* ما يجري هذه الأيام على ساحات القتال في ريف حلب الشمالي وحول طاولة المفاوضات في جنيف، يعيدنا إلى واحدة من أهم المعارك في تاريخ الشرق الأوسط والمنطقة العربية.. كانت تلك معركة «مَرج دابق» الفاصلة التي غيرت خريطة المنطقة السياسية فانتقلت، على أثرها من حكم المماليك (الشراكسة) إلى سيطرة الإمبراطورية العثمانية الصاعدة.. وقعت المعركة في ذات المكان، شمالي حلب على مقربة من الحدود التركية أيام السلطان سليم الأول. *كانت «مرج دابق» يوم الأحد 24 أغسطس 1517.. حيث أخترقت الخيّالة المملوكية خطوط المدفعية العثمانية، وشتتت صفوف الخياّلة الأتراك في الهجمة الأولى، فأمر السلطان المملوكي «قانصوه الغوري» جنوده بالتراجع ليقيهم آثار الهجوم العثماني المضاد، مما أزعج الفرق الأخرى فضلاً عن مقتل «سودون» و»سيباي» قائدي الخياّلة المملوكية.. وسط هذه الحالة من التردي والحيرة غادرت الفرقة الحلبية ? نسبة إلى حلب- التي يقودها «خاير بك» ساحة المعركة باتجاه حماة.. تنفيذاً لاتفاق مع السلطان سليم العثماني على خيانة الغوري قبل المعركة بشهور.. وحاول السلطان الغوري تثبيت باقي جيشه لامتصاص الهجمة العثمانية المضادة لكنه فشل.. فاضطر للتراجع عندما رأى الجميع يغادرون الميدان، وأصيب بضربة اسقطته عن فرسه فمات.. وبذلك فتحت سائر مدن الشام أبوابها أمام العثمانيين.. وبحلول العام التالي كان السلطان سليم على مشارف القاهرة، وما استطاعت بقية الجيوش المملوكية الصمود أمام الزحف العثماني المتوسع في جمع أرجاء المنطقة.. العراق والحجاز والخليج واليمن وحتى إمارات المغرب العربي فيما بعد.. وكان للدولة الصفوية الفارسية دورها في إضعاف الإمبراطورية المملوكية، إذ ظل الشاه إسماعيل الصفوي يناوش بجيوشه أطراف الإمبراطورية شرقاً وحتى جنوب الأناضول، وكان يتعذر للغوري ومن قبله السلطان «قايتباي» بعد كل هجمة واعداً بحسن الجوار «تقيةً» ليعود بعد حين سيرته الأولى. *ما عاد بنا إلى هذا التاريخ القديم لبلاد الشام.. مطالع القرن السادس عشر الميلادي/ العاشر الهجري.. هو خروج وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس الأول (السبت)، ليعلن على رؤوس الأشهاد بأن بلاده « لن تُقدّم أية ضمانات قبل الذهاب إلى جنيف» في تنصل كامل وصريح عن روح ونص القرار الدولي (2254) القاضي في مادتيه (12 و 13) بوقف مؤقت للقتال ورفع الحصار عن المناطق التي حرمتها الحرب من وصول الإغاثة والمساعدات الإنسانية، أبداءً لحسن النية ضمن إجراءات بناء الثقة بين الأطراف المتفاوضة من المعارضة والحكومة السورية، في مستهل العملية السياسية التي ترعاها الأممالمتحدة والدول الكبرى بقيادة المبعوث الدولي استيفان دي ميستورا في مقر المنظمة الدولية بجنيف. ونواصل