* للكاتب الايرلندى الساخر(برنارد شو) قصة طريفة مع كاتب مغمور أراد أن يحرجه عندما التقى به فى مناسبة عامة فسأله بصوت عال أمام جمع من الحضور لماذا يكتب دائما عن المال، فسأله برنارد شو عن أى شئ يكتب هو، فأجاب الكاتب المغمور بزهو وخيلاء (إننى أكتب عن الاخلاق والفضيلة والشرف)، فقاطعه برنارد شو قائلا .. (كل شخص يكتب عن ما ينقصه) !! * هذه قصة تصلح تماما لتفسير الكثير من (الظواهر الصوتية) فى مجتمعنا، فإذا سمعت شخصا يكثر من النصائح عن الفضيلة والاخلاق والشرف، ثق أنه يدارى بها عيوبا كثيرة!! * وإذا قرأت مقالا صحفيا ينتقد كاتبه تركيز التلفزيونات والفضائيات على المسلسلات وبرامج الترفيه فى الشهر الكريم التى تلهى الناس عن العبادة، تأكد ان هذا الكاتب لا شغل له غير الجلوس امام التلفزيون والانتقال من محطة الى محطة لمتابعة المسلسلات وبرامج المنوعات (ستين ساعة) فى اليوم!! * ولا أرى والله عيبا فى جلوس صاحبنا امام التلفزيون لمشاهدة المسلسلات وبرامج المنوعات والمسابقات، مادام يؤدى واجباته الحياتية والدينية، كما أن متابعة السياسة واخبار الساسة فى عالمنا العربى لا تستحق ان يخسر فيها المرء دقيقة واحدة من عمره، فماذا أفادت السنوات بل والقرون الطويلة فى متابعة وتتبع اخبار السياسة والسياسيين فى بلادنا وماذا حصد الناس منها غير الهموم والاوجاع؟! * غير أن ما جعلنى ألوذ فى هذا المقام بقصة عبقرى الكتابة الساخرة الايرلندى برنارد شو مع ذلك الكاتب المغمور المتحذلق هو أن يخرج علينا كل يوم (مدمن مسلسلات) بحديث عن أضرار إدمان المسلسلات وإلهائها للناس عن أداء واجباتها وانتقاد الشركات التى تنتجها والتلفزيونات التى تعرضها، بسبب احساسه العميق بعقدة الذنب لانصرافه عن اداء واجباته وعدم قدرته على التخلص من (عيوبه) فيكثر من الحديث عن (نقيضها) إرضاء لضميره المتعب، أو كما قال برنارد شو لصاحبه .. (كل يتحدث عن ما ينقصه)، وقس على إدمان المسلسلات كل أنواع الادمان الاخرى!! * تحضرنى بهذه المناسبة قصة طريفة عن إمام مسجد أيام المرحوم الرئيس السابق جعفر نميرى، كان شديد الهجوم فى خطبه على المراهنات الرياضية (توتو كورة) التى كانت رائجة وقتذاك، وفى ذات يوم حار جدا وبينما كان منهمكا فى الهجوم على المراهنات كعادته، تصبب منه العرق فأدخل يده فى جيبه لاخراج المنديل، فإذا به يخرج تذكرة (توتو كورة) وبدون أن يشعر أخذ يمسح بها على وجهه، وعندما تنبه لها رفعها عاليا وصاح بصوت جهورى .. (هذه هى اللعنة التى ظللت أحدثكم عنها وأحضرتها اليوم لتروها وتحذروا منها)، ولم يكن فى ذلك الزمان شخصا لم ير(تذكرة توتو كورة) إن لم يكن قد راهن بها !! [email protected] جريدة السودانى، 24أغسطس، 2009