شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر السودانية خديجة أمريكا تظهر بإطلالة ملفتة وتزعم أنها "هندية" الجنسية    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    شغل مؤسس    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    الشان لا ترحم الأخطاء    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سراج النعيم يروي قصة حواره مع ( أم الحسن) أشهر صاحبة قهوة شمال السودان
نشر في النيلين يوم 03 - 06 - 2015

تعتبر (أم الحسن) الهوارية أشهر صاحبة قهوة وكافتيريا بطريق شريان الشمال الواقع شمال السودان.. حيث بدأت قصتي معها.. بأول لقاء صحفي .. ففي ذلك اليوم جئت علي غير العادة إلي مقر صحيفة ( الدار) بالخرطوم في الصباح الباكر لكتابة صفحتي ( أوتار الأصيل ).. وقبل أن أدلف إلي المكتب.. تفاجأت بسيدة كبيرة في السن تجلس هي وبعض الشبان علي الأرض بمدخل الصحيفة.. وكانوا يتفاكرون في ماذا؟.. لا أدري.. ولكن كانت تعتريني رغبة في التعرف علي تلك السيدة.. وبالرغم من تلك الرغبة.. إلا أنني كنت متخوفاً من أن يكون لهم موعداً مع أحد الزملاء.. باعتبار أن لديها إشكالية ما.. وتود طرحها للرأي العام عبر الصحيفة.. فتجاوزت رغبتي ودلفت إلي المكتب.. فكان منظرها يطل أمام عيني.. فقلت في غرارة نفسي لماذا لا اقتحم عليها خلوتها مع أولئك الشبان وأسألها عن مشكلتها التي قادتها إلي المجىء للصحيفة في هذا الصباح الباكر؟.. المهم أنني خرجت من المكتب وذهبت إليها مباشرة.. وسألتها ما هي مشكلتك؟ فلم ترد علي والتفت إلي أحد الشبان متسائلة ماذا قال؟.. فرد علي ذلك الشاب قائلاً : وهذه السيدة هي والدتي ( أم الحسن) أشهر صاحبة قهوة بطريق شريان الشمال.. ثم أرؤدف : ووالدتي هذه لها قصص مثيرة في الصحراء الواقعة شمال السودان.. إلي جانب أن لها علاقة قوية بالرئيس الراحل جعفر محمد نميري الذي استجاب لها ابان ما كان حاكماً للسودان عندما طلبت منه حفر بئر للمنطقة التي تقطن فيها.. بالإضافة إلي أن الرئيس عمر البشير كسر لها البرتكول.. وسألها سؤالاًً مباشراً.. ما الذي تريدين أن أقدمه لك؟.. فقالت : سيدي الرئيس أحتاج إلي عربة تعينني في استجلاب السكر والشاي والبن.. ومستلزمات القهوة والكافتيريا.. وكان أن تبرع لها بعربة.. ومن هنا تبدأ الأسباب التي جعلت أم الحسن والشبان يلجأون إلي الصحيفة.. وأثناء إدارتي للحوار مع أم الحسن أكتشفت أن الشبان هم أبنائها.. وأن حضورها من شمال السودان إلي الخرطوم بدوافع استلام العربة.. والتي كانت إلي ذلك الوقت الذي ادرت فيه الحوار معها لم تستلمها.. عموماً عندما فرغت من الحوار والتقطت لأم الحسن صوراً.. قررت أن اعود بالحوار إلي المنزل وكتابته.. ومن ثم تسليمه السكرتارية في صباح اليوم التالي.. وبالفعل تحركت من مقر الصحيفة.. وما أن وصلت وسط الخرطوم.. إلا ورن السيار.. وحينما نظرت في الشاشة.. وجدت المتصل الأستاذ أحمد البلال الطيب رئيس مجلس إدارة صحيفة ( الدار).. ورئيس تحرير صحيفة ( أخبار اليوم) فقاللي بالحرف الواحد : أين أنت الآن؟.. فقلت : وسط الخرطوم.. فقال : أركب أي عربة أجرة.. وعود إلي مقر الصحيفة.. وكان أن استجبت لرغبته.. وعندما وصلت مقر الصحيفة.. وجدت الأستاذ معاوية محمد علي سكرتير التحرير.. يسألني عن نص حوار الحاجة أم الحسن؟.. فقلت : لم أعيد صياغته حتي الآن.. فقال : الأستاذ أحمد البلال الطيب يرجو منك أن تكتب منه خبر .. فقلت إنه ابلغني بذلك.. وكان أن كتبت خبراً مطولاًً من الحوار الذي اجريته مع أم الحسن.. فتفاجأت في صباح اليوم التالي بأن صوري وصور أم الحسن والمشيرين النميري والبشير تتصدر صدر الصفحة الأولى.. مصحوبة بالخطوط العريضة.. والخبر الذي كتبته.. وكان هذا الحوار هو التوثيق الوحيد الذي تم للسيدة أم الحسن.
وأم الحسن التي التقيتها.. سيدة كبيرة في السن.. وتعاني من إشكالية بسيطة في السمع.. لذا كان أحد أبنائها حلقة الوصل في إدارة الحوار.. الذي بدأت تداعياته علي هذا النحو.. بأن طلبت منهم تشريفي في المكتب.. حتي اتمكن من التوثيق لأم الحسن.. فهي إنسانة جديرة بذلك.. وكان أن طلبت لها قهوة ولأبنائها وشخصي أكواب شاي من ست الشاي حاجة الصايمة.. وبعد أن فرغنا من ارتشاف القهوة والشاي.. بدأت أم الحسن في رواية قصتها من الألف للياء.. وكيف كان لقاءها بالرئيسين الراحل جعفر محمد النميري..وعمر البشير.. فالأول تبرع لها بفحفر بئر.. بينما تبرع الثاني بعربة.. والاخيرة هي السبب في إجراء الحوار.. إذ أن البشير أصدر توجيهاته بأن تمنح أم الحسن عربة دفع رباعي.. لحظة افتتاح طريق شريان الشمال.. ولكنها لم تستطع الحصول عليها.. ما استدعاها اللجوء إلي الصحيفة لإيصال صوتها إلي البشير.. أما قصتها مع الرئيس الراحل المشير النميري.. فبدأت عندما زار المنطقة.. وقهوتها.. ولم يجدها.. فسأل عنها فجاءه الرد بأن أم الحسن ذهبت في مشوار؟.. فقال : ألم تسمع بأنني سآتي إلي هنا؟.. فقالوا : أم الحسن لا تملك راديو.. فحزن النميري حزناً شديداً .. وأمر بأن تمنح أم الحسن راديو.. حتي تستطيع أن تستمع نشرة الأخبار.. وتعرف موعد زيارته الثانية للمنطقة.. وقوتها.. وعندما أزفت ساعة زيارة النميري.. كانت أم الحسن في مقدمة مستقبلية.. فسألها عن حالته الصحية؟.. فقالت : الحمدلله.. ثم أردف : ما الذي تحتاجين إليه؟.. فلم تطلب لنفسها شئياً.. بل طلب حفر بئر لمنطقتها.. هذه هي الحاجة أم الحسن ﺻﺎﺣﺒﺔ أشهر قهوة بطريق شريان الشمال.. الطريق الممتد من مدينة ﺍﻣﺪﺭﻣﺎﻥ إلي مدينة دنقلا.
وقالت أم الحسن ( لأوتار الأصيل ) : لم أكن أفكر في نفسي بقدر ما كنت أفكر في تنمية المنطقة وتطوير القهوة إلي قهوة وكافتيريا حديثة.. وكنت استثمر أي فرصة لخدمة أهلي.. والمسافرين.. وظللت علي هذا النحو منذ أن كان هذا الطريق صحراء جرداء.. صحراء قاحلة.. ما يربو عن ﺳﺘﺔ ﻋﻘﻮﺩ.. ﺃﻭ ﻳﺰﻳﺪ.. وخلال تلك العقود فكرت في إنشاء قهوة ( أم الحسن).. ثم طورتها فيما بعد.. إلي قهوة.. وكافتيريا حديثة.. ساهم معي في إنشائها الباشمهندس عطا المنان.. وواصل اسهاماته معي داعماً للمشروع بالسكر والشاي والكراسي والطرابيز.. وكلما مر عبر طريق شريان الشمال لا يقصر معي.. المهم أن المنطقة بفضل الله.. وطريق شريان الشمال تمت تنميتها.. بعد أن كانت صحراء جراء.. صحراء قاحلة.. لا خضرة.. ولا مياه.. إنما كانت منطقة ملئية بالكثبان الرملية الثابت منها.. والمتحرك.
وتضيف ( أم الحسن) في حوارها مع ( أوتار الأصيل ) : من المعلوم أن طريق شريان الشمال يمتد من مدينة ﺍﻣﺪﺭﻣﺎﻥ.. إلي مدينة ﺩﻧﻘﻼ.. ويبلغ ﻃﻮﻟﻪ ( 594) ﻛﻴﻠﻮ متر.. ﻣﺮﻭﺭﺍً بمنطقة ( ابوﺿﻠﻮﻉ) ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ (68) ﻛﻴﻠﻮ متر.. ﺷﻤﺎﻝ ﻏﺮﺏ ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ.. وﻳﻤﺘﺪ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ( 7) ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮﺍﺕ.
وتتذكر أم الحسن كيف كان هذا الطريق قبل أن يتم رصفه بالاسفلت؟.. فقالت ( لأوتار الأصيل ) : كان من الصعب علي الإنسان ان يسلك هذا الطريق الصحراوي.. فكل من جازف.. ودخله فقد.. ولم تفلح كل عمليات البحث عن المفقودين.. أو أن يستطيعوا الخروج من ذلك النفق.. ما يؤكد أن من يدخل تلك المنطقة مفقود.. مفقود.. والخارج منها مولود.. مولود.. إلا أنني خبرت الصحراء جيداً.. وذلك من كثرة ترحالي فيها من منطقة إلي أخري.. حتي أنني أصبحت خبيرة فيها من منطقتي.. وﺣﺘﻰ منطقة( ﺍﻟﺘﻤﺘﺎﻡ) ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ( 200) ﻛﻴﻠﻮ متر.. فيما تجد أن منطقتي ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ( 50) ﻛﻴﻠﻮ متر.
عن كيف استطاعت التأقلم علي أجواء الصحراء المتقلبة؟.. قالت ( لأوتار الأصيل ) : نشأت وترعرعت فيها وكنت انتقل فيها منذ نعومة اظافري.. فقد كان والدي يدعني يصطحبني معه من منطقة صحراوية إلي اخري.. هكذا إلي أن أستقر بنا المقام في منطقتنا الصحراوية حالياً.. وخلال ذلك الترحال شهدت ﺍﻟﺼﺮاع الحقيقي في صحراء بيوضة..الصحراء الممتدة ﻣﻦ ﻏﺮﺏ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺣﺘﻰ الصحراء ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ.. وكان آنذاك السفر عبرها لا يتم إلا ليلاً.. فالسفر بالنهار من رابع المستحيلات.. ﻧﻈﺮﺍً إلي أن درجات الحرارة مرتفعة جداً.. وبالتالي تجد العربات صعوبة في أن تقطع الصحراء.. فمع إرتفاع درجات الحرارة.. ترتفع درجات حرارة ماكينات العربات السفرية.. مما يجعل سرعتها تنخفض.. ويضطر السائق إلي إيقاف العربة ما بين الفينة والاخري.. بغرض تبريد ( اللديتر).. والماكنة.. إلي جانب أن العربة تتعرض إلي الوحل وسط الكثبان المنتشرة علي امتداد الصحراء.. مما يجعل السائق ومساعده والركاب يعانون معاناة شديدة.. حتي يتجاوزون تلك العواقب.. ما يقودهم إلي الوقوف لفترات طويلة لأخذ قسط من الراحة.. فالسفر عبر الصحراء يستمر إلي عدد من الأيام.
وتستمر أم الحسن في روايتها مع ( أوتار الأصيل ) قائلة : من أشهر سائقي العربات الذين كانوا يمرون بها قبل افتتاح طريق شريان الشمال.. كان السائق ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﺗﻰ المنتمي إلي قبيلة الدناقلة.. الذي انتقل فيما بعد للعيش في الخرطوم حي ( السجانة).. بعد أن ترك العمل في هذا المجال.. وأصبح يتاجر في السيارات التي استطاع من خلالها أن يمتلك ﺳﻴﺎﺭﺓ ( ﻓﻮﺭﺩ) في العام 1934م.. وما أن إمتلك هذه السيارة.. إلا وفكر في السفر عبر مدينة امدرمان.. إلي مدينة دنقلا.. ومن خلال ﺍﻟﺼﺤﺮاء.. وكان أن نفذ الفكرة التي راودته.. بعد أن حصل ﻋﻠﻰ ﺑﻮﺻﻠﺔ.. ﻭﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻟﻮضعه ﻛﻌﻼﻣﺎﺕ.. تدله إلي طريق العودة من مدينة دنقلا إلي مدينة امدرمان.. كما أنه تحصل علي تصريح المرور من ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ.. علي أن يتحمل بهدا التصريح كل العواقب التي تنتج ﻋﻦ ﻫﺬﻩ المغامرة ﺍﻟﻤﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ .
وأضافت أم الحسن في حوارها الذي خصت به ( أوتار الأصيل ) : المهم أن السائق ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺎﺗﻰ شد الرحال متحدياً كل الصعاب.. مستفيداً من خبرته السابقة.. وكان أن حقق ما يصبو إليه.. حيث ﺇﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﺭﺣﻠﺘﻪ من مدينة امدرمان إلي منطقة ﺍﻟﺪﺑﺔ ( 7 ) أيام.
واردفت أم الحسن : ولم تتوقف مثل هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر وقتئذ إذ قام السائق ﺳﻴﺪ ﺍﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ في العام 1947ﻡ برحلة عبر تلك الصحراء برفقة مالك العربة ﻋﻤﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻜﻮارتي.. ﻭﻛﺎﻥ ﺩﻟﻴﻠﻬﻢ في هذه الرحلة مجهولة المصير ﻋﺮﺑﻰ يدعي ( ﺃﺑﻮ ﺟﺒﺔ).. وكانت العربة محملة بشاي مهرب.. ورافق ذلك الثلاثي في هذه الرحلة كل من ﻣﻴﺮﻏﻨﻰ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﺠﻴﺪ ﻭمساعد العربة ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻠﺐ.. ﻭﺃﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ( 5) ﺃﻳﺎﻡ.. ثم عادوا منها ﺇﻟﻰ مدينة ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ بعد (6) ﺃﻳﺎﻡ.. وبهذه الرحلة تم فتح الطريق أمام عربات أخري كان ملاكها.. يتخوفون من المصير المجهول.
بينما ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻣﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺃﻣﺮﺍﺓ مربوعة ﺍﻟﻘﺎﻣﺔ بشرتها قمحية.. ﻛﺒﻴﺮﺓ في ﺍﻟﺴﻦ.. إلا أن ﻓﻴﻬﺎ روح اﻟﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ التي جعلت من شخصيتها.. شخصية قوية.. وذات هيبة تدع كل من يتعامل معها يحترمها.. ويقدرها.. خاصة الشخوص الذين مروا علي قوتها أن كانوا يعملون في مجال السواقة.. أو ركاب.. وظلت علي هذا النحو إلي أن طورت قوتها إلي قهوة وكافتيريا.. وظلت تفرض من خلالها ﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ المميزة بسحنتها السودانية الأصيلة.. وكل من شاهدها عن قرب يلحظ ﻗﺴﻤﺎﺕ ﻭﺟﻬﻬﺎ المتجلي رغماً عن الظروف القاسية التي مرت بها طوال السنوات الماضية.. فالبيئة التي نشأت وترعرعت فيها.. بيئة تمتاز بالخشونة.. وبالرغم من أنها كانت كبرة في سنها.. إلا أنها كانت ترتدي ثياباً تتناسب معها ومع البيئة المنتمية إليها.
وفي هذا السياق قالت ( لأوتار الأصيل ) : العيش في الصحراء يفرض عليك ارتداء الوان محددة.. ليس من بينها اللون الأبيض.. لذا أختار الألوان المناسبة مع بيئتي.
وعن كيفية بدايتها بيع القهوة؟ قالت ( أوتار الأصيل ): كنت دائماً ما أفكر في الآخرين.. خاصة أولئك الذين يستقلون هذا الطريق الصحراوي.. ومن خلال تفكيري هذا طرأت لي فكرة إنشاء قهوة تلبي بعضاً من إحتياجات سائقي العربات والركاب.. وبدأت فعلياً في تنفيذ الفكرة براكوبة صنعتها بمعاونة أبنائي من المواد المحلية.. فيما كنت أشعل النار من ﺍﻟﺤﻄﺐ.. حتي أن القهوة يميل لونها إلي السواد.. نسبة إلي أن النيران فيها لا تنطفئ.. وتظل مياه القهوة تتبخر متصاعدة إلي أعلي.. ويختلط ذلك البخار بالدخان الأسود الذي تنتجه نيران الحطب.. فيشكلان ضبابية مائلة إلي الليل في كل أرجاء الراكوبة.. وبالرغم من هذه الأجواء القاسية.. إلا أن أبنائي كانوا يجدون متعة في مساعدتي بتقديم القهوة والشاي إلي الزبائن.
ومضت : كنت اطوف بين ركاب العربات من أجل أن البي طلباتهم.. فيدور بيني وبينهم حوار بلهجة سودانية ممزوجة بلغة عربية.. وكنت أحس أنهم يتعاملون معي برقي فابادلهم الإحساس.. بالإحساس.. دون أن أتوقف عن تلبية الطلبات.
أين تقع قهوتك جغرافيا؟ قالت ( لأوتار الأصيل ) : ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺘﺪاد ﺻﺤﺮاء ( ﺑﻴﻮﺿﺔ).. وكان السفر قبل افتتاح طريق شريان الشمال.. بالعربات ( اللواري).. ثم تطور إلي البصات.. ومع هذا التطور قهوتي إلي كافتيريا.. فاصبحت مشهورة.. ولكن شهرتي زادت عندما زارني الرئيس الراحل جعفر محمد النميري مرتين المرة الأولي لم يجدني واهداني راديو.. وفي المرة الثانية حفر لي بئراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.