* وُلد بمنطقة سكوت المحس.. * إلا أنه كان يجيد النوبية بلهجتيها المحسية والدنقلاوية .. * وكان الأمر هذا مما يثير حيرتي.. * بل إنه كان يدندن في صباه بالدنقلاوية لا المحسية.. * وبعد يوم واحد من رحيله المر عرفت السبب.. * فخلال مداخلة هاتفية إذاعية أشار الشاعر الدبلوماسي الراحل سيد أحمد الحردلو إلى أثر (سَحَرة) ناوا في غناء وردي.. *وعزا ذلك إلى (جينات) والدته التي قال إنها من هناك من جهة أمها.. * أي من ناوا جنوبي دنقلا.. * وناوا هذه هي مسقط رأس شاعرنا الحردلو نفسه التي كتب عنها – ضمن ما كتب – رائعته المسماة (قمرية من كُتن مار).. * ثم هو نفسه ورث بعضاً مما ورثه وردي بما أن ناوا هي بلاد (السحر).. * فإن كان سَحَرةُ فرعون قد سحروا أعين الناس – بالباطل – فإن وردي سحر آذان الناس ب(الحق).. *ثم (استحق) ألقاباً لم تُضفَ على أحد غيره من المطربين.. * فهو الهرم، وهو الفرعون، وهو الإمبراطور، وهو تهارقا ، وهو فنان إفريقيا الأول.. *واعتداد وردي بنوبيته كان مستصحباً معه اعتداده بسودانيته.. *وهو بذلك يُعد (مفخرة) للسودانيين كافة إزاء ما يُفاخر به الآخرون من حولنا في مجال الطرب.. * وقد أشار مرة بأسى الى تجاهل وسائل الإعلام المصرية له وقد مكث بالقاهرة سنين عددا.. * تجاهلته في وقت كانت تحتفي فيه بجواهر وستونة ومنير (المُردد لأغنياته).. * وبدافع من اعتداده المشار اليه هذا قال إنه يكفيه فخراً أن يكون فنان إفريقيا كلها (ناقصاً) مصر على أن يكون فنان مصر دون (بقية) إفريقيا.. * وقال أيضاً – في السياق ذاته – أنه لا يمكن أن يضحي بالخماسي (العالمي) من أجل سواد عيون السُباعي (المصري).. * ورحيل وردي المفجع جاء في وقت كنت قد سميته (موسم الهجرة إلى السماء).. *فهو (هاجر) عقب (هجرة) كلٍ من الطيب صالح وزيدان ابراهيم وسيد أحمد خليفة.. *ثم لحق بهم الحردلو بعد حين.. * فالمبدعون في بلادي يرحلون… * ويبقى الحزن مقيماً بيننا ما أقام عسيب (المنغصات).. * ونحن من جانبنا لا نقول إلا ما يُرضي الله (إنا لفراقك يا وردي لمحزونون).. * ويكفيك فخراً أنك (كتبت اسمك في لِحى الأشجار).. * و (نحته في صُم الحجارة).. * و (زرعته حارة حارة).. * ثم همست راضياً : (قلت أرحل!!!).