الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إشراقة" و"تراجي" و"بدرية" ثلاث نساء ومعركة واحدة
نشر في المجهر السياسي يوم 29 - 04 - 2017


قراءة في سطور خطاب الرئيس لأعضاء شورى الحزب الحاكم
عفو (الحوازمة) ينقذ أرواح ثلاثة شباب من مقصلة الإعدام
حديث (السبت)
يوسف عبد المنان
متغيرات عديدة تشهدها الساحة الداخلية على صعيد التوافق الوطني العام من جهة، وعلى صعيد المؤتمر الوطني ثمة متغيرات في خطاب الحزب السياسي ومنهجه في الشأن العام وترتيب الأولويات.. وإذا كان المؤتمر الوطني حتى عهد قريب يستمد وجوده المعنوي من إرث الحركة الإسلامية في المدافعة.. والمواجهة والتعبير عن المشروع بصوت مرتفع مصادم لمشروعات أخرى في المنطقة العربية والإسلامية.. وإزاء تلك وهذه كانت الاجتماعات التنظيمية حدثاً غطى عليه إعلامياً الحديث عن تشكيل الحكومة الجديدة.. وأسباب تعثر ذلك والمحاصصات المنتظر رؤية ثمارها الأسبوع الحالي أو القادم على أكثر تقدير.. في هذا المناخ انعقد المكتب القيادي للمؤتمر الوطني مساء (الأربعاء) بعضوية محدودة في مقر الطلاب الشهير بقاعة الشهيد "الزبير محمد صالح" للمؤتمرات بالقرب من القيادة العامة.. وتلك القاعة التي تستغلها أغلب القوى السياسية لإدارة أنشطتها شهدت في مساء (الأربعاء) أيضاً اجتماع المجلس القيادي الذي يمثل المكتب القيادي مضافاً إليه ولاة الولايات الموالين لحزب المؤتمر الوطني ونواب رؤساء المؤتمر الوطني بالولايات، واختارت قيادات الحزب إضفاء قدر من السرية على اجتماعات هذه الأجهزة في الوقت الذي فتحت أبواب الشورى التي عقدت في ذات القاعة صباح (الخميس) حتى شعر البعض بألفة المكان الذي لم (يفارقونه) منذ الرابعة من عصر (الأربعاء) وحتى الثانية من صباح (الخميس)، ليعودوا إليه في العاشرة وحتى الحادية عشر مساء (الخميس) لتبدأ جلسات المؤتمر العام وسط إرهاصات بتغييرات كبيرة في الحكومة الجديدة التي تنتظر وصول ترشيحات أهم حزبين شريكين للمؤتمر الوطني في حكومة الوفاق، هما الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي ذهبت الترشيحات لمولانا "الميرغني" ليضفي عليها مشروعية مؤسسية، والمؤتمر الشعبي الذي لا يزال يعالج بعض النتوءات التي طفحت بعد قرار المشاركة في الحكومة.. وفاجأ الرئيس "عمر البشير" في خطابه أمام شورى المؤتمر الوطني صباح (الخميس) بحزمة من المواقف.. والقراءات لمآلات الأوضاع السياسية في البلاد.. وحينما يتحدث الرئيس "البشير" بطريقته الخاصة يعبر عن الحكومة بدقة ويبعث برسائله مباشرة في بريد الآخرين.. ومن يستمع لخطابات "البشير" غير المكتوبة.. يشعر بحرارة التعبير وصدق المواقف ووضوح الرؤية.. والأهداف وعمق تشريح الواقع.
وخطاب الرئيس بالخميس أمام أعضاء الشورى القومية اتسم بثلاث ظواهر..
أولاً خلت تعبيرات "البشير" من توجيه النقد لمواقف الآخرين ولم يشأ الخوض في الخلافات مع أحزاب المعارضة.. وحتى حينما تحدث عن فرقاء الحوار الوطني الرافضين للانضمام إليه وصفهم بصفاتهم، وقال إن القوى الخارج الحوار هي بقايا الحركات المسلحة وما ينبغي من قبائل اليسار والإمام "الصادق المهدي"، وفي ذلك توصيف لواقع حال أكثر منه تقريعاً وذماً للآخرين.. وحتى عهد قريب كان الرئيس يصف الرافضين للاقتراب من الإنقاذ وغير المتوافقين معها والمعارضين الساعين لإسقاطها بالعملاء والخونة والمأجورين والحالمين بالسلطة، مثل هذه المفردات غربت شمسها وتوارت بعيداً.. وأصبحت تعبيرات الحكومة عن الآخرين تخلو من الأوصاف الذميمة وقد باعدت بين القوى السياسية في السابق زلات اللسان، ووجد "البشير" للمعارضين العذر وهو يقول إن الاختلاف من طبائع البشر الذين لم يجمعوا على الرسل فكيف لهم الإجماع على الآخرين.
ثانياً: لم يهاجم الرئيس أحداً.. ولا حكومة مناوئة لبلاده ولا حتى الدول التي تحتضن المعارضة لم يمسها بلسانه وأثنى على الانفتاح الذي تشهده علاقات السودان الخارجية، وتلك هي ثمرة جهود بذلها الرئيس شخصياً ومن خلال مبعوثيه حتى تحقق ما هو شاخص الآن.
ثالثاً: أشار الرئيس بذكاء إلى انتخاب الفرنسيين لرئيس عمره لم يتجاوز ال(37) عاماً ويقصد بذلك "إيمانويل ماكرون" الذي قد يختاره الشعب بعد أسبوع من الآن، وهي إشارة لرغبة الرئيس "البشير" بأن ينتخب الشعب السوداني في انتخابات 2020م، القادمة شاباً على الأقل في سن أقل من خمسين عاماً.. وحينما يأتي أجل الانتخابات فإن الرئيس
"البشير" يكون قد أمضى في السلطة أكثر من ثلاثين عاماً.. فهل يحقق المؤتمر الوطني رغبة "البشير" الشخصية في انتخاب رئيس شاب للبلاد أم يتم إعادة انتخاب "البشير" لأسباب موضوعية.. ومن المواقف الجديرة بالقراءة والوقوف عندها.. الثناء الذي بذله الرئيس لحكومته الحالية والتي كانت من قبلها.. وقال إن كشف الحساب وذكر عطاء الحكومة وإنجازاتها لا يعني أن الحكومة (تمتن) على الشعب الذي قال "البشير" إنه يستحق أن تقف الحكومة أمامه وتبذل له التحية تقديراً واحتراماً على صبره ودعمه لها.. وإذا كان الرئيس في الدورة قبل الأخيرة لشورى المؤتمر الوطني وفي آخر عهد البروفيسور "إبراهيم غندور" القصير في قيادة حزب المؤتمر قد وجه الرئيس انتقادات حادة لموسمية نشاط المؤتمر الوطني وانصراف قيادات المؤتمر الوطني للصراعات والخلافات، حتى صمتت قاعة المؤتمر.. وألجمت الدهشة الجميع كيف ينتقد الرئيس حزبه بتلك القسوة.. ولكن في اجتماعات شورى المؤتمر الوطني الحالية خلت تعبيرات الرئيس من نقد الذات بل أثنى على نشاط المؤتمر وحسن أدائه.. ونشاطه وهذه الشهادة بمثابة تجديد الثقة في المهندس "إبراهيم محمود حامد" الذي يقود المؤتمر الوطني بهدوء وتوافق جعل الصراعات القديمة تتراجع.. والجراح تندمل وشهادة الرئيس في حق تنظيمه الحالي هي إشارة لبقاء "إبراهيم محمود" إلى نهاية الدورة التنظيمية الحالية.
{ ثلاث نساء وثلاث معارك
يبدو أن الساحة موعودة ببزوغ نجم المرأة السودانية وسطوتها على الرجال.. وقد كشفت المؤتمرات التنشيطية للوطني أن إقبال النساء على المؤتمرات أكثر من الرجال، ولذلك شكلت المرأة حضوراً في المسرح السياسي السوداني خلال الشهر الماضي من خلال ثلاث نساء خضن معركتهن باتجاهات مختلفة.. وأولى تلك النساء "إشراقة سيد محمود" القيادية في الحزب الاتحادي الديمقراطي التي خاضت معركة تكسير العظام مع د."جلال الدقير" حتى خرج من أبواب السياسة السودانية من البلاد غاضباً إلى بريطانيا لسببين الأول ضيق صدر بعض المسؤولين في الحكومة من نشاط شقيق "جلال الدقير" الأصغر "عمر الدقير" رئيس حزب المؤتمر السوداني، والتعبير بطرق مباشرة عن عدم الرضا عن نشاط "عمر الدقير" وهجومه على رموز المؤتمر الوطني وقادته، في الوقت الذي يتحالف شقيقه "جلال" معه.. ومن ثم استغلت "إشراقة" مناخ التوتر بين د."جلال" والحكومة و(دقت) إسفيناً من خلال القبول بدور (برازة الشوك) وطعن "جلال الدقير" الذي حينما فاجأ الجميع وقدم استقالته من قيادة الحزب وصعد "أحمد جلال"، وجدت "إشراقة" نفسها أمام معركة المصير الواحد.. وصعدت حملتها في مواجهة د."أحمد بلال" لإرغامه على مغادرة البلاد على طريقة "جلال" لتضع يدها على الحزب. وفي كل يوم تستخدم "إشراقة" أسلحة جديدة وذخائر فاعلة لقتل خصومها لذلك شغلت الساحة وشكلت حضوراً كبيراً.
المرأة الثانية هي "تراجي مصطفى" التي عادت من المعارضة لتكشف المستور من الممارسات وتصبح شوكة في عنق "عرمان" و"الصادق المهدي" و"عقار" و"الحلو".. ولم تترك معارضاً للإنقاذ وإلا لاحقته بلسانها وظلت (تشتم) كل من يخالفها الرأي بلغة غير معهودة وبجرأة يحسدها عليها الكثيرون من رجال بلادي.. وفي يوم (الأربعاء) الماضي وجهت عتاباً ناعماً لحليفها المؤتمر الوطني وذلك لانشغال الوطني بالمحاصصات مع الأحزاب وصرف النظر عنها وأمثالها من الذين أسهموا في نجاح الحوار الوطني.. وطارت بمواقف "تراجي" الناقدة لتجاهل المؤتمر الوطني لها الأسافير في محاولة لضرب علاقتها بالمؤتمر الوطني وتصوير مواقفها بغير حقيقتها.. و"تراجي" التي لم تترك معارضاً إلا وسلقته بلسانها.. تستعد لمرحلة جديدة إما بخوض معاركها من قبة البرلمان كعضو لا ينتمي لحزب بعينه أو من خلال موقع وزاري في الحكومة القادمة وأينما ذهبت "تراجي" خاضت معاركها.
الوجه الثالث هو الأستاذة "بدرية سليمان" رئيس لجنة التشريع بالمجلس الوطني التي تمثل واحداً من الكفاءات القانونية النادرة وهي تتمتع بذكاء وقدرة على (سمكرة) الدساتير والقوانين وفق ما يطلبه (الحاكم) أي كان هذا الحاكم "البشير" أو "النميري"، أو أي جنرال آخر من القيادة العامة يأتي وباسم الشعب يحكم.. و"بدرية سليمان" واجهت حزب المؤتمر الشعبي الذي سعى لتأطير الحريات التي جعلها عقيدة له من خلال حزمة تعديلات دستورية دفع بها الحزب لوحده.. ووقفت كل القوى التي شاركت في الحوار بعيداً عن الشعبي واعتبرت قضية الحريات شأناً خاصاً بالشعبي.. وخرجت "بدرية سليمان" لقيادات الشعبي بارزة عكازها وعصاة السلطة لتهش بها "كمال عمر".. ود."علي الحاج" و"أبو بكر عبد الرازق".. ولأن الذي بيده القوة من يقرر الأشياء حسمت معركة التعديلات الدستورية لصالح رؤية "بدرية سليمان" التي لم تنسَ للإسلاميين معركة القدامى والقادمين في مايو وتنظر "بدرية" إلى المؤتمر الشعبي بعين السخط التي هي كليلة لكل حسنة لهذا الحزب.. لذلك هددت الشعبي بمقاضاته وآثر الشعبي الصمت وتدثر بالحكمة، وقال بعض قادته إنها (مأمورة)، ولكن استطاعت "بدرية" أن (تظبط) التعديلات الدستورية وفق رؤية المؤتمر الوطني وأعضائه في البرلمان وليس وفق مزاجها الشخصي.. وإذا كانت "إشراقة سيد محمود" قد جعلت الحزب الاتحادي برئاسة د."أحمد جلال" في حيز الاعتقال السياسي وسجنته في حيز ضيق جداً
وأضعفت مساهمته في الحوار الوطني وشغلته عن الدفاع حتى عن حقه في منصب مساعد الرئيس، فإن "تراجي مصطفى" قد (قلعت) نصيبها من السلطة بيدها.. وقد بعثت برسالتها في بريد "إبراهيم محمود" من خلال المؤتمر الصحافي الهام (الأربعاء) الماضي، فإن "بدرية سليمان" ستذهب إلى القصر وعلى وجهها ابتسامة الرضا بهزيمة تعديلات المؤتمر الشعبي لأنها خبرة ممتدة منذ عام 1970م، في (تظبيط) القوانين وسمكرة الدساتير.
{ قيمة العضو وحضور القبيلة في ساحة التعايش
في منطقة الزاكياب وقرى الأحامدة بشمال محلية بحري تتلاقح مكونات السودان وتنصهر في مجتمع واحد يتقاسم لقمة العيش والفراش المشترك.. والمصير الواحد في تلك المنطقة التي تبدو ملامحها مزيجاً من البطانة في الشرق.. ونهر النيل.. وشيء من بحر أبيض وقليل من غرب السودان الأوسط كردفان.. تنام منطقة الأحامدة والزاكياب غريرة العين.. يسودها الهدوء والتصالح والانصهار القومي.. رغم وجود أغلب مكونات السودان في تلك المنطقة عرب الأحامدة الذين يقطنون شمال الخرطوم بحري وجنوب النيل الأبيض والحسانية الممتد وجودهم من الشطيب والدويم وود شلعي حتى حدود نهر النيل.. والبطاحين الذين يقاسمون الشكرية بالحسنى في تمثيل المنطقة من خلال الشيخ "طه" نائب دائرة كرري الشمالية.. ولكنه من رموز البطاحين وقياداتهم الاجتماعية.. وبقدر ما أفسح أهل المنطقة لدكتور "عوض الجاز" لتمثيلهم في المجلس الوطني كان الشيخ "طه" ممثلهم الثاني في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم.
بهذا التمازج والتصاهر والتعايش استقبلت المنطقة مساء (الثلاثاء) الماضي ممثلين لقبائل السودان من الغرب والشرق ممثلين في قيادات سياسية ووزراء وزعماء إدارة أهلية ونقابيين وصحافيين، في مهمة غسل الدموع وتجفيف الدم ودعم التصالح والتصافي والعفو.. الذي أنقذ أرواح ثلاثة من الشباب كانوا ينتظرون ارتداء ملابس مقصلة الإعدام نزولاً لحكم نهائي ومصادقة من رئيس الجمهورية بإعدام الشباب الثلاثة لقتلهم ضابط الشرطة "بابكر أبو النو" قبل سبع سنوات من الآن.. وجاء الوفد يقوده "سلمان سليمان الصافي" الوالي السابق.. والوزير الحالي بصندوق دعم السلام وهو من الكفاءات والقدرات التي تملك القدرة على العطاء، ولكن ضاقت الكراسي ولم تتسع لأمثال "سلمان" الأذكياء الذين صقلتهم سنوات مايو وأنضجتهم تجربة الإنقاذ، وهو يمثل واحداً من رموز قبيلة الحوازمة الطرف الثاني في القضية الاجتماعية التي نتناولها في هذا الحديث، وإلى جانب "سلمان" من قيادات الحوازمة المهندس "مكي أحمد الطاهر" الإسلامي الزاهد في مغانم السلطة وبريق الحكم.. والقيادي في المؤتمر الشعبي "عبد الملك زكريا" والعمدة "إبراهيم عبد المنان" الذي كان له فضل قيادة مبادرة إنقاذ أرواح الشباب من مقصلة الإعدام.. والمهندس الزراعي "الطاهر".. والقيادي في المؤتمر الوطني والناشط في مكتب والي جنوب كردفان "ياسر مختار حسن" وممثل شيخ طيبة التجاني الطاهر" والدكتور "أحمد الصادق عبد المنان" من منظمة الدعوة ورجل الأعمال الشاب المهندس "جعفر إبراهيم أبو القاسم" والمهندس "الصادق إبراهيم"، ومن (الرزيقات) جاء النقيب "الصادق الرزيقي" ومن المسيرية "الخير الفهيم المكي" ومن الفلاتة "الختيم أحمد" رجل الأعمال الشهير.. ومن الشكرية ود الناظر "أبو سن" وصاحب أشهر منبر للإسلاميين في تطبيق الواتساب "حاتم أبو سن"، وما أدراك ما الزوراق.. استقبلت المنطقة الوفد بالترحاب والهتافات ونحرت الذبائح تعبيراً عن فرحة الأحامدة بقدوم وفد الحوازمة الذي لعب دوراً هاماً في التصالح والعفو بين الأسرتين المكلومتين بفتنة كادت أن تمزق أحشاء المنطقة، ولكن كما قال "الخير الفهيم المكي" وهو يتحدث لقيادات الأحامدة والحسانية، إن الحوازمة قبيلة متسامحة ولها قيمها في موروث العفو.. والتعالي على الجراح واحتضان الغريب والتعايش مع الآخر.. لذلك حينما وقعت الفتنة وقتل المرحوم المقدم مهندس "بابكر أبو النو" في حادثة بشعة اهتزت على إثرها ضمائر أهل السودان أرض البطانة.. وجعليين.. وحوازمة ورزيقات، تلك هي مكونات منطقة الأحامدة في شمال بحري.. كانت في ما سبق منطقة نفوذ سياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي وقد منحت أصواتها في الديمقراطية الثالثة للدكتور "محمد يوسف أبو حريرة"، أشهر وزير تجارة في السودان وأشرف من تولى حقيبة التجارة.. جاء من الجامعة وعاد إليها نظيف الثياب حسن السيرة والسريرة.. وفي الانتخابات الأخيرة منحت المنطقة أصواتها للدكتور "عوض أحمد الجاز" القادم من الشمالية بعد أن ضاقت كراسي التمثيل عند مسقط رأسه، فاتسعت له المنطقة الواقعة جنوب الجيلي فتنازل "محمدين العوض علي" أحد قيادات المؤتمر الوطني ورموزه عن مقعد البرلمان القومي، وقنع بتمثيل المنطقة في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ولجماعة أنصار السنة المحمدية نصيب. حضرت المحكمة.. وتمسك الجميع بقيم الفضيلة والعفو والصفح الجميل.. واستجابت أسرة المرحوم لمبادرات عديدة جاءت من الأهل والأصدقاء.. وعفا شقيقه "تاور أبو النور" كما عفا أبناؤه وبنات المرحوم نزولاً لرغبات الأهل.. خاصة بعد وفاة أحد المدانين داخل السجن.. وقد تصافى الأهل جميعاً على سراط التقاليد الاجتماعية والموروث من العادات الكريمة وخصال أهل السودان السمحة.. وقبل أن يجلس ثلاثة من الشباب على منصة المقصلة.. كتب لهؤلاء الشباب عمر جديد بفضل قيم التسامح والدين والعفو عند المقدرة.. وكان الشباب الذين خرجوا من مقصلة الإعدام إلى فضاء الحرية يستقبلون الضيوف في بشر ومودة وكرم أصيل وتبادل الوفد الكلمات مع الأهل من البطاحين والأحامدة والحسانية، وفاض كرم عربي أصيل في ذلك المساء تعبيراً عن الفرحة بخروج الشباب من السجن ومداً لجسور التلاقي والتعارف والتواثق، وهكذا تقاليد أهل السودان والوجه المضيء المشرق للقبيلة التي لا تعني التباغض والاحتراب والتنافس ولكنها تعني التعايش وإعلاء القيم الفاضلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.