أيام قلائل ويقبل العيد الكبير..الذي يمثل أحد أكبر فرحة للمسلمين في الارض.. والفداء والكبش فيه محور الاحتفال ولنا في السودان طقوس حزائنية في جوف الفرح الموسمي المحدود.. العيد هذه المرة مختلف ولو قلنا على مستوى الخرطوم التي هي السودان المصغر.. فقد اعتدنا ان نفتح أبواب الحزن على الراحلين خلال العام في يوم العيد خاصة إن كان العيد هو الاول بعد حزن الفراق هذا.. وقد افردت الأحداث الاحتجاجية الاخيرة عشرات الأحزان في عشرات البيوت الحزينة، وهي ذات البيوت التي ستعاد فيها الأحزان خلال العيد.. فالشباب النضر الذي مضى الى ربه في فجاعة الأحداث، وفجائية الموت مازال أمر رحيله في محطات الحكاوي والقصص التي تجترها الأسر بمرارة ووجع، ذلك انه مضى مأسوفاً على عمره ونضارة سنه اقترافاً لذنب يتطلب ذلك ولم يفصل ويحسم حتى الآن عن من أزهق هذه الأرواح المحرمة.. ولأن الأمر يحتاج لعدالة فارطة.. فإن الوجع والألم سيكونان طابع اليوم الاول وسط الأحياء التي سقط فيها هؤلاء الشباب.. ليس من بعد اعتصار الذكرى للمشهد الاخير لهم رهبة الامن عدم مفارقة اللحظة الحزينة لذهابهم في خواطر الذاكرة الجمعية فقد خرجت هذه الأرواح أمامهم وبللت دمائها الأرض تماماً مثلما تدمم دماء الكباش والفداء أبواب الذين سيستطيعون أداء هذه الأضحية والفداء.. لأنها تستعصى على الكثيرين في ظل الغلاء الفاحش الذي لا يكبح جماحه احد فالكل في خانة «الفراجة» والسوق لا يضع هيبة لاأحد ولا يترك فرصة للاعتقاد في ان هناك من يقدر على صده وارغامه على الامتثال لاي هيبة كانت رغم ايماننا القاطع بأن شعب السودان هذا فيه «شيء لله» لانه الأحرص دائماً على الاضحية احقاقاً لسنتها وتطبيقاً لدلالتها ولو وصل الأمر حد اصابة ميزانية بقية العام في مقتل.. هكذا تعودنا ان نديم فرحة الاسلام ولو اختلط فيها دم الخراف بالدم الغاني الذي يحيي مدينتنا الانسان.. اذن العيد مختلف مختلف هذه المرة، والاحساس فيه مزاوجة ما بين رهق الواقع الصعب ومحاولات ابتلاعه بل ادعاء حالة الفرح التي تأتي على خلفيات موغلة في الاحباط «الجواني».. ثم ان الشباب في عيدهم هذا تتراكم عليهم جملة من سوالب الوضع ما بين جمعية الوعي بالرضاء بالواقع وبؤس وتضاءل أحلامهم المستقبلية في ظل الانكسار «اقتصادي الشيء» الذي يجعل الانحناءة لمرور اليوم تفرض نوعاً من السطوة الغريبة أمام الطموح الجامح والامل في الغد الرائع.. إنه عيد مختلف سيتحسس الناس فيه بعض الحاجة لبعضهم البعض بإيقاع مختلف بعد خبروا ان الأوجاع توحد وانهم في الهم شرق كما يقولون.. الجميل ان ذات الناس الذين فيهم شيء لله يبعدون الأطفال عن محراب أحزانهم وأوجاعهم ويجعلون الفرح موجهاً لهم وإن لم يستطيعوا التعاطي مع الذبح والدم والمشهد الحزائني للخراف التي تذبح. آخر الكلام:- كل عام والأمل يبسط بعضاً من العشم في الغد ويحرك الناس في اتجاه تجاوز الصعاب بالعزمات القوية وان ترتفع في ظل الازمة الاقتصادية روح التكافل والرحمة والاحساس ينقص الآخر في هذه المواجهة المحتدمة.. عام سعيد وأعانكم الله في الصبر على مصابكم ولأسر الضحايا المواساة بالعزاء. مع محبتي للجميع سياج - آخر لحظة [email protected]