احتفلت هنا منذ أيام وعلى طريقتي بالعدد الذهبي لمجلة اتحاد المصارف السودانية.. التي كان لنا شرف تأسيسها مع نخبة من الصيرفيين.. فمجلة المصارف التي أُسست قبل أكثر من عقد من الزمان قد بلغ مجمل إصدارها الشهري خمسين عدداً.. وقد كانت دفعة قوية للإعلام الاقتصادي والمالي المتخصص برفدها للمكتبة العلمية البحثية بحيث أفادت كثيرا طلبة الدراسات العليا و... و... لكن لاتزال مكتبتنا السودانية تفتقد الصحيفة الاقتصادية اليومية الطازجة.. المتخصصة في ضروب الاستثمار والمشروعات والطموحات الإنتاجية المعدنية منها والزراعية والصناعية.. فلا يعقل أن تكون بأرض النيل والشمس والأشواق عشرين صحيفة سياسية ومثلها رياضية.. ولا أرضا رياضية قطعنا ولا ظهرا سياسيا أبقينا.. تخيلوا معي أن مستثمرا أجنبيا قد نزل من غرفة فندقه صباحا إلى طاولة صحافتنا فلم يجد ولا دورية يتيمة تلبي أشواقه وتوفر له ولأمثاله بعض المعلومات والأدبيات الاستثمارية.. غير أننا كأمة تتطلع إلى توظيف واستثمار مكتسابتها البكر أحوج ما نكون إلى صحيفة يومية جادة تحرض السودانيين على الزراعة وترفدهم بأفكار وأطروحات إنتاجية ومعلومات تثقيفية.. على أن حل معظم أزماتنا السياسية يكمن في نهوض ثورة إنتاجية عارمة تجعل الدولار الأمريكي يتواضع أمام الجنيه السوداني، ومن ثم يتراجع سعر الصرف وتكون الضروريات والكماليات من السلع والخدمات من التعليم والاستشفاء والمواصلات في متناول يد العامة من الرجرجة والدهماء.. ذلك فضلا عن مطلوبات الأثرياء من توافر شروط الاستثمارات.. ولو أن جهة بذلت إعلانيا وإعلاميا خُمس ما تبذله قناة النيل الأزرق لإطروحة أغاني وأغاني لما هتفت بلادي أعاني وأعاني.. ياجماعة الخير في البدء كان الإعلام.. فتحتاج أمة اقرأ أن تفتح آفاق التنمية وعصر الإنتاج وطرق النهضة بإعلام مثمر و... و.... فهنالك عدة جهات في الدولة والمجتمع تحتاج أن توصل رسالتها للجماهير.. ولاسيما الجهاز المصرفي الذي لازالت ثمانين بالمائة من أموال مواطنيه خارج الدورة المصرفية.. فهل يكون العيد والعدد الذهبي بمثابة وقفة ونقلة أكثر جرأة وكفاءة للانتقال من دائرة مجلة الألف نسخة المصقولة إلى صحيفة الثلاثين ألفاً المحشودة.. وإن لم تفعلها المصارف فليفعلها جهاز الاستثمار.. وثمة هدف نبيل آخر يتمثل في نقل المزاج العام السوداني من دائرة السياسة إلى دائرتي الزراعة والإنتاج.. ومن ضيق أمة المليون مطرب إلى أمة المليون تربال.. ومن أمة أمجاد إلى أمة الأمجاد ... وفي هذا السياق، يذكر شح وتراجع الإعلام الزراعي، فمنذ رحيل صاحب برنامج الحقل والعلم نورالدين سيد أحمد.. رحمه الله رحمة واسعة.. لم نجرؤ على إنتاج رؤية برامجية ذات بال في الحقل الزراعي الإعلامي، اللهم إلا محاولات شحيحة بائسة.. وإعلامنا فاضي.. فما إن يخرج من أتون أغنية وحتى ويدخل في متون فاصل غنائي.. وتحضرني هنا طرفة لمحمد عمر الرباطابي.. سأله ابنه ذات يوم عن حشرة الكربة التي تجري باستمرار مسرعة.. يا بوي دي بتعضي.. قال الأب (هي دي فاضية من الجرى).. اعلموا أن النقلة والنهضة الإنتاجية المرتقبة لأمتنا التي تتسور ستات الشاي في اليوم والليلة سبع مرات.. تحتاج لتمهيد إعلامي حصيف وهادف.. أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم.. رصوا صفوفكم وقوموا لفلاحة أرضكم تفلحوا في الدنيا والآخرة.. إن الله لاينظر للإعلام الأعوج. ملاذات آمنه - صحيفة اليوم التالي [email protected]