من أكثر الأسئلة التي أواجهها كإعلامي، تساؤل يُطرح بكثرة حتى في المجالس العامة، حول القناة الإخبارية الأكثر مهنية من بين (الجزيرة) و(العربية)، وهو سؤال جدلي ينقسم حوله المشاهدون العرب غالبًا؛ وفقًا لميولهم العاطفية، متجاوزين في الغالب أي اعتبارات مهنية أو موضوعية.لذلك، وقبل محاولة الإجابة من منظور أزعم أنه محايد، لا بد أولًا من توضيح معنى (المهنية الإعلامية)، والتي تعني: الالتزام بأخلاقيات وضوابط المهنة، بما يشمل نقل الأخبار بصدق وموضوعية، والطرح المتزن بعيدًا عن التحيُز، مع احترام حقوق الأفراد والمجتمعات. * انطلاقاً من هذا التعريف المبسّط يمكن القول: إن ثمة فروق واضحة في الأسلوب والتحرير وسياسات العمل التي تتبعها كل قناة، فعلى صعيد المصداقية والتحقق من المعلومة؛ كثيراً ما تتعرض الجزيرة للانتقاد بسبب تعجّلها في تبنّي روايات غير موثوقة، خصوصاً من الأطراف المعارضة للحكومات، مما يدفع البعض لاتهام القناة بالتسرّع وعدم التثبت، على عكس القناة العربية التي تميل إلى الحذر؛ والتحقق المتأني قبل نشر الأخبار، وهذا الحذر قد يُنظر إليه أحياناً على أنه تأخير أو نقص في الجرأة، لكن الخبراء يرونه علامة التزام بالمهنية والصدق.* على صعيد توازن المحتوى وتنوع الضيوف، من المعروف عن الجزيرة الميل إلى استقطاب مثيري الجدل من المعارضين والثوريين، واعطائهم مساحة أكبر من غيرهم، مما يجعلها في نظر البعض غير متوازنة في محتواها، على عكس نظيرتها العربية التي تهتم بتوازن عرض الرأي والرأي الآخر، وتحرص على استضافة جميع الأطياف، حتى وإن كان ذلك ضمن نطاق يتجنب الأصوات المعارضة للدول الخليجية، مما يجعلها أكثر تحفظاً في اختياراتها. * في أساليب الإخراج الفني والتقديم، تمتاز الجزيرة بتغطيات حية وسريعة الإيقاع، تُفضّل التقارير الميدانية، حتى في أصعب مناطق النزاع، متبعة أسلوباً ديناميكياً في تقديم الخبر والصورة، مما يخلق شعوراً بالسرعة يجذب المتابعين.. على الكفة الأخرى تتميز العربية بتحليل أكثر دقة، ويفضل القائمون عليها استخدام أسلوب استقصائي يهتم بأدق التفاصيل، مما يعطيها مظهراً أكثر عمقاً ورصانة، وبعداً عن الضجيج الإعلامي.* على محور الشفافية والسياسات العامة، تعلن الجزيرة صراحة دعمها لقضايا معينة، كما لا تخفي ميولها في بعض الحالات، خاصة في القضايا التي تخص الحركات الشعبية، بل إن بعض مذيعيها كثيراً ما يدخلون كطرف في موضوع النقاش لتغليب رأي على آخر، على العكس من العربية التي تحاول الالتزام بسياسة تحريرية أكثر حيادية فيما يخص المواقف السياسية، وتفضل عدم التصريح بتوجهاتها بشكل معلن. * بشكل عام.. تميل سياسة قناة الجزيرة إلى استثارة العواطف وتوظيف خطاب مؤثر في تغطياتها، لا سيما في القضايا التي تمس الشعوب، وكثيرا ما تستخدم لغة تُعزز التعاطف الشعبوي، كما تعرض مشاهد مكثفة للأحداث الاحتجاجية، مما يجعل المتابع يعيش التجربة بشكل عاطفي كما حدث أيام الربيع العربي، وهذا النهج ساعدها في كسب قاعدة جماهيرية كبيرة في دول إسلامية عدة، أما العربية فتحظى بشعبية عند الجمهور الباحث عن تغطية أكثر توازناً وبعداً عن الإثارة الإعلامية. * بعيداً عن التعبئة الشعبوية والتلاعب بالعواطف، يتضح من خلال المعايير السابقة تفوق القناة العربية مهنياً، كونها تُفضّل تقديم الأحداث من زاوية مستقرة، تبتعد عن الإثارة والبعد الدرامي في عرض الأخبار، ما يجعلها تبدو أكثر توازناً ورصانة، وأقرب إلى المعايير المهنية، مقارنةً بالطرح العاطفي والانفعالي الذي تتبناه الجزيرة في كثير من تغطياتها. محمد البلادي – جريدة المدينة script type="text/javascript"="async" src="https://static.jubnaadserve.com/api/widget.js" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة