في مقارناتنا بين صحافة مايو والإنقاذ، لم نغفل دور صحيفة (القوات المسلحة) والتي كانت صحافة حقيقية وضمت في صفوفها عدداً كبيراً من الصحفيين المميزين، والآن قامات صحفية أو إعلامية في مجالات مختلفة منهم من دخل سلك التدريس بعد أن أهَّلوا أنفسهم وحصلوا على درجة الدكتوراة أو درجة الأستاذية، ففي العدد الماضي تطرقنا إلى دور صحيفة (القوات المسلحة) بعد مجيء الإنقاذ وصدور قرار بإيقاف كل الصحف، ولذلك حلت صحيفة (القوات المسلحة) محل الصحف السياسية، وكانت الناطقة باسم الحكومة آنذاك، ولكن دورها تراجع أو قل، عندما صدر قرار بإنشاء صحف على شاكلة (الأيام) و(الصحافة) التي كانت تصدر إبان الحكم المايوي، فصدرت صحيفتا (السودان الحديث) التي رأس تحريرها الأستاذ الراحل "محمد سعيد معروف" وصحيفة (الإنقاذ) التي رأس تحريها الدكتور "محيي الدين تيتاوي" والدكتور "إسماعيل الحاج موسى" رئيس مجلس إدارة صحيفة (الرأي) ووزير الدولة للإعلام إبان الحكم المايوي، دائماً يزورني ومعجب بعملية التوثيق التي أقوم بها خاصة في مجال المقارنة ما بين صحافة مايو والإنقاذ. حدثني الدكتور "إسماعيل" أن صحيفة (القوات المسلحة) أبرزت قلمين صحفيين كانا يكتبان بالصحيفة، وهما الأستاذ الراحل "محمد محجوب سليمان" الذي أصبح فيما بعد المستشار الصحفي للرئيس "جعفر نميري" والدكتور "محمود قلندر". قال لي الدكتور "إسماعيل": إن الأستاذ "محمد محجوب" له أسلوب مميز في الكتابة وهو يشبه إلى حد كبير كتابات الأستاذ العملاق "محمد حسنين هيكل" لقد كان الأستاذ "سليمان" كاتب لمعظم خطابات الرئيس الراحل "جعفر نميري" بالإضافة إلى كتاباته للمؤلفين اللذين حملا اسم الرئيس "نميري" النهج لماذا؟ والنهج الإسلامي كيف؟ إضافة إلى كتاب ثالث يمجِّد فيه الرئيس الراحل "أنور السادات" بعد مقاطعة (كامب ديفيد). الأستاذ "محمد محجوب سليمان" كان يعمل في صمت داخل القصر، ولكن أتاح لعدد من الصحفيين العرب الالتقاء بالرئيس "نميري"، ولكن لا يظهر كثيراً في الإعلام، يحاول الانزواء حسب روايات كثير ممن عاشروه داخل القصر، فهاجر إلى مصر بعد انتفاضة رجب أبريل (1985م)، وعاش في مصر ومات في حادث انهيار العمارة التي كان يسكنها، صحيفة (القوات المسلحة) التي أنجبت "محمد محجوب سليمان" يمكن أن تقدم للصحافة المدنية كُتاب مميزين وبها عدد من الخامات الصحفية، يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في المجال الإعلامي، كما هو الآن للذين تخرَّجوا في مدرسة (القوات المسلحة) الأستاذ "يوسف عبد المنان" الصحفي الذي بنى نفسه وأهَّلها تماماً ليكون رقماً في مجال الصحف، وكذلك الدكتور "مكي محمد مكي" الذي هجر المهنة واقتحم عالم التدريس و"عوض سليمان" ما زال عطاؤه الصحفي مستمر في مجالات مختلفة والأستاذ "عثمان الهادي" وغيرهم من الصحفيين الذين أنجبتهم صحيفة (القوات المسلحة).