على ساحل بحر الصين الجنوبي، وقف الرجل مثل حمار الشيخ في العقبة، ورفض الدخول إلى اليخت السريع، المتجهة إلى جزيرة (لنكاوي)، تذكر الرجل الذي أصبح يخاف من ظله، مآسي العبّارات البحرية في جنوبي شرقي آسيا، كان الرجل سبق وأن دفع تذكرة الرحلة البحرية التي تستغرق ست ساعات ذهاباً وعودة وخاف من أهول البحر، وقال وهو يكتم ضحكة مكتومة في أعماقه، ويمد بصره صوب البحر المفتوح (الرجالة تطير العمر مش بعزقه)، يخرب عقلك راجل، المهم يتذكر صاحبكم الرجل أنه لم يكن يعرف الخوف في الماضي، يا الله في الزمن المضيء كشمعة في مهب النسيم، كان يتسلق أشجار النخيل ويرمي نفسه في مياه (الدميرة) الغاضبة، الآن لا يجرؤ والله العظيم في الوجود وحده بشط النيل، يخاف من المجهول وتناوشه الهواجس اللعينة، إنه منطق الزمن، يتذكر الرجل خوفه من ركوب البحر والسيارة تنطلق على أسفلت الطريق الساحلي، ورائحة الرطوبة تتدفق ممزوجة بإيقاع المطر، وفجأة يطل السيد الخوف مرة أخرى في جوانب نفسه، يخاف أن يصدمه سائق أرعن على شاكلة السائقين في شوارع العاصفة القومية، وقبل أن تبرد حرارة الخوف يتسلل من مذياع السيارة بوح مجروح يا سعود مرت خمسة وعشرون من الشهر ما شفتا خلي خايف عليه من الخطر وسط البساتين شرقي حوّلي يوووووووه ما أقسى الخوف العاطفي، خوف يتسلل إلى وعي المحبين من الفراق، من عربة الزمن، من هروب أحدهم من الآخر وتركه يندب حظه وآماله على قارعة السنين، يتذكر الرجل الخواف في تلك اللحظة، الكثير من مفردات الخوف في الخطاب الغنائي العربي من الماء إلى الماء، ومنها يا قلبك الخواف لفنان العرب "محمد عبده"، وخوفي تنساني وتنسى للراحل "محمد وردي"، فضلاً عن خايف تفوت والسكة بيك ما تلمني، لرجل أصبح الخوف بصراحة كده عديييييييل من أبجديات حياته، يتذكر في أمسية مرمية على خاصرة الزمن الإلكتروني كتب لها (خايف عليك يا حلوة مني)، وفي اليوم الثاني بحث عنها في زوايا الزمن، كتبت له روشتة الوداع مضمونها أنها تخاف أن تتعلق به أكثر وتجد نفسها في النهاية تمسك بالهواء، آآآآآه يا خوف.