*إحدى مهام حلفاء الميليشيا، خاصةً أدعياء الحياد، هي الاغتيال المعنوي للشخصيات الملهمة ممن يتصدون للعدوان. يثبت إرثهم وتاريخهم أن واحدة من أهم طرقهم في الشيطنة والاغتيال المعنوي تقوم، في جوهرها، على ما يمكن تسميته بالشيطنة بعكس التميُّز: أي أن يستهدفوا الشخص في في نقاط قوته وأكثر ما يميزه!* * *لكن نجاح هذه الطريقة مرهون بموضوع القصة الملفقة، ودرجة التناسب بينها والصفة المستهدفة، وتوفر شيء من الضبابية يسمح بتمريرها، إضافةً إلى درجة من الصعوبة في دحضها تماماً أمام من يتمسكون بها. فإذا كانت القصة الملفقة في حدود الممكن تخيله عقلاً، يمكن أن تصدقها بعض العقول التي تشاطرهم العداء لذات الشخصيات، لكن إذا تجاوزت الحد، انقلبت عليهم!* * *وهذا هو ما حدث بالضبط في محاولة شيطنة الشهيد مهند فضل، فقد اختارت من تصدت للمهمة أن تعيد رسم صورته بوصفه متعلّقاً بالدنيا وامتيازاتها، بينما كان العكس هو الصحيح، لا على مستوى القول فقط، بل على مستوى الفعل أيضاً، إذ كان يردد مع أخيه الشهيد خطاب: "لا خير من سعةٍ في الدنيا ضيعت طريق الآخرة"، ثم ترجم هذا القول إلى فعل.* * *وبذلك صارت محاولة الشيطنة بهتاناً نقيضاً فجاً مفرطاً انتهى إلى الفشل الذريع، خاصةً وأن المحاولة أتت في لحظة تعاكسها تماماً، وتجاوزت الإمكان إلى العبث الذي لا يصدقه أحد، فوقف برهان البهتان عاجزاً أمام برهان الدم!* * *الفشل إذن ليس صدفةً، بل نابع من القانون المعلوم بداهةً. فحين تُفعَّل طريقة الشيطنة بعكس التميُّز إلى أقصى حد، تفقد قدرتها على إقناع حتى أضعف العقول، وأكثرها عداءً وقابلية للسواقة. ولهذا فإن ما حدث من قلب لكتيب "حصن المسلم" (كرمز للتعلق بالآخرة) إلى "جواز دبلوماسي" (كرمز للتعلق بالدنيا في تصورها) لم يكن نسفاً لرمزية الشهيد، بل تكريساً لها، لأن المبالغة في اختراع الصورة المضادة جعلت الأصل يزداد حضوراً وبهاءً وصلابةً.* * *مثلت محاولة الاغتيال المعنوي مباركةً فعلية لأفعال الميليشيا، لا بقتل الشهيد وزملائه فقط، بل أيضاً بمهاجمة القرى ونهبها وتشريد سكانها، وبتجريم أي مقاومة، ومثلت محاولةً لنقل الرمزية إلى جنود الميليشيا، ومثلت امتداداً إجرامياً لفعلهم غايته إكمال القتل والإجهاز الكامل على الشهيد وصورته. وهذا ما لم يقم به حتى جنود الميليشيا أنفسهم، فقد كانوا أولى بإظهار الجواز الدبلوماسي، لو كان هناك جواز دبلوماسي، وكانوا أيضاً أولى بالبهتان!* * *لم تضف الراغبة في إكمال القتل سطراً سلبياً في سيرة الشهيد، فالناس يعرفونه حق المعرفة. فقد ظل مرابطاً منذ الأيام الأولى لبداية هجمات الميليشيا على الوحدات العسكرية، وظل يختار أكثر الجبهات سخونةً. لكنها أضافت سطوراً سلبية إضافية لسيرتها هي، إذ مثلت محاولتها الفاشلة كشفاً إضافياً لحلفها مع الميليشيا، ولضعف تفكيرها، ولفجورها في الخصومة، وهذا سينتقص منها أمام عامة الناس، حتى لو كان الفجور في الخصومة مما يرفع الناس عند معسكرها السياسي!* * *لم يكن ما فعلته مستغرباً، فهي نقيض الشهيد مهند في جوهر ما بهتته به. فقد حاولت تصويره أسير الدنيا وامتيازاتها، بينما هي الغارقة في التعلق بها. وهنا يظهر الإسقاط بأوضح صوره، إذ نسبَت ما فيها إلى من برهن على براءته منه بأقوى طرق البرهنة!* *هناك غيرها من رفاقها من حاولوا، بطرق مختلفة، القيام بمهمتها، لكن كل مساعيهم باءت بالفشل، إذ كانت أقوال وأفعال الشهيد بالمرصاد لمحاولاتهم المفضوحة. ولو تمتع أدعياء عدم التحالف مع الميليشيا بقليل من الذكاء لدعموا دعواهم بأفعال تثبتها، أو بالامتناع عن أفعال تناقضها، أو بقفل أبواب ظن السوء بهم، فمن يصدِّق أن الراغبين في إكمال القتل لن يصل تحالفهم مع الميليشيا إلى حد التخابر، وتقديم المعلومات التي قد تتوفر لهم، لتعينها على ابتدار القتل، ليقوموا هم بإكماله!* إبراهيم عثمان إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة