جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    ((مجلس سهل لايتغير ولايتبدل))    الطلب القوي على الملاذ الآمن يدفع الذهب للارتفاع الأسبوعي الثامن على التوالي    تنبيه هام من "القطرية" للمسافرين إلى دول الاتحاد الأوروبي    ليس ترامب .. إعلان الفائز بجائزة نوبل للسلام لعام 2025    تعديل مفاجئ ل"سلفاكير" يثير مخاوف كبيرة في جنوب السودان    وزير الشباب والرياضة يدفع ب"برقية" ل"معتصم جعفر" و"أسامة عطا المنان"    اللواء الركن (م) أسامة محمد عبد السلام يكتب: الفريق أول عصمت جنرال من الزمن الجميل    مدير جامعة كردفان يتفقد سير العمل بمعهد بحوث الصمغ العربي ودراسات التصحر    السكرتير الثاني نفيسة حسين عوض تمارس حق الرد على دبلوماسية من بعثة دولة الإمارات    هولندا تنفرظ بالصدارة    شرطة النيل الأبيض تختتم دورة النظم الإدارية والهياكل الوظيفية والوصف الوظيفي    اتحاد مدني يُكمل تشكيل جهازه الفني بإدارة محترفة تمزج بين الخبرة والطموح    السودان..مطالبات بإعادة التحقيق في وفاة مواطن داخل مركز شرطة    محمود سلطان يكتب: لماذا وافق نتنياهو على وقف الحرب مرغما؟    مفاجأة محتملة في آسيا    تعيين الدكتور علي بابكر سيد أحمد في منصب الوكيل لوزارة الصحة خطوة في الاتجاه الصحيح    ويسألونك عَن فَرفور    أيلا (رحل السياسي العضوي المضاد)    هؤلاء ليسوا دعاة سلام ولا أنصار ديمقراطية، بل تجّار مواقف    من الصفر إلى المليار.. كيف جمع كريستيانو رونالدو ثروته الطائلة؟    فصل "فرفور" من "المهن الموسيقية" يثير جدلاً في الأوساط السودانية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تثير ضجة إسفيرية واسعة بعد ظهورها بفستان محذق وقصير خلال تكريمها في مهرجان بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. في لقطة طريفة وبعد أن منعت السلطات إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات.. مواطنون ولاية كسلا يحتفلون مع عريس بأطلاق الذخيرة من "مسدسات" أطفال    الفترة الانتقالية شهدت احد اسوأ حقب الادارة الاقتصادية    الصحفية لينا يعقوب تكشف مواعيد حفل زفافها من المذيع أحمد العربي ومكان الفرح وتوزع رقاع الدعوة    منتخب الجزائر يفوز على الصومال ويتأهل إلى كأس العالم 2026    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    الدولار يبتلع الجنيه السوداني.. أزمة اقتصادية بلا كوابح    "حماس" تعلن الاتّفاق بشأن إطلاق النار    شاهد بالفيديو.. استعرضت "بطنها" داخل "الكوافير" الخاص بها.. سيدة الأعمال السودانية هبة كايرو تفقد أعصابها وتتوقف عن تسريح شعرها بسبب فتاة سخرت من "كرشتها"    منتخب مصر يعبر جيبوتي ويتأهل رسميا إلى نهائيات كأس العالم 2026    صحفي سوداني يثير غضب جمهور "فرفور": (أؤيد وبشدة قرار اتحاد المهن الموسيقية الصادر بحقه بعد تصريحاته غير المحترمة عن الوسط الفني بشكل عام)    الصحفية فاطمة الصادق تهاجم إتحاد المهن الموسيقية بعد قرار فصل الفنان "فرفور": (ده التربص والحفر ذاتو بيان بالعمل..دايرين ليكم سبب والله مع الولد وعموما فرفور عابر وفنان كبير وما محتاج عضويتكم ذاتو)    السيسي: سأدعو ترامب لحضور توقيع الاتفاق بشأن غزة    رد مبابي الصادم على اتهامه في قضية الاغتصاب    بالمسيّرات.. بصمات أوكرانية في الهجوم على اسطول الصمود العالمي    غرامات جنونية.. شركة الكهرباء في السودان تفاجئ المواطنين    70 ألف جنيه لإسطوانة الغاز بالخرطوم    خسائر الزراعة جراء الحرب 100 مليار دولار    وزير المالية يشارك في الاجتماع الوزاري لمجلس محافظي المؤسسة الإفريقية لبناء القدرات باديس ابابا    اجتماع في السودان يبحث تطوّرات سعر الصرف    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    انهيار الجسر الطائر بجامعة الخرطوم إثر اصطدام شاحنة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضبط شخص بالإسكندرية ينصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح الفساد السياسي واجب شرعا
نشر في النيلين يوم 23 - 08 - 2014

السؤال: نعلم أن تغيير المنكر فريضة حسب قدرة المسلم على المراتب الثلاث، ولكن كثر الكلام عن المنكرات السياسية في هذه الأيام، فأصبحنا نسمع عن الفساد السياسي، فهل تدخل هذه المنكرات السياسية في المنكر الذي يجب إنكاره؟ أم أن المراد هو المنكر الشرعي البحت مثل الزنا وشرب الخمر؟ وما حكم من يسكت على هذه المنكرات السياسية؟
- جواب العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فحديث القرآن والسنة عن السكوت على المنكر والوقوف موقف السلب من مقترفيه حكامًا أو محكومين حديث يزلزل كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان.
يقول القرآن: " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" ( المائدة 78- 79).
ويقول الرسول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان). (رواه مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري).
ومن الخطأ الظن بأن المنكر ينحصر في الزنا وشرب الخمر وما في معناهما.
إن الاستهانة بكرامة الشعب منكر أي منكر وتزوير الانتخابات منكر أي منكر، والقعود عن الإدلاء بالشهادة في الانتخابات منكر أي منكر لأنه كتمان للشهادة. وتوسيد الأمر إلى غير أهله منكر أي منكر، وسرقة المال العام منكر أي منكر، واحتكار السلع التي يحتاج إليها الناس لصالح فرد أو فئة منكر أي منكر، واعتقال الناس بغير جريمة حكم بها القضاء العادل منكر أي منكر، وتعذيب الناس داخل السجون والمعتقلات منكر أي منكر، ودفع الرشوة وقبولها والتوسط فيها منكر أي منكر، وتملق الحكام بالباطل وإحراق البخور بين أيديهم وموالاة أعداء الله وأعداء الأمة من دون المؤمنين منكر أي منكر.
وهكذا نجد دائرة المنكرات تتسع وتتسع لتشمل كثيرًا مما يعد الناس في صلب السياسة. فهل يسع المسلم الشحيح بدينه الحريص على مرضاة ربه أن يقف صامتًا ؟ أو ينسحب من الميدان هاربًا أمام هذه المنكرات وغيرها خوفًا أو طمعًا أو إيثارًا للسلامة؟.
إن مثل هذه الروح إن شاعت في الأمة فقد انتهت رسالتها وحكم عليها بالفناء لأنها غدت أمة أخرى غير الأمة التي وصفها الله بقوله: " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" ( آل عمران 110).
ولا عجب أن نسمع هذا النذير النبوي للأمة في هذا الموقف إذ يقول: (إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم فقد تودع منهم) (رواه أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عمرو) أي فقدوا أهلية الحياة.
إن المسلم مطالب - بمقتضى إيمانه - ألا يقف موقف المتفرج من المنكر أيا كان نوعه: سياسيًا كان أو اقتصاديًا أو ثقافيًا أو اجتماعيًا . بل عليه أن يقاومه ويعمل على تغييره باليد إن استطاع وإلا فباللسان والبيان فإن عجز عن التغيير باللسان انتقل إلى أخر المراحل وأدناها وهي التغيير بالقلب وهي التي جعلها الحديث: (أضعف الإيمان).
وإنما سماه الرسول تغييرًا بالقلب لأنه تعبئة نفسية وشعورية ضد المنكر وأهله وحماته وهذه التعبئة ليست أمرًا سلبيًا محضًا كما يتوهم ولو كانت كذلك ما سماها الحديث " "تغييرًا" لها.
وهذه التعبئة المستمرة للأنفس والمشاعر والضمائر لا بد أن تتنفس يومًا ما في عمل إيجابي قد يكون ثورة عامة أو انفجارًا لا يبقي ولا يذر فإن توالي الضغط لا بد أن يولد الانفجار سنة الله في خلقه.
وإذا كان هذا الحديث سمى هذا الموقف تغييرًا بالقلب فإن حديثًا نبويًا آخر سماه جهاد القلب وهي أخر درجات الجهاد كما أنها آخر درجات الإيمان وأضعفها فقد روى مسلم عن ابن مسعود - مرفوعًا - : (ما من نبي بعثه الله في أمة فبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).
بين الفرد والجماعة
وقد يعجز الفرد وحده عن مقاومة المنكر وخصوصًا إذا انتشر شراره واشتد أواره وقوي فاعلوه أو كان المنكر من قبل الأمراء الذين يفترض فيهم أن يكونوا هم أول المحاربين له لا أصحابه وحراسه وهنا يكون الأمر كما قال المثل: حاميها حراميها أو كما قال الشاعر:
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها ذئاب؟
وهنا يكون التعاون على تغيير المنكر واجبًا لا ريب فيه لأنه تعاون على البر والتقوى ويكون العمل الجماعي عن طريق الجمعيات أو الأحزاب وغيرها من القنوات المتاحة فريضة أوجبها الدين كما أنه ضرورة يحتمها الواقع.
والله أعلم.
الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.