لم يكن أحسن المتفائلين يتوقع أن تنعقد مفاوضات جنيف 2 بين الحكومة السورية والمعارضة، وفي حال انعقادها كان الجميع يتوقع لها انهيارا سريعا، ولكنها أخيرا انعقدت وانعقدت معها الآمال في أن تضع حدا للقتال في سوريا، ولكن بعد أسبوع من المحادثات، أعلن الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي أن الجولة المقبلة ستنعقد في العاشر من فبراير الجاري، وانتهت يوم الجمعة أولى جولات مفاوضات جنيف 2 بدون إحراز تقدم لإنهاء الحرب، وبتأكيد من الوسيط الدولي بأن الفجوة بين طرفي النزاع ما زالت واسعة. أسبوع من المواجهات داخل قاعة التفاوض بين وفدي الحكومة والمعارضة وأخرى خارج القاعة مع الإعلاميين وبين الإعلاميين السوريين أنفسهم الذين اصطفوا في معسكرين متقابلين مع النظام وضد النظام، فتاهت الحقيقة والحيادية في التغطية الإعلامية، ومع كل هذا التدافع الرسمي وغير الرسمي خرج الوسيط الدولي ليقول في ختام الجولة الأولى إن الفجوة لا تزال واسعة. طبعا كما كان متوقعا تبادل رئيسا الوفدين الحكومي والمعارض الاتهامات بشأن عدم توصل الجولة الأولى من المحادثات بين الطرفين إلى (نتائج ملموسة) على طريق حل النزاع الدامي في سوريا، مع أنهما يتحملان المسؤولية كاملة، فالوفد المعارض لم يحدد حتى اللحظات الأخيرة مشاركته في جنيف ما يشير إلى أنه لم يكن مستعدا لهذه الجولة بأجندة واضحة للحوار والوفد الحكومي جاء إلى جنيف من أجل الدفاع عن قضية واحدة كرس لها وقته وأدار على وقعها معركته ألا وهي استمرار الأسد في السلطة بينما مقترحات الحل التي قدمها الوسطاء كانت تنص على رحيل الأسد كمخرج من الأزمة. الهوة التي أشار إليها الإبراهيمي لم يتم تجسيرها خلال أسبوع التفاوض المنصرم، يبدو أن جولة التفاوض الأولى بدلا من ردم الهوة ساهمت في اتساعها بدليل تصريحات رئيسي الوفدين في ختام المفاوضات، فأعلنت المعارضة على لسان رئيس الائتلاف أحمد الجربا أن (تسليح) الكتائب المقاتلة ضد (نظام) الرئيس بشار الأسد سيستمر ويتزايد، طالما لم يوافق الأخير على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي. أما وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فقد اعتبر أن عدم إحراز نتائج ملموسة يعود إلى ما وصفه بأنه (عدم نضج وجدية) وفد المعارضة، (وتهديده بنسف) المحادثات فضلا عن التدخل الأميركي (السافر). ومما يزيد الأمور تعقيدا، أن الحكومة السورية لم تعلن بعد عن قبولها العودة إلى طاولة المفاوضات، إذ قال الإبراهيمي إن المعارضة وافقت على استئناف المحادثات في 10 فبراير، بينما أبلغه الوفد الحكومي بأنه في حاجة للتشاور مع دمشق. انقضت جولة وتقبت جولات فهل يعود الطرفان إلى جنيف الأسبوع المقبل بروح جديدة للحوار وإرادة حقيقية في السلام واستعداد لتقديم التنازلات المطلوبة للاتفاق. العالم الآن - صحيفة اليوم التالي