{ ما زالت طوابير الموت والأحزان تتطاول في بلادنا بسبب طائرات (الأنتينوف)، و(المروحيات) المتهالكة، والمطارات (الترابية)، وغياب فاعلية أبراج المراقبة، وانعدام أجهزة الملاحة الجوية الحديثة، واستمرار حالة الإهمال واللامبالاة في معظم مرافقنا العامة. { تموت قيادات الدولة في السودان بالجملة في حوادث الطائرات منذ أن استشهد نائب الرئيس اللواء "الزبير محمد صالح" ورفاقه عام 1998، مروراً بحادثة تحطم طائرة العقيد الشهيد "إبراهيم شمس الدين" وأبرز قادة القوات المسلحة في "عدارييل" عام 2001، وانتهاء بطائرة "تلودي" التي راح ضحيتها الشهداء بإذن الله الوزير "غازي الصادق" وكوكبة الأبرار الذين قصدوا "تلودي" لأداء صلاة العيد في أطراف جبال النوبة. { حوادث الطائرات في الدول الأخرى من حولنا نادرة، واستثنائية، فالرئيس المصري السابق "حسني مبارك" ظل يتنقل من مقر إقامته إلى قصر الرئاسة في "القاهرة" أو "شرم الشيخ" بمروحية، ولكن لم نسمع يوماً أنها تعرضت لعطل فني، أو نجا ركابها من حادث انحراف في الجو أو أثناء هبوط على المدارج الأسفلتية. { والرئيس الجديد "محمد مرسي" مضى أيضاً في استخدام (المروحيات) على طريقة "مبارك" في بلد الزحام، والكثافة السكانية الأعلى في الوطن العربي. فقد طار "مرسي" فوق سماء القاهرة مرات عديدة خلال الشهر المنصرم، من بينها رحلته القصيرة "بالهيلوكبتر" لأداء صلاة التراويح بأحد مساجد مدينة (6 أكتوبر)، هذا غير رحلته لمحافظة (سيناء) لتفقد موقع اغتيال (16) جندياً مصرياً بالقرب من بوابة "رفح"، والإفطار مع الضباط والجنود المرابطين على الحدود المصرية مع قطاع غزة. ولكن بالتأكيد الفرق شاسع بين نوع وطراز الطائرات التي يستخدمها الرئيس المصري السابق واللاحق، والطائرات التي يستقلها كبار الدولة في السودان!! { فالرئيس البشير استغل المروحيات وطائرات (الأنتنوف) مئات المرات، ولا شك أنه نجا من عشرات الحوادث، هو ونائبه الأول "علي عثمان محمد طه"، وبقية قيادات الدولة. { والرئيس البشير نفسه أصدر قراراً بحظر استخدام طائرات (الأنتنوف) و(اليوشن) الروسية قبل (4) سنوات، ولكن تم التحايل عليه، وإبطاله عبر مدخل الاستثناءات والمعالجات!! { والغريب أن الحكومة تحظر وتصر أيما إصرار على (حظر) استيراد السيارات (المستعملة)، ولو موديل 2011، - ويفترض أن قرار الحظر يراعي سلامة المواطن السوداني أولاً قبل توفير النقد الأجنبي – غير أن ذات الحكومة هي التي تسمح – عبر هيئة الطيران المدني – بعمل طائرات صُنعت قبل "ثلاثين عاماً"!! { لا بد من مراجعة عاجلة لتراخيص وملفات جميع الطائرات العاملة في شركات الطيران (الخاصة) والأخرى التابعة للمؤسسات السيادية، بما فيها طائرات رئاسة الجمهورية، والقوات المسلحة، والداخلية والأمن. { إن الدولة في حاجة ملحة جداً للتخلص فوراً من هذه (الخردة) المسماة طائرات، سواء كانت حكومية أو خاصة. { نقول هذا غض النظر عن نتائج التحقيق في أسباب سقوط طائرة "تلودي"، فحالة الطائرات العاملة في السودان، أسوأ من أن نربطها بحادثة واحدة. { ستظل التساؤلات مفتوحة حول خلفيات وأسباب الحادث الأخير، ولكن هذا لا يمنع من التأكيد بأن سماء بلادنا مستباحة لطائرات متهالكة، وطيارين (روس). { تقبل الله الشهداء وعلى رأسهم وزير الإرشاد "غازي الصادق"، ورئيس حزب العدالة الأستاذ "مكي علي بلايل" زميلنا الكاتب الراتب بصحيفة (المجهر) الذي سننشر له (غداً) مقالاً كتبه قبل رحلته الأخيرة إلى الله، لم يُنشر من قبل. { رحم الله "مكي بلايل" فقد كان رجلاً شجاعاً، وفارساً مقداماً، مدفعاً ثقيلاً في مواجهة متمردي (الحركة الشعبية – قطاع الشمال). { تقبلهم جميعاً في جنات الخلد والنعيم.