(1) إن كانت الحركة الإسلامية بخيلها ورجلها قد أُدخلت في بيت الطاعة الحكومية؛ فكيف بمجلس شورى المؤتمر الوطني، فهو لا محالة لها خاضع وفي غرامها واقع.. بالأمس القريب عرقل الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس الأمريكي تعيين وزير الدفاع المقترح من جانب الرئيس "باراك أوباما"، وهو بالمناسبة جمهوري (والله عفيت منهم).. تلك العرقلة أكدت أن نواب الكونغرس ليسوا نواب إشارة، لا أقول إنهم يحكمون ضميرهم فتلك فضيلة لا وجود لها في بلاد العم سام، ولكني أكاد أجزم، أنهم يتخذون قراراتهم بحرية وبمعزل عن التأثير الخارجي وأسلوب (الريموت كنترول).. أمس الأول الجمعة انعقد مجلس شورى المؤتمر الوطني الذي أنهى ختام دورة انعقاده السادسة، وأصدر بياناً حافلاً ب(كلام الشِعر) ولم نسمع باعتراض واحد على (خمج) الحكومة وكأن صحائف أدائها لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. المجلس طالب بإعادة هيكلة الدولة لجهة تخفيض الإنفاق الحكومي، ولم يدن تلكؤ الحكومة في عمل هيكلة جادة.. قيل إنه شدّد على ضرورة الاهتمام بقضايا المواطن الحياتية.. وأيضاً قيل إنه شدّد على ضرورة مكافحة الفساد والإسراف في هدر الموارد وسن قوانين رادعة ضد تجار النقد الأجنبي.. كلها عبارات فضفاضة وهلامية على شاكلة (دعا) و(طالب) و(دان) و(شدّد) وهكذا هلمّ جراً، دون أن نلمس شورى تزلزل أركان التباطؤ والتلكؤ والانهزامية. (2) خبرٌ مفرحٌ أشار إلى قيام قيادة الفرقة (22) مشاة ببابنوسة بالقبض على (50) شاحنة محملة بالوقود والمواد الغذائية مهربة إلى دولة جنوب السودان.. فالتهريب إلى دولة عدوة خيانة كبيرة وتخريب للاقتصاد، فضعاف النفوس يهربون خيرات البلاد ويقبضون مقابل ذلك العملات المزيفة، فتخريب الاقتصاد الوطني تخريب مركب أو مزدوج.. المهربون حاولوا تجاوز الحدود عبر طرق فرعية غير مطروقة وبتصاريح سفر (منفستو) لوجهات ومناطق أخرى لا علاقة لها بالمنطقة.. هل ما زالت حالة الطوارئ في المناطق الحدودية قائمة؟ ولماذا لم تستطع وقف عمليات الخيانة والتهريب؟.. نرجو ألا تكون الشاحنات المقبوض عليها هي رأس جبل جليد التهريب، وأن ما خفي أعظم. (3) عضو الكونغرس الأمريكي الشهير "فرانك وولف" طالب قبل عدة أيام بسرعة تعيين مبعوث أمريكي جديد للسودان.. "وولف" قال وهو يحاول تدعيم وجهة نظره إن التوتر بين الخرطوم وجوبا قد يبلغ نقطة اللا عودة!!.. يا أمريكا أكثر من (20) سنة وسفارتك بدون سفير ومغلقة في أحايين كثيرة، وتزعمين أنك مهتمة بقضية السودان.. لماذا لا ترفعين تمثيلك في السودان إلى سفير إن كنت صادقة في نواياك وأنا شخصياً أشك في ذلك، وعندها لن تكوني في حاجة إلى تعيين مبعوث (ولا يحزنون).. من قبل ذرفت وزارة خارجيتنا الدموع وهي تودع المبعوث الأسبق "اسكود غرايشون"، خارجيتنا قالت في بيان لها وهي لا تخفي (حسرة) عليه إنها تتطلع أن يستصحب خلفه "برينستون ليمان" ما سمته بالإرث الإيجابي الذي تركه "غرايشن"، خاصة فيما يتصل باحترام تعهدات الولاياتالمتحدة السابقة في رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتطبيع العلاقات والتزام الحيادية بين طرفي السلام، وتعزيز الثقة.. المشكلة ليست في شخصية المبعوث أياً كان ولا حتى في شخصية الرئيس الأمريكي نفسه ولكن المشكلة في العقل السياسي الأمريكي إجمالاً.. نعم "غرايشون" بخلفيته العسكرية المنضبطة كان قد نقل بكل (واقعية) ما رآه ولمسه في السودان خاصة دارفور، وخلص إلى أنه ليس هناك دليل على تبني السودان للإرهاب، وليست هناك إبادة جماعية، وأوصى برفع العقوبات عنه والبدء في تطبيع العلاقات بين البلدين، لأن كل ذلك يصب في حل مشكلة دارفور.. ربما ظن "غرايشون" خطأً ومعه كذلك "أوباما" أن جماعات الضغط التي تتبنى قضية دارفور في أمريكا تسعى فعلاً لحل القضية.. تلك المجموعات طالبت بإقصاء "غرايشون" وكان ذلك يصب في اتجاه سعيها لإبقاء قضية دارفور بدون حل.. بالأمس بدلاً من أن تصدر الخارجية الأمريكية بياناً أو تصريحاً يشيد بتوقيع الحكومة اتفاقاً في الدوحة مع حركة العدل والمساواة، طفقت تتحدث عن ضرورة وقف القصف الجوي المزعوم للقرى والبلدات في دولة الجنوب!! • آخر الكلام: في عهد سحيق استشارت الملكة "بلقيس" قومها وقال الله تعالى على لسانها: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) النمل الآية 32.. لعمري إن تلكم المرأة بذلك السلوك القويم ضربت مثلاً رائعاً على أهمية الشورى في إدارة البلاد والعباد.