*في منطقتنا ما كانت امرأة لتغسل الثياب يوم الأربعاء.. *وما كانت لتفعل أشياء أخرى كذلك ولكن ما أذكره هو حكاية (الغسيل) هذه.. *كان في نظر نسوة مناطقنا – إلى وقت قريب – يوماً (مشؤوماً).. *ولا أدري إن كان ذلك موروثاً (فرعونياً) أم نتاج ثقافة سودانية قديمة.. *وكذلك كن يتطيرن بالبومة سيما إذا نعقت ليلاً جوار امرأة حامل.. *وأعرف بعضهن ما كن ليخرجن من المنزل إن صادفن وجهاً قبيحاً لدى الباب.. *وكان الشاعر العربي ابن الرُمة يفعل الشيء ذاته حتى اشتهر به.. *ويفعله أيضاً – حسبما سمعت – شاعرنا بشير محسن الذي يتغنى بكلماته شرحبيل أحمد.. *والغربيون يتشاءمون بالرقم (13) إلى حد اسقاط الفرنسيين له من ترقيم منازلهم.. *وفي دنيا كرة القدم ببلادنا انتشرت مفردة (كُج) كناية عن التطير بهذا أو ذاك.. *بل وهناك من يعزو هزيمة المريخ أمام مازيمبي للقمصان الصفراء عوضاً عن الحمراء.. *فالأحمر الذي كان (صديق) المريخ طوال مشوار المنافسة ما كان يجب استبداله بالأصفر.. *ومرتضى منصور- رئيس نادي الزمالك- طالب بتغيير (زي) فريقه في مواجهة الأهلي الأخيرة.. *قال إن الأبيض (مينفعش) مع الأهلي- بل الأزرق- ففاز الزمالك.. *ولكني – كاتب هذه السطور- أسير دوماً عكس تيار مثل هذه المعتقدات.. *فأنا أرى – تماماً مثل العقاد- أنها خزعبلات لا يسندها عقل ولا منطق ولا (دين).. *بل إن عباس العقاد كان يفاخر بوضع مجسم لطائر البومة على سطح مكتبه.. *فما أصابه من مكروه سوى فشل علاقته بمديحة يسري جراء (انغماسها) في عالم السينما.. *وعند وصولي مدني – مطلع الاسبوع الماضي – وجدت الرقم (13) في انتظاري.. *قيل لي- بما يشبه الاعتذار- إنها الغرفة الوحيدة غير الشاغرة بسبب (الموسم).. *ولكني فرحت بها جداً عكس ما كان يتوقع موظفو الاستقبال.. *فحملت المفتاح (13) وطرت به نحو الغرفة التي تجاهلها (الموسم).. *ثم كدت أن أطير نحو الباب عند سماعي خرير الماء داخل الحمام بعد منتصف الليل.. *ولم يدفعني إلى أن أطير نحو الحمام – بدلاً من ذلك – إلا (خجلي من نفسي).. *فوجدت صنبور حوض غسيل الوجه مفتوحاً رغم تأكدي من إغلاقي له جيداً.. *فأحكمت إغلاقه وأويت إلى فراشي مترقباً وبداخلي خوف من تهاوي (منطقي).. *ولو كان ذلك حدث لما كانت كلمتنا هذه اليوم تحت عنوان (بالمنطق).. *ولكنت امتنعت عن غسل ثيابي (يوم الأربعاء).. *أو ارتياد أماكن يُوجد فيها (البوم!!!). الصيحة