اللورد كتشنر وفي حملة غزوه للسودان في نهاية القرن التاسع عشر توقف عند مدينة فركة وخاطب الاهالي قائلا لهم انه جاء مكلفا من حكومة صاحبة الجلالة لحماية الاسلام والمسلمين من محمد احمد ( المتمهدي ) عدو الاسلام لانه منع الحج ولكن مالم يقله كتشنر ان المهدي منع الحج من اجل الجهاد ثم عدد بعض المواقف التي اعتبرها بعض العلماء خروجا للمهدي عن بعض المذاهب الدينية. مناسبة هذه الرمية انه لدينا اليوم حكومة منعت الحج بالنسبة للفقراء وجعلته دولة بين الاغنياء ولانشير هنا للحج السياحي (فهذه قصة اخرى) انما نشير للحج العادي (حج الله والرسول) فقبل ايام اعلنت الحكومة (ممثلة في مين ماعارف) ان تكلفة الحج العادي ثمانية آلاف جنيه اي ثمانية ملايين (قديم) وبررت ارتفاع التكلفة لارتفاع الايجارات والاعاشة وانخفاض قيمة الجنية السوداني. ثم توافد الذين ينوون الحج مع القدرة على الثمانية ملايين ودفعوا المطلوب وبدأوا اجراءاتهم وبالطبع قامت الدنيا ولم تقعد على هذا المبلغ الكبير فكتب احدهم ان هذا المبلغ يمكن ان يسافر به الى ماليزيا او امريكا (ابعد البلدان عن السودان) في طيران درجة اولى ويمضي شهرا كاملا في فندق خمسة نجوم. وكتب آخر ان الحاج في مصر( القريبة دي) يدفع ثلث هذا المبلغ. وقال آخر انه اذا انسحبت الدولة من موضوع الحج يمكنه ان يحج بالفين جنيه اي اثنين مليون قديم فقط. والحال هكذا تدخلت لجنة الشئون الاجتماعية بالمجلس الوطني في الامر واجتمعت بالجهات القائمة على امر الحج وقالت لهم لابد من تخفيض التكلفة وبالفعل تم تخفيض قيمة التذاكر (طبعا سودانير لم تعد ناقلا وطنيا) وتكلفة الاعاشة (كم سعر الدجاجة في المملكة؟؟) والرسوم الادارية (لاحظ رسوم ادارية) والغيت ضريبة السجل المدني (تخيل!!!) واصبح تأمين شيكان اختياريا بعد ان كان اجباريا (حجاج ولا لواري؟) ثم خفضت رسوم القطاع (طبعا ناس الحج مقسمين البلاد لقطاعات)(فنون ادارية!!!) فانخفضت التكلفة لتصبح قرابة الخمسة آلاف اي خمسة ملايبن بالقديم. وتقرر ان يطبق القرار باثر رجعي (لا --- خلاص رجعت!!) ليس هذا فحسب بل صرح رئيس اللجنة انهم سوف يجتمعون بوزير المالية لالغاء القيمة المضافة (هكذا !!) وبوزير الصحة لتخفض رسوم خدماتها (مساعد طبي في اللعوتة؟؟) وعلى حسب قوله ان التكلفة سوف تنخفض الى مادون الاربعة آلاف (خليها اربعة يعني تخفيض خمسين في المائة). اننا نوجه نداء لهذه اللجنة الموقرة ونقول لها مشكورة ليس على تقليل تكلفة الحج بل لكشفها لمثل هذه الافاعيل العجيبة ولانقول لها (ياها المحرية فيك) بل نقول لها (نحن ما خاتينك لقدر دي ) فالبرلمان مهمته رقابية وبالتالي محاسبية فعلى هذه اللجنة ان تقطع دابر هذا الامر وتفتح هذا الملف ليس لهذا العام فقط بل ترجع (لورا شوية) ففي العام الماضي كان حاج السودان يدفع لجهات ليس لديها ادنى صلة باية عبادة حتى ولو اكتفت اللجنة بفضيحة هذا العام (اعلاه) عليها محاسبة الذين زادوا التكلفة بنسبة مائة المائة. لابد لنا ان نتساءل لمصلحة من تحشر الدولة انفها في هذا الامر ؟ الا يمكن ان يتم هذا الامر بين الحجاج ووكالات السفر والسياحة؟ نحن نعلم الظروف التي دعت الدولة للتدخل، فقد كان منظر الحجيج السوداني في مواسم سابقة قبيحا (مشي كداري وسكن تحت الكباري) لذلك انشئت هيئة الحج والعمرة وتولدت عنها بعثة الحج و(امراء الحج) ولكن وضح لنا الآن ان الدولة ابطلت باطلا بباطل افظع. وهل هناك اسوأ من اكل اموال الناس بالباطل؟؟ صحيفة الرأي العام - حاطب ليل بتاريخ2/8/2009) [email protected]