خروف العيد .. سيكون هو بطل الساحة خلال الأيام القادمة، بحيث يبتسم الناس إذا ابتسم (الباسم)، ويبكي الناس إذا عبس في وجوههم! بعض التوقعات، كما قرأنا، تقول إن الخروف سيكون ما بين 1000 جنيه، و1500 جنيه، ونحن هنا نتكلم بالجديد، لأننا نسعي للتهوين لا التهويل، ولو أردنا غير ذلك .. لتحدثنا بالقديم الذي نبكي عليه الآن ولقلنا ان تلك الأسعار تتراوح بين المليون، والمليون وخمسمائة ألف جنيه ! لا أعرف مصدر التوقعات، لكن التجربة تقول إن كل الأشياء تطير في السودان (عدا الأنتينوف) ، والخراف السودانية ليست أقل شأنا من البنزين والأدوية والدولار والزيت والسمن والسكر ! لكن الغريب في الخروف السوداني، أنه لم يثبت قط على معدل سعري لعامين متتاليين، فالخروف الذي كان قبل ثماني سنوات لا يتعدى حاجز المائة وخمسين جنيها، هو نفسه الذي بيع في أضحية العام الماضي بستمائة جنيه، وهو نفسه الذي سيناهز هذا العام الأسعار المتوقعة، وهي ما بين الألف، والألف وخمسمائة جنيه ! لم ينفع مع الخروف طوارئ الجفاف، أو بحبوحة الخريف والمراعي، أو أمراض الضأن، أو استمرار التصدير، أو إيقافه، فظل يمارس الزيادة السعرية السنوية، ولا نعرف هل كان ذلك دليلا على ارتفاع الإقبال عليه، أم أنها جزء من آفتنا الاقتصادية الكبرى .. التي تجعل الجنيه يتآكل، فيفقد قيمته باطراد يوما بعد يوم، دون قدرة منا على فعل شيء ! بصراحة .. الحديث عن (المليون)، و(المليون ونصف) .. يجعل أي عاقل يعيد النظر في إمكانية شراء الخروف، فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها، لكن ما يقتل فرحة العيد، ويثير التوجس عوضا عن السرور، أن هذا يحدث في السودان، الذي يصدّر الضأن للآخرين، فينحرون ضحاياهم، في حين يبقى الناس في الداخل ما بين مكلف نفسه فوق ما تطيق، وبين تارك للضحية .. بسبب ضيق ذات اليد !! سمعت أن هناك خططا للسيطرة على أسعار الضأن، على الأقل في فترة الأضحية، غير أنها لم تتحور بعد في خطوات يمكننا مناقشتها، لكن ما يستغرب له، أن حكومتنا تبيع الخروف للآخرين بحدود مائة دولار للرأس، وهو ما يساوي ستمائة جنيه بسعر السوق الأسود بالسودان، ولا تستطيع أن تشتري هي خرافنا بالجملة .. لتبيعها لنا بنفس السعر، أي ستمائة جنيه ! وحتى الستمائة جنيه .. تبدو سعرا غير مقبول، ما دام هو السعر الذي يتم به التصدير، فالمنطق يقول إن أسعار الداخل، يجب أن تكون أرخص من أسعار الخارج، لكن من الذي يعمل بالمنطق .. في زمن أضحى كل شيء فيه يسير بالمقلوب ؟! خروفنا عزيز علينا، وهو جدير بالعناية والتقدير، ولا نريد له التبخيس داخليا أو خارجيا، ومع ذلك لا نريد أن تكون أسعاره عبئا شديد الثقل على كواهل الناس، والتي أضناها الغلاء، وأفقرها أهل السياسة، فلم يعد بإمكانها تحمل المزيد من ضنك الحياة وصعوبات دروبها . خروف الأضحية سيكون بطل الأيام القادمة، والأمل أن تحدث انفراجة .. تساعد الناس كي يشاركوا بالنحر، بدلا أن يكونوا مجرد جمهور من المتفرجين، ينفض سامرهم بعد انتهاء العرض !