*ولم تكتمل طاقة نفسي الاستيعابية لمثل فرح أمس لانشغال محلها بحركة الحزن.. *وهو حزنٌ سببه أن عدواً يتربص بالثورة، وما تسفر عنه.. *وأكثر ما يخيفه من الذي تسفر عنه هذه الحكومة المدنية، بسلطاتها الثلاث.. *فالقضاء مستقل، ولا سلطة عليه من أية جهة (عليا).. *حتى وإن كانت متمثلة في عساكر المجلس السيادي… من بعد المجلس الانتقالي.. *والجرائم كثيرة… وخطيرة… وكبيرة… وجهيرة.. *ومنها ما يكاد ينطق بصيحة (ها أنا ذا)، بمثلما تكاد تنطق بها (العمارات السوامق).. *ومن كان هذا حاله فسوف يستميت دفاعاً عن حريته.. *وعن دنياه… وآماله… وماله…… وربما (عنقه).. *وما أكثر الذين ينطبق عليهم هذا الحال من رموز الإنقاذ، ولا نقول جميعهم.. *فمنهم من يعز عليه فقد نعيم بلا (ضوابط)… لثلاثين عاماً.. *ثم الذي هو أسوأ من النعيم غير ذي الضوابط هذا (القتل) بلا ضوابط، أيضاً.. *بل إن منهم من ظل يقتل حتى بعد سقوط نظامه.. *يقتل – الثائرين – (أصالة) عن نفسه… أو (استمالة) لآخرين، من النظاميين.. *فما كل الذين كانوا يطلقون الرصاص (يستهويهم) القتل.. *ولكن حين يكون سفك الدماء ذا (ثمن) فما أكثر الضمائر التي (ترخص) عندئذ.. *ومن يسفك مرة – بلا سبب – يصعب عليه التوقف.. *ومهما علا الزجر – وكثرت الدماء – فإنه يستمر في القتل، تظاهرة تلو أخرى.. *ولولا مثل هذا (الثمن) – تفسيراً – لقلنا إنه غير (سويٍّ).. *ولكان محله الطبيعي الذي يُفترض أن يُوجد فيه مصحة الأمراض النفسية.. *وإن كان (الثمن) هذا لا يعفيه – كلياً – من مثل هذا المصير.. *ولهذا السبب الدموي – وغيره من الأسباب الإجرامية – لم يكن فرحي (كلياً).. *فبخلاف القتل هناك جرائم أخرى، بدءاً من تقويض الشرعية.. *والطرف الذي يمكن أن تُؤتى الثورة من قِبله – من طرفي الاتفاق – هو العسكري.. *ونقولها بصراحة متناهية، وقد ولى زمن (الكبت).. *فهو الذي ما زال يمثل حاضنة (دافئة) للمتربصين هؤلاء، من فلول الإنقاذ.. *وحيثما تلفت تجدهم (متمكنين) في – ومن – مفاصل الدولة.. *في التلفزيون… في الكهرباء… في الخارجية… في النقابات… وفي مواقع (حساسة).. *بل إن منهم من هو أقرب إلى ذاك (الجنرال) من شراك نعله.. *وعقب التوقيع على الدستورية – البارحة – استضافت (الجزيرة) أحد المتفائلين.. *وقدمته بصفته كاتباً صحفياً، ومحللاً سياسياً.. *وما أكثرهم في أيامنا هذه، المحللون… والكاتبون… والخبراء الأمنيون… و الاستراتيجيون.. *فبدأ حديثه صارخاً بفرح (الآن قضى السودانيون نحبهم).. *وأرجو ألا يكون كلامه هذا نذير شؤم.. *مثل (تنكيس) وثيقة الاتفاق عقب التوقيع، ورفعها (مقلوبة).. *وقبل ذلك بيوم كنت قد كتبت عن فضائح بعضنا اللغوية في فضائيات العرب.. *ولعل عبارته هذه تصدق إن صدقت مخاوفي.. *فأكون حينها أول (قاضٍ لنحبه) !!. بالمنطق – صلاح الدين عووضة صحيفة الإنتباهة