هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يقود "إدريس دبي" مبادرة عودة "عقار" و"عرمان" للخرطوم من الجنينة؟؟
السهرة بين الأندلس والنادي الكاثوليكي سابقاً بالخرطوم
نشر في المجهر السياسي يوم 24 - 02 - 2018

ثلاثة أسباب أبعدت "إبراهيم محمود" وثلاثة جاءت بدكتور "فيصل"
هل يقود "إدريس دبي" مبادرة عودة "عقار" و"عرمان" للخرطوم من الجنينة؟؟
حديث السبت – يوسف عبد المنان
عند منتصف ليل (الأربعاء) حبس العالم أنفاسه ومصارعو الثيران الأسبان يخنقون شياطين مدينة مانشستر بملعب خوان شانسيس بإقليم الأندلس وواقعة آخر لقاءات دوري ثمن النهائي في مرحلة الذهاب بين العملاق الإنجليزي مانشستر يونايتد وصائد البطولات فريق أشبيلية العتيد الذي يجري تغيير اسمه ل(سفليا) بطريقة ناعمة ربما بهدف إلغاء آخر آثار الحضارة الإسلامية التي أقامها العرب البرابرة في المملكة الأسبانية، وقد دافع حارس يونايتد الأخطبوط "دخيا" عن مرمى الإنجليز في مواجهة أبناء جلدته الأسبان مثل دفاع "عثمان ابن موسى بن نصير" عن الأندلس نفسها قبل أن تتعرض خيولهم للانكسار في تلك اللحظات والمتعة حاضرة في شاشات التلفزة، والعالم يتنقل ما بين واقعة الأندلس ونزال ثوار أوكرانيا أو وحوش (شختار) وحراس مدينة روما في الأراضي الأوكرانية المحاصرة بثوار تدعمهم روسيا العجوز.. في تلك اللحظات كان السودانيون يترقبون عبر شاشات الهواتف المحمولة أخبار المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني.. وهل سيغادر المهندس "إبراهيم محمود" وحده؟؟ أم هناك زلزال شامل سيضرب الأراضي (الوطنية) حكومة وحزباً؟؟ بعد أن أصبح خبر إعفاء "إبراهيم محمود" معلوماً للكافة منذ شهر لثلاثة أسباب وتعيين أو اختيار خليفة له د."فيصل حسن إبراهيم" لثلاثة أسباب أيضاً.. وغالَب الصحافيين النعاس وهم جلوس ينتظرون ما يخرج من الغرف الصماء التي جمعت قادة الحزب الكبير.. وخروج (الطبخة) لتهرع نحوها الأيدي الجائعة.. وحينما خرج د."فيصل حسن إبراهيم" من اجتماع المكتب القيادي أدرك الجميع أنها لحظة الجرح والتعديل الذي يتطلب خروج المجروح فيه كما جرت تقاليد الإسلاميين الراسخة التي ورثها حزبهم المؤتمر الوطني، ولم يسأل د."فيصل حسن إبراهيم" عن نتيجة مباراة المريخ والفريق البتسواني المغمور، وكان حينها المريخ قد كتب بنفسه تأشيرة خروجه من البطولة الأفريقية، ولكن غالب قيادات المؤتمر الوطني من (التنظيميين) وكوادر العمل الخاص ومنهم د."فيصل حسن" لا تشغلهم الرياضة العالمية ولا المحلية ولا يستمعون ل"وردي" وهو يغني كلمات "مبارك بشير":
ترتاحي فوق الأمسيات
تلقى الحبايب لسه في.. أريتني
لما الليل يضيع في المجلس الدافي الوفي
ساهد أغني الذكريات..
وكان مجلس الوطني قد حسم أمر مغادرة "إبراهيم محمود" لثلاثة أسباب سنأتي لذكرها.. واختار د."فيصل" لثلاثة أسباب.. ونبدأ بمغادرة المهندس "إبراهيم محمود" التي جاءت على خلفية انعقاد شورى الوطني الأخيرة بعد تعثر وممانعة وتأجيل لأكثر من مرة.. وداخل شورى الوطني هرعت قيادات في مداولات الورقة السياسية وهي تطالب باستباق الأحزاب الصديقة والكيانات الاجتماعية وترشيح الرئيس قبل أن يحين وقت الترشيح وتعديل اللائحة والدستور لذلك الغرض النبيل.. ورأى بعض قادة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية د. "أمين حسن عمر" و"الزبير أحمد الحسن" ود. "عصام أحمد البشير" أن ترشيح "البشير" في الوقت الراهن كالصلاة قبل وقتها.. ووصف "الزبير أحمد الحسن" أشخاصاً يقودون هذا التيار ب(البروس) أي النبات الذي لم يزرع في الأرض ونبت عشوائياً.. وتداعيات الشورى جعلت القيادة تسرع الخطى بتغيير نائب رئيس الحزب.. والسبب الثاني الذي اتخذه البعض ذريعة وعدّ دليلاً على ضعف حزب المؤتمر الوطني وتردد قيادته في حسم الصراعات، هو ما حدث في ولايات الجزيرة والبحر الأحمر وجنوب دارفور، وإذا كان المهندس "آدم الفكي" بخبرته السياسية وعمق رؤيته قد حسم صراعات دارفور بمساعدة النائب "حسبو محمد عبد الرحمن" والفريق "حميدتي" اللاعب الرئيسي في ولايات دارفور، فإن صراعات الجزيرة والبحر الأحمر بطلها د."محمد طاهر أيلا" وهو الذي ينسج خيوط اللعبة ما بين مدني وبورتسودان.. ووجد المهندس "إبراهيم محمود" نفسه في موضع لا يحسد عليه.. إما الوقوف مع "أيلا" وخسارة حزبه وقياداته.. والانتصار لرؤية مركزية القيادة وتحمل ثمن ذلك تاريخياً، وإما التزام جادة الاستقامة والنزاهة.. وما بين "أيلا" و"إبراهيم محمود" تقاطعات تبدأ بالسياسة ولا تنتهي عند ثنائية بني عامر -هدندوة في شرق السودان، لذلك آثر "إبراهيم محمود" تشكيل لجنة د."الحاج آدم يوسف" التي ذهبت توصياتها أدراج الرياح واتخذ الرئيس قرار حل المجلس التشريعي وإنهاء الصراع بحسم كان حرياً بالحزب ونائبه "إبراهيم محمود" القيام به!! أما ثالث الأسباب التي دفعت لإنهاء خدمات الرجل في الحزب فتمثل في الصراعات الداخلية وإقصاء كامل لقيادات لها تأثيرها على الحزب مثل د. "عبد الرحمن الخضر" و"أسامة عبد الله"، واتهم المساعد السابق للرئيس بموالاة تيار مزعوم داخل الحزب يقال همساً وأحياناً جهراً إن د."نافع علي نافع" هو قائده السياسي ومرجعيته.
لقد ذهب "محمود" وتجربته بكل إشراقاتها وإخفاقاتها، وجاء لقيادة الحزب الدكتور البيطري "فيصل حسن إبراهيم" وذلك لمعالجة قضيتي الانتخابات وتقوية أجهزة الحزب وتعديل لائحة الحزب بإلغاء مشروطات دورتين تنظيميتين، وتعديل الدستور الذي يقيد ترشيح الرئيس لأكثر من دورتين.. والخطوة القادمة التي تنتظر الدكتور "فيصل" هي التنسيق مع البرلمان بقيادة جديدة أو بقيادته الحالية لضمان حصول التعديلات المرتقبة على أصوات ثلثي الأعضاء، كما نص على ذلك الدستور نفسه.. ود. "فيصل حسن إبراهيم" عرف بالانضباط التنظيمي والصرامة الظاهرة وهي لا تعبر عن حقيقة دواخله النظيفة البسيطة.. كما أن تقطيب تقطيب الجبين نفسه مع غياب الابتسامة لا يعبر- أيضاً- بدقة عن تكوين ابن بادية الجوامعة في كردفان التي بتعيين د."فيصل حسن إبراهيم" تنال ما تستحق من السلطة، وكانت كردفان والجزيرة من أكثر أقاليم البلاد ضعفاً في التمثيل.. ويعدّ د."فيصل حسن إبراهيم" شخصية تنظيمية تميل للصمت والدقة في التنفيذ واحترام القيادة العليا للدولة، وهو خريج مدرسة د. "نافع علي نافع" التنظيمية، لكنه تجاوز القطبية والتيارات واختار الانفتاح على كل مكونات حزب المؤتمر الوطني ومد جسور الوصل مع الشيخ "علي عثمان" في الفترة الأخيرة، الشيء الذي أغضب "إبراهيم محمود" وترتب على ذلك إعفاؤه من منصب أمين التنظيم في الحزب.. وبدأت التقاطعات بين د. "فيصل" و"إبراهيم محمود" في التعيينات لمناصب الوزراء والمعتمدين، حيث يعدّ تعيين الولاة مسؤولية حصرية للرئيس.. والخبرة الطويلة لدكتور "فيصل" بدهاليز التنظيم وقيادات الحزب من الحركة الإسلامية والقادمين من الأحزاب الأخرى، وتواصله الاجتماعي والواسع مع الناس العاديين وتواضعه، كل هذا يعدّ مفاتيح النجاح للفترة القادمة، وقد ساهم الرجل في هندسة حزب المؤتمر الوطني الحالي مع د."نافع علي نافع" و"بلال عثمان" و"السميح الصديق" والمهندس "حامد صديق" بعد المفاضلة الشهيرة التي رفعت من د."فيصل" لولائه الشديد للفريق "البشير" من وزير بولاية الخرطوم إلى والٍ بشمال كردفان، استطاع خلالها أن يؤسس لقاعدة عريضة جداً من الجماهير المرتبطة به وشديدة الولاء والوفاء له حتى بعد تعيين "أحمد هارون" الذي تجاوز ضيق أوعية الحزب بحشد السودانيين (من طرف) كما يقولون، والتعويل على الولاء الجمعي لكردفان والسودان بدلاً عن الولاء الحزبي.
احتفظ د. "فيصل" بجماهيرية كبيرة في كردفان ولن يجد الرجل صعوبات كبيرة في إعادة ترميم البناء الحزبي، ولكن المطلوب منه في ذات الوقت تولي ملف المفاوضات مع الحركات المسلحة والحركة الشعبية على وجه الدقة.. ولدكتور "فيصل" تجارب عديدة في هذا بقيادة التفاوض مع مجموعة "جلاب" قبل أن يرتمي في أحضان "عرمان" مدفوعاً بالأطماع والخصومات مع "الحلو"، وكاد د. "فيصل حسن إبراهيم" أن يفقد حياته العام الماضي لولا تدخل الاستخبارات العسكرية وإيقاف اللواء "ياسر العطا" لخديعة ومكر ودهاء "عبد العزيز الحلو" الذي قدم طعماً ل"فيصل حسن إبراهيم" بزعم أن قيادياً في الحركة الشعبية من القادة الميدانيين "عبود أندراوس" يطمح في العودة وتوقيع اتفاقية سلام من خلال اتصالات بين المتمردين والوزير "الطيب حسن بدوي"، وتم تحديد منطقة يفترض أن يلتقي فيها الوزيران "الطيب" و"فيصل" بقادة التمرد.. ولكن الاستخبارات العسكرية التي (أبعدها) الوزير "الطيب بدوي" عن المفاوضات رصدت مكالمة عن اصطياد (الغزالتين)، وبدهاء رجالات الفريق "جمال عمر" تم تفكيك المصطلح.. وإجهاض المخطط.
وتقع على عاتق المساعد الجديد للرئيس مسؤوليات التفاوض المباشر مع التمرد.. والتفاوض غير المباشر مع المبعوثين والآلية الأفريقية، وتلك مهمة عسيرة في ظل تباعد المسافات والمواقف بين "الحلو" والخرطوم.. خاصة وقد كشفت الحركة الشعبية عن أجندتها الحقيقية في المفاوضات الأخيرة.. والمهمة الأخيرة التي تنتظر الدكتور "فيصل حسن إبراهيم" هي إعادة تكوين أمانات حزب المؤتمر وإعادة تشكيل القطاعات التي تبدت عليها علامات الشيخوخة والضعف الشديد، خاصة القطاعين السياسي والإعلامي.. ورغم التبديلات التي طرأت هنا وهناك إلا أن ثمة حاجة حقيقية لخبرات مثل "أسامة عبد الله" في الملفات التنظيمية ود."عبد الرحمن الخضر" في الملف السياسي، وعودة "ياسر يوسف" لقطاع الإعلام في الحزب بعد أن شغلت قضايا الكهرباء والسدود ومفاوضات سد النهضة وتقاطعات مياه النيل و(زيرو عطش) وغيرها من الملفات الوزير "معتز موسى" عن ملف الإعلام الذي ظل في الفترة الأخيرة غائباً عن الساحة رغم حضور أمين أمانة الصحافة "محمد الفاتح" بنفسه في المناسبات الاجتماعية.
{ "عرمان" و"الحلو" في تشاد
لم تجد الحركة الشعبية فصيل "عقار- عرمان" لنفسها موطئ قدم في المبادرة الأفريقية التي يقودها الرئيس الجنوب أفريقي السابق "ثابو أمبيكي"، وتم طردها باتفاق ثلاثي غير معلن، أطرافه الحركة الشعبية الأصل بقيادة "عبد العزيز الحلو" وتعبير (الأصل) من عندنا، والحكومة التي لا تنظر ل"عرمان" إلا بعين السخط.. والطرف الثالث الآلية الأفريقية رفيعة المستوى التي اعتمدت شرعية فصيل "الحلو" كممثل للحركة الشعبية التي وقعت على إعلان مبادئ الحل ولكنها تركت الأبواب مواربة لدخول "عقار" و"عرمان" من خلال اتفاق خارطة الطريق.. ووجد "ياسر عرمان" نجم جولات التفاوض التي بلغت (14) جولة منذ اتفاق مبادئ الحل الذي وقعه "مالك عقار" ود."نافع علي نافع" في أديس أبابا، وأجهضه "الطيب مصطفى" بتحريضه على الاتفاق بغير وعي، وجد "عرمان" نفسه قد أصبح معلقاً على الأحداث ومراقباً لمسارات التفاوض المتعثرة، بعد أن كان نجماً في المفاوضات تسعى وراءه أجهزة الإعلام لتظفر بأحاديثه المثيرة.. وانتهت جولة المفاوضات الأخيرة دون التوصل لاتفاق بوقف العدائيات للأغراض الإنسانية، ولكن وضع الفرقاء قاعدة صلبة لاتفاق قادم قبل حلول الخريف القادم، كما تقول المصادر الخاصة.
في هذا المناخ الذي ينبئ عن خروج الجناح السياسي للحركة الشعبية سابقاً ممثلاً في "عرمان" و"عقار" من الملعب بخدوش وإصابات متفاوتة، قفز "عرمان" من الجنوب باتجاه الغرب وطار إلى العاصمة التشادية أنجمينا الأسبوع الماضي في مهمة تكتمت الحركة جناح "عقار" و"عرمان" عن كشف أجندتها.. ولكن مصادر قريبة من "عرمان" قالت إن الزيارة لها علاقة بمبادرة جديدة للرئيس "إدريس دبي" بصفته رئيساً للاتحاد الأفريقي قبل انقضاء مدة تكليفه لفتح نافذة حوار بين فصيل "عقار- عرمان" والحكومة.. وجاءت الزيارة بعد أسبوعين من زيارة وفد سوداني رفيع المستوى إلى العاصمة التشادية أنجمينا، قدم فيها الدعوة إلى الرئيس "إدريس دبي" لزيارة مدينة الجنينة الحدودية ولقاء "البشير".. والوفد الحكومي الذي زار أنجمينا ضم قيادات لها علاقة مباشرة بملف المفاوضات، مثل الدكتور "فيصل حسن إبراهيم" الذي قاد التفاوض من قبل مع اللواء "خميس جلاب" في كمبالا وإثيوبيا، والفريق "أسامة مختار" نائب مدير جهاز الأمن السابق، ووزير الدولة بالخارجية السابق السفير "عطا المنان بخيت"، ووزير الدولة بالتجارة "الصادق حسب الرسول".. إضافة للوالي "فضل المولى الهجا" الذي تستقبل ولايته هذا الأسبوع الرئيسين "البشير" و"إدريس دبي" الذي قاد مبادرات عديدة لصالح السلام في السودان، لكن كل جهوده السابقة تم حصرها في ملف دارفور فقط.. ولم تتعدَ حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان بقيادة "مناوي".. وحقق "دبي" النجاح في بعضها وأخفق في أخرى.
لكن الخوض في ملف الحركة الشعبية في الوقت الراهن وفتح مسار تفاوض جديد في أنجمينا من شأنه إحداث ربكة شديدة وخلط للأوراق.. وقد ذكرت صحيفة (إيلاف) السودانية الصادرة (الأربعاء) الماضي أن الحركة الشعبية فصيل "عبد العزيز الحلو" قد هددت بالانسحاب من مفاوضات أديس أبابا حال إقدام الحكومة على فتح نافذة تفاوض مع فرقاء الشعبية من مجموعة "عقار- عرمان"، وهذا التهديد لا يعدو كونه مناورة سياسية بغرض احتكار التفاوض بشأن المنطقتين حاضراً ومستقبلاً، وجعل ذلك (حاكورة) خاصة ب"الحلو" الذي بسط نفوذه على جبال النوبة تماماً.. ويقود حرباً في الميدان لإزاحة "مالك عقار" من النيل الأزرق وتنصيب اللواء "جوزيف تكة" مكانه.. ورغم أن "الحلو" يعلم بدور "مالك عقار" والجنرال "أحمد العمدة" في النيل الأزرق باعتبار الأول هو مالك شهادة البحث الخاصة بالتمرد في النيل الأزرق، إلا أن "الحلو" المزهو جداً بقوته العسكرية يسعى لإبعاد "مالك" و"عقار" من المشهد في المنطقتين.. فهل يستطيع ذلك؟؟ وهل تملك الحركة الشعبية الحق في منع الحكومة من التفاوض مع بقية الفصائل التي تحمل السلاح في المنطقتين، بغض النظر عن ضعفها أو قوتها؟؟ وهل الحكومة سعيدة بالتفاوض مع "عقار" و"عرمان" من واقع بغضها الشديد للثاني وهي لا تطيق النظر إليه مرتين وهو جالس في الصفوف الأمامية لوفد الحركة حينما كانت موحدة، فكيف لها الدخول في تفاوض معه، وقد دبّ في حركته العجز والوهن.. وأصبحت ظاهرة صوتية في الفضاء الإسفيري.. وبعد أن غازل "مالك عقار" الحكومة في فترة سابقة وخاطبها بما تحب أن تسمع باستعداد الحركة لدخول ساحات الانتخابات القادمة من خلال تحالفات مع كيانات سياسية أخرى، طربت الحكومة للحن "عقار" الشجي لكنها طالبته إمعاناً في تسفيه قدراته بأن يعود للداخل وينبذ الحرب، ويسجل حزباً سياسياً جديداً لتنظر الحكومة في إمكانية إسقاط العقوبة القضائية التي صدرت بحق قادة الحركة الشعبية "عرمان" و"عقار" بالقصاص شنقاً حتى الموت.. فهل يملك "إدريس دبي" في هذه الظروف شديدة التعقيد القدرة على خوض الوحل والطين والمبادرة سياسياً بإعادة "مالك عقار" و"ياسر عرمان" لمائدة حوار تتوسط فيه أنجمينا بين هؤلاء والحكومة؟؟ أم أن كل ما حدث مجرد مناورات من الفصيل السياسي للحركة الشعبية سابقاً لإخراجها من الواقع الذي تعيشه حالياً والعزلة الدولية التي تعانيها خاصة بعد أن تسلم "الحلو" كل ملفات الحركة ونال اعترافاً دولياً من الوسطاء وال(ترويكا) الغربية التي اعترفت بحركته رغم أن هناك تعاطفاً من قبل بعض الدبلوماسيين الأمريكيين مع "ياسر عرمان" بشخصه ما دفع أحدهم إلى مطالبة وفد الحركة الشعبية بحضور المفاوضات ممثلاً في "ياسر عرمان"، لكن الحركة رفضت ذلك.. وربما بسبب هذا الرفض لجأ "عرمان" إلى "إدريس دبي" ليجد له ثغرة يتسلل عبرها إلى ساحات التفاوض المعلنة والغرف المغلقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.