نومو) فقد يحفر الشيوعي للإسلامي والإسلامي للشيوعي، لأن وقوع أحدهما فيه مكسب أيديولوجي للحافر.. لاحظت أن الحافر هو دائماً بصيغة المذكر.. ألا توجد (حفارة) أو ممارسة للحفر؟ سألت زميلة شابة: إنتو البنات ما بعرفن ثقافة الحفر.. فقالت: بسم الله.. أمانة حفر البنات ما حفر أسكت ساكت.. الحاصل إني سكت ساكت لأنني ما أردت بسؤالي سوى أن اطمئن إلى أن (الحفر) ثقافة ليست ذكورية.. أصلو الناشطات كرهونا في الذكورية حتى حسبنا أنها أصبحت سُبة.. زمان الواحد كان يفرح لما يقول ليهو ضكران.. هسه بقى يخجل لما يقول ليهو ذكوري. عموماً نرجع (للحفر)، هو ظاهرة لا أعتقد أنها تظهر في المجتمعات المتحضرة أو المجتمعات المتدينة أو المجتمعات المحافظة، فهل الحفر من عمل (إبليس)؟ يخيل لي أن الحفر ده ما دخل الثقافة الإبليسية.. في لغة "راندوك" طلبة الجامعة، الحفار هو الطالب المجد الذي يتفوق في دروسه.. والله أعلم.