*أستاذ الفلسفة عبد الله إبراهيم لديه رأي مشابه للذي أقوله دوماً.. *وهو أن معظم السودانيين مغرمون بكثير الكلام مع قليل المنتوج.. *ورأيه هذا كان في سياق نقده لضخامة دراسات الماجستير والدكتوراة.. *كان يحثنا – ونحن نعد للماجستير- على (حياكة) الكلام على (مقاس) الفكرة.. *ويضرب لنا مثلاً بالغربيين في مختصر بحوثهم مع قوة مردودها.. *فبحوث الدراسات العليا عندهم لها تأثيرها الملموس على الحياة العملية.. *هي ليست محض (رغي) يكلف طباعة وتصميماً وتصحيحاً ومراجعة.. *ثم ينتهي مفعولها بانفضاض لجنة المناقشة ومنح الدرجة المطلوبة.. *وقال إنه حضر مناقشة رسالة دكتوراة اقتصرت على ورقة واحدة فقط.. *ثم أٌجيزت بالإجماع لما حوته من إضافة إلى متردم المعرفة الإنسانية.. *ولكن عندنا في بلاد (النضمي) فالبحث ينوء بصاحبه من شدة ضخامته.. *ثم هو لا يضيف جديداً سوى درجة علمية يفاخر بها صاحب (المجلد) هذا.. *ودلالات حبنا للكلام – من حيث هو كلام- كثيرة جداً في حياتنا.. *فما من يوم يمر إلا ولدينا ندوة عنوانها (القضية الفلانية ،تحديات الراهن وآفاق المستقبل).. *ثم لا شيء يسفر عنها على صعيد المحك العملي وإنما هي (كلام والسلام).. *واجتماعاتنا كثيرة – بكثرة (بلاوينا)- ولكنها لا تعدو كونها (طق حنك).. *والمسؤولون يتحدثون كثيراً عن إنجازات مرتقبة لا ترى النور أبداً.. *فالكلام في حد ذاته يُعد إنجازاً- بالنسبة لهم- يُثبت أنهم (موجودون).. *وسبب كلمتنا هذه إشارة الرئيس إلى (الدستور) يوم الأول من أمس.. *فقد أبدى أسفه (لعدم اتفاق مكونات البلاد السياسية على صياغة دستور دائم للبلاد).. *عدم اتفاقهم على ذلك ( بعد مرور ستين عاماً رغم نيلها استقلالها مبكراً).. *ومع تأميننا على كلام البشير هذا إلا أن هنالك مشكلة لا بد من ذكرها.. *مشكلة ذات شقين على خلفية رأي الدكتور عبد الله إبراهيم فينا كسودانيين.. *الشق الأول أننا نحشد لمشاريع دساتيرنا (الناس والكلمات) لتمتلئ القاعة والأوراق.. *تمتلئ القاعة كامتلاء قاعات حوارنا الوطني الآن (ناقصاً ندى القلعة) و(زائداً تراجي).. *وتمتلئ الأوراق بما يساوي دساتير الدول الغربية كافة خمسين مرة.. *علماً بأن دستور أمريكا في ورقة واحدة وبريطانيا لا دستور مكتوب لها (خالص).. *ثم – وهذا هو الشق الثاني- لا نحترم دستورنا خُمس احترام الغربيين لدساتيرهم.. *فمقابل كل فقرة منه عشر فقرات من قوانين تنهش في جسد شرعيتها.. *فنحن قوم مغرمون بكثير الكلام مع قليل المنتوج.. *أو كما قال عبد الله إبراهيم !!! الصيحة