البرهان يطلق تصريحات جديدة مدويّة بشأن الحرب    انطلاقًا من الأراضي الإثيوبية..الجيش السوداني يتحسّب لهجوم    الصادق الرزيقي يكتب: البرهان وحديث انقرة    الأهلي مروي يستعين بجبل البركل وعقد الفرقة يكتمل اليوم    عبدالصمد : الفريق جاهز ونراهن على جماهيرنا    المريخ بورتسودان يكسب النيل سنجة ويرتقي للوصافة.. والقوز أبوحمد والمريخ أم روابة "حبايب"    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    شاهد بالفيديو.. مطرب سوداني يرد على سخرية الجمهور بعد أن شبهه بقائد الدعم السريع: (بالنسبة للناس البتقول بشبه حميدتي.. ركزوا مع الفلجة قبل أعمل تقويم)    "صومالاند حضرموت الساحلية" ليست صدفة!    الخرطوم وأنقرة .. من ذاكرة التاريخ إلى الأمن والتنمية    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    شاهد بالفيديو.. (ما تمشي.. يشيلوا المدرسين كلهم ويخلوك انت بس) طلاب بمدرسة إبتدائية بالسودان يرفضون مغادرة معلمهم بعد أن قامت الوزارة بنقله ويتمسكون به في مشهد مؤثر    مدرب المنتخب السوداني : مباراة غينيا ستكون صعبة    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شاهد بالفيديو.. مشجعة المنتخب السوداني الحسناء التي اشتهرت بالبكاء في المدرجات تعود لأرض الوطن وتوثق لجمال الطبيعة بسنكات    تحولا لحالة يرثى لها.. شاهد أحدث صور لملاعب القمة السودانية الهلال والمريخ "الجوهرة" و "القلعة الحمراء"    القوات المسلحة: هجوم الطينة بطائرة مسيّرة عملٌ عدائي لمليشيا آل دقلو ويهدد أمن الإقليم    رقم تاريخي وآخر سلبي لياسين بونو في مباراة المغرب ومالي    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    بدء أعمال ورشة مساحة الإعلام في ظل الحكومة المدنية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة (إسعاد) حول البعثة الأممية
نشر في النيلين يوم 12 - 05 - 2020


♦️♦️♦️♦️
الحمدالله القائل (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء 83]. والصلاة والسلام على من بَلَّغ الرِّسالة، ونصح للأمّة، وبَيَّن لها سُبل الهدى والصَّلاح .
أمّا بعد:
فقد اطّلع الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدُّعاة (إسعاد) ممثلاً في هيئته العليا، وأمانته العامّة، ومستشاريته السياسية والقانونية على خطاب رئيس وزراء الحكومة الانتقالية المكلف -عبدالله حمدوك– الذي طالب فيه باستبقاء بعثة اليوناميد في دارفور -التي كادت تكمل مهمة الجلاء الكامل بنهاية عام 2020-، كما اطّلع على خطاب رئيس الوزراء المكلف لمجلس الأمن بخصوص تخويل مجلس الأمن ولاية عامة يشارك بموجبها في بناء القطاعات العسكرية والأمنية والقضائية وكتابة الدستور، ويخوله القيام بمهام مقصورة على المحكمة الدستورية، وغيرها من القضايا المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية في كامل أرض السودان، وكذلك على خطابه الملحق به الذي قلَّص فيه هذه المهام.
♦كما اطَّلع الاتحاد على قرار الكونغرس الأمريكي رقم (116)، بشأن الانتقال الديمقراطي، وتصريحات المبعوث الأمريكي بشأن وضع تقرير المصير في الاعتبار.
♦وتابع الاتحاد تصريحات السفير البريطاني الساخط على تسريب خطاب رئيس الوزراء المكلف الأوّل، وما تلا ذلك من مراجعات حوله وإرسال خطاب لاحق إلى مجلس الأمن، وقوله إنّ مسودة الخطاب الأوّل كُتبت بناءً على مشاورات بين ألمانيا وبريطانيا، وإنّ الحكومة السودانية لم تشارك فيها، وإنّه في حالة إصرار الحكومة على التعديل الجوهري فيه فإنّ دولته باعتبارها عضواً في مجلس الأمن ستمضي في بذل وسعها لحماية المدنيين في دارفور، رغم أنّ الخطاب المذكور يتحدث عن السودان كله، ولا يقتصر على حماية المدنيين في دارفور، بل يتعداه كما تقدم.
♦واطّلع الاتحاد كذلك على إعلان وظيفة المساعد الخاص لرئيس الوزراء السوداني لقضايا النوع الاجتماعي على صفحة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعلى الصلاحيات التي سيعمل بمقتضاها. وعلى خبر استقدام نيكولاس هيسوم ليكون مستشاراً في مكتب رئيس الوزراء المكلف، وهو الذي شارك في مفاوضات وترتيبات فصل الجنوب السوداني وكان مبعوثاً للأمين العام للسودان وجنوب السودان، وشارك في ترتيبات فصل الأكراد إداريا في العراق، وفي وضع دستور دولة بورندي، وكان مبعوثا في أفغانستان، ولم يعرف له أثر إيجابي على تلك الشعوب مطلقا، بل طُرد من الصومال بعد تورطه بالتدخل في الشؤون الداخلية والسيادية .
♦وتابع الاتحاد كذلك تصريحات رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية، وتصريحات المسؤولين في الحكومة وفي قوى الحرية والتغيير بالإضافة إلى تصريحات بعض السفراء حول البعثة وغاياتها وتأثيرها على السيادة والهوية ووحدة التراب السوداني.
♦وبناءً على ما سبق واستشعاراً لعظم المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء والأئمة والدُّعاة نبعث بهذه الرَّسائل إبراء للذّمة وتحذيراً للأُمّة:
أولاً:
يؤكد الاتحاد على أنّ إقامة السلام، والقضاء على مسببات النزاعات، وحماية المدنيين، ورتق النسيج الاجتماعي، وإصلاح القطاعات المختلفة، وتدوير عجلة التنمية من أوجب الواجبات، وهو غاية الثورة، ومبتغى الذين بذلوا أرواحهم، والذين فُقدوا، أهليهم وذويهم، وهو حلم كل سوداني في كل مكان.
ثانياً:
يؤكد الاتحاد على أنّ الحكم أمانةٌ عظيمة يجعلها الله تعالى في عنق من يشاء من عباده، فينبغي لمن تولى منصب الحكم والرّياسة أن يكون ناصحاً أميناً، وعادلاً عليماً، وصادقاً نزيهاً. ومن أوجب الواجبات عليه أن ينصح رعيته ولا يخونهم، ويؤدي حقوقهم ولا ينقصهم، ويعدل بينهم ولا يظلمهم، ويسوسهم بالعلم والرِّعاية، ويحسن إدارة مواردهم، ويصْدُقهم ولا يكذبهم، ويتقي الله فيهم. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِن أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُم الْجَنَّةَ»[متفق عليه]، ولذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم الحاكم الغاشَّ لرعيته بأن يحرَّم الله تعالى عليه الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»[متفق عليه].
ولا بدَّ لمن تولى أمّر الحكم مع اتصافه بالعلم الذي يُؤهِّلُه لحُسْنِ سياسة العباد والبلاد، أن لا ينفرد بقراره أو يستبدّ برأيه أو يتخذ بطانةً لا تنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم، فإن من أشراط الساعة، التي تأتي على الناس بشر مستطير، أن يتولَّى أمور العامَّة من ليس أهلاً لها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « َإِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»[أخرجه البخاري].
ثالثاً:
وظيفة الحُكم والرئاسة إنّما هي تكليف بعقد، يلتزم بموجبه من تَقلَّدَ منصب الحاكم أن يقوم بتدبير الشئون العامَّة للأُمَّة بما يحقق مصلحتها، وحتى تكون ولايته شرعية فيلزمه أن تكون تدابيره وسياساته في حدود ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، فإقامة دنيا النّاس تبع لإقامة دينهم فلا يجوز أن يُضحِّي الحاكم بدِين الناس من أجل إقامة دنياهم، فالغاية التي من أجلها خلق الله الثقلين هي عبادة وإقامة دينه؛ والمرقع للدنيا بالدين مضيع للدِّين والدنيا معاً. قال تعالى: (وَمَا خَلَقتُ 0لجِنَّ وَ0لإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ) [سورة الذاريات: 56]، والأصل في أمّة السودان أنّها أمّةٌ مسلمة رضيت بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا وبالقرآن الكريم دستوراً، قال تعالى ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [الشورى 10] فعند التنازع يكون اللجوء لحكم الله وليس للأمم المتحدة. وبناءً على هذا الأصل فإنَّ جميع المعاهدات والقوانين والمواثيق الدولية والإقليمية والمحلية التي لم يأذن بها الله تعالى، وكُلُّ الدَّساتير والنُظُم واللوائح التي تَسُنُّها الدُّول مخالفةً ومضادةً لكتاب الله وأحكامه باطلةٌ غير ملزمةٍ، وهي من قبيل الحُكم بغير ما أنزل الله؛ فإنَّ الحاكم والمُشرِّع هو الله تعالى، فلا عبرة بما يصدره مجلس السيادةِ أو رئيس الوزراء أو كائناً من كان؛ إنّما العبرة بما جاء عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة النساء: 65].
رابعاً:
سُلطة من اختير لإدارة الدولة ورعاية شؤون النّاس ليست مطلقة، وليس له أن يفعل ما يشاء ويدع ما يشاء، وإنّما هو فرد من الأُمَّة اختير لقيادتها، وعليه للأُمَّة واجبات هو مسئولٌ عنها ومُحَاسَبٌ عليها، وله من السُّلطة ما يستطيع أن يؤدي به التزاماته ويستوفي به حقوقه، وهو في أداء واجباته واستيفاء حقوقه مُقيَّد بأن لا يخرج على نصوص الشريعة أو روحها، قال تعالى: ﴿وَأَنِ 0حكُم بَينَهُم بِمَا أَنزَلَ 0للَّهُ﴾ [سورة المائدة: 49]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَة مِّنَ 0لأَمرِ فَ0تَّبِعهَا وَلَا تَتَّبِع أَهوَاءَ 0لَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ 18﴾ [سورة الجاثية: 18]؛ فشريعة الإسلام قد حدَّت لسُلطة الحاكم حدوداً ليس له أن يتعداها، فإن خرج عليها كان عمله باطلاً وكان من حق الأُمَّة أن تعزله وتولِّي غيره لرعاية شئونها.
خامساً:
يذكِّر الاتحاد بالآمال العراض التي عقدها الشعب على من ائتمنهم على ثورته الممهورة بالدماء من مدنيين وعسكريين في مجلسي السيادة والوزراء، فالنصيحة الخالصة لهم أن يقوموا بالواجبات العاجلة الموكلة إليهم من تخفيف وطأة الفقر والعوز، وحفظ الأمن، وجمع الكلمة وتأليف القلوب، وتهيئة البلاد لحقبة جديدة تستقر البلاد فيها سياسيا واقتصادياً، وألا ينتهكوا حق الله فيتعدوا حدوده، وألا يخونوا حقوق عامّة الشعب، فيسلطوا عليهم ثلة محدودة تعبث بهويتهم وكرامتهم وسيادتهم ومآل حالهم، وترهنهم للمؤسسات الدولية، والدول الأجنبية لتتمكن من حاضرهم، وتتسلط على مستقبلهم.
♦كما يذكر الاتحاد بأنّ من الأسباب التي جعلت غالبية الشعب يخرج ويثور على النّظام السابق ويسقطه الغِشّ والكذب والتضليل الذي تتابع وتكرر في شتى مؤسسات الدّولة، والتستر والتهاون مع الفاسدين والناهبين للبلاد، والتعدي على الحقوق، والضيق والضنك الذي جره على الناس.
سادساً:
التدخلات الأجنبية الدولية والأممية في ملف إحلال وبناء السلام في العهد السابق لم تحل دون الانقسام بين شقي البلد الواحد إن لم تكن صانعة له، ولم تؤمِّن العائدين للجنوب، ولم تحفظ السلم في أبيي، ولم تعمر الجنوب، وكانت طلائعها العسكرية عالة على القوات الحكومية في دارفور، كما أنّها لم تضمن للنظام السابق بقاءه.
فهيئات الأمم المتحدة تعمل في السودان منذ عشرات السنين، وقد تعاظمت سطوتها، وتكاثف وجودها بعد اتفاقية السلام سنة 2005، لكنّها في الواقع رغم تخصصاتها التنموية والتعليمية والتربوية والصحية لا تخدم احتياجات الناس الحقيقية إلّا قليلاً، وجل تمويلها الذي يأتي بعضه من الاشتراكات التي يدفعها السودان للأمم المتحدة يصرف على ورش العمل، ورواتب الخبراء الأجانب الطائلة، وعلى حمايتهم، وتيسير سبل حركتهم، وعلى دندنتهم حول القضايا التي تدور في فلك الجندرة مما لا طائل وراءه، ولا نفع يرتجى منه.
سابعاً:
للأمم المتحدة فريق قطري في السودان، يضم عددا من الهيئات الأممية في مجالات مختلفة، وهي الهيئات التي ستعمل تحت إمرة البعثة المستدعاة نفسها، فلن يكون هناك جديد غير تسليم دفة قيادة هذه الهيئات لمجلس الأمن بدلاً عن الحكومة. فالأمر في حقيقته استدعاء لقيادة، لا استنجاد بذوي خبرة واختصاص، يتجاوز وفقاً للمهام المطلوبة في خطاب رئيس الوزراء المكلف جدل الفصل السادس والسابع إلى التحايل على الفصل الثاني من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بمنع مبادرة الأمم المتحدة بفرض وصاية على عضو فيها ليطالب في الواقع بتطبيق ما يتضمنه الفصل الثاني عشر المتعلق بالوصاية.
أما الاستفادة من الخبرات الدولية فممكنة بغير هذه الطريق الوعرة، وفي بعثات الأمم المتحدة لإحلال وبناء السلام عشرات الخبراء السودانيين، بل شغر بعضهم خانة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في بعض هذه البعثات. فإن لم يكن في الدنيا إلا خبراء الأمم المتحدة، وانعدمت الحلول إلا عند خبراء الأمم المتحدة، فليكن ذلك وفق برنامج وطني يستفيد من تلك الخبرات الوطنية، فينتدب السودانيين فيها لخدمة بلادهم وبنائها على أن تتولى الأمم المتحدة نفقاتهم، وتمول المشروعات الوطنية للإعمار، فالسودانيون باحتياجات بلادهم أعرف، وبثقافة شعبهم أدرى، وعلى مصالحه أحرص.
والخبراء السودانيون خارج المنظمات الدولية، في الجامعات والمراكز البحثية، والمؤسسات المختلفة في أرجاء الدنيا كلها كثيرون مشهود لهم بالتميز والنزاهة، ولن يترددوا في تسخير علومهم وخبراتهم لخدمة بلدهم في ظل حكم سياسي راشد، وقيادة حكيمة، ونظام مؤسسي شفاف، ولن يحدث هذا بغير الانفكاك عن المآرب الحزبية، والتحيزات القبلية، والعمالة للخارج.
ثامناً:
إنّ من أبرز مظاهر غِشِّ الحاكم وخيانتِهِ لدينه وأمّته أن يُوَلِّيَ على المناصِبِ من ليس أهلاً لها مع علمه بوجود من هم أولى وأصلح وما ذاك إلّا مَيْلاً ومُحَابَاة، أو تقديما لمصالح فئةٍ قليلةٍ على مصير شعبٍ بأكمله، وفي هذا المسلك تعزيز للفساد وتدميرٌ للبلاد، وتكرار لتجربة خسرت وبارت وقادتنا لما نحن فيه من ضيق وبلاء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من استعملَ رَجْلاً من عِصَابةٍ، وفي تلك العِصَابةِ من هو أرضى للهِ منه، فقد خَانَ اللهَ، وخانَ رسولَهُ، وخانَ المؤمنين» [أخرجه الحاكم في المستدرك]، وقال صلى الله عليه وسلم: « من وَلِيَ من أمرِ المسلمين شيئاً فأمَّرَ عليهم أَحداً محاباةً فعليهِ لعنةُ اللهِ، لا يَقْبَلُ اللهُ منه صَرْفَاً ولا عَدْلاً حتى يدخله جهنم» [أخرجه الحاكم في المستدرك]، وقال صلى الله عليه وسلم: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَة، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الفُوَيسقُ يتكلمُ في أمْرِ العامَّة»، وفي رواية: «التَّافهُ يتكلم في أمر العامة»، وفي رواية: «السفيه يتكلمُ في أمْرِ العامَّة» [أخرجه أحمد وابن ماجة].
وإذا كانت تولية أمر إدارة البلاد لمن ليسوا أهلاً لها يُعَدُّ خِيانةً للأمانة وغشّاً للرّعية، فأعظم منه جُرماً تولية الأمر لدول متربصة طامعة تتخفى خلف المنظمات والجمعيات، لا يرقبون في المسلمين إلّاً ولا ذمّة ولا يرعون لهم عهداً ولا حرمة وقد قال الله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران 118].
ختاماً:
لكل ما سبق يعلن الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدُّعاة:
اعتراضه على الخطوات التي أقدم عليها رئيس الوزراء المكلف عبدالله حمدوك باستبقائه لقوات اليوناميد، ودعوته الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن لتحشر نفسها في شؤون السودان وشعبه.
ويعلن استهجانه لمحاولات الاستغفال والتحايل لتجميل هذه الخطة البئيسة الظالمة لشعب السودان.
ويؤكّدُ رفضه القاطع لتجاوز الحكومة المكلفة للمهام الانتقالية التسييرية التي كلفت بها، وإهمالها للتصدي لاحتياجات الناس العاجلة الصحية والمعاشية، وبطئها في إطفاء الحرائق التي باتت تشب شرقا وغربا ووسطا.
ويُحذّر من تفتيت البلاد وتمزيقها ورهنها لتجار الحروب وصناع الأزمات، ولنا في تجربة الجنوب الأليمة عبرة.
هذا ويدعو الاتحاد كافّة أهل السودان إلى رفض هذه الولاية التي منحها من لا يملك لمن لا يستحق، وإلى الاصطفاف لبناء بلادهم بسواعدهم، وإلى نبذ الفرقة والتناحر، وإلى الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يُجنّب البلاد والعباد الفتن ماظهر منها وما بطن، وأن يجمع شعبنا على كلمة الحق والهدى، وأن يبدل شدتنا رخاء، وبلاءنا عافية، وخوفنا أمنا.
19 رمضان 1441- 11 مايو 2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.