يحتل السودان موقعاً إستراتيجياً في أفريقيا ويعتبر من أكبر دول القارة مساحة لذلك يمثل جسراً للتواصل بين أفريقيا السوداء والعالم العربي وشرياناً لتغذية أفريقيا بالثقافتين العربية والإسلامية وبوتقة لانصهار تلك الحضارات وتمازجها، فضلاً عن أن الشعب السوداني يدين بديانات متعددة أبرزها الإسلام ثم المسيحية، فهو مدخل للثقافتين العربية والإسلامية إلى القارة الأفريقية. وخلصت الندوة لضرورة ربط السودان ودول الجوار بطرق معبدة على غرار ما تم مع أثيوبيا وربط السودان ودول الجوار بمشاريع إستراتيجية مهمة، مع تشجيع إقامة المشاريع المشتركة والعمل على استقرار دول الجوار ودعم وتشجيع التحولات الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة فيها، لا سيما وأن السودان متجه للاستقرار السياسي والأمني الدائم في ظل التسويات السياسية الجارية حالياً، فضلاً عن العمل على تشجيع سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الغير وزيادة سلع قوائم التبادل التجاري المرتبطة بتجارة الحدود وتسهيل حرية انتقال الأفراد من وإلى السودان دون قيود تذكر على قرار ما أعلنه الرئيس الأريتري أفورقي مؤخراً بالسماح للسودانيين بالدخول إلى أريتريا بالبطاقة الشخصية فقط. ولتسليط الضوء على علاقات السودان بأفريقيا عقد مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع وزارة الخارجية، ندوة (تعزيز العلاقات السودانية الأفريقية)، تناولت الندوة محاور سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية ومحاور اجتماعية من خلال أوراق علمية وشارك في الندوة ممثلون دبلوماسيون من «10» دول أفريقية. : وشدد د. يوسف خميس أبو رفاس في ورقته (دور المنظمات الإقليمية في تعزيز العلاقات السودانية الأفريقية)، على ضرورة الإهتمام بالعمل الدبلوماسي بين السودان والدول الأفريقية على أن تكون في كل دولة أفريقية سفارة أو قنصلية وربط السودان بالدول الأفريقية عبر شبكات الطرق وأكد على ضرورة الإهتمام بالمشاركة في المعارض والأسواق في أفريقيا التي تنظمها هذه المنظمات الإقليمية من أجل تسويق منتجات السودان في هذه الدول وتوظيف أكبر عدد من السودانيين في هذه المنظمات من أجل اكتساب الخبرات ومراعاة القضايا السودانية. وقال أبو رفاس إن هناك عقبات أعاقت عمل المنظمات الإقليمية في أفريقيا، منها التأثيرات الخارجية المتمثلة في الأطماع الإستعمارية وكثرة الحروب والمنازعات بين مكونات التنظيمات الإقليمية الأفريقية والخوف من هيمنة الدول الكبرى الأعضاء على الضفاف، فضلاً عن توقد الشعور بالقومية لدى بعض الدول كوسيلة من وسائل إثبات الوجود وحماية نفسها من مواجهة الكيانات الأكبر. وتناولت ورقة السياسة السودانية التي قدمها د. أحمد محمد أحمد عبد الله المصالح الاقتصادية والمصالح الأمنية والعسكرية والعمق الإستراتيجي وأوضحت أن السودان يجاور «7» دول أفريقية في حدود مفتوحة، لذلك يرتبط اقتصادياً وتجارياً بهذه الدول حيث أنه من اليسير للسودان أن يتعامل مع هذه الدول بدلاً من التطلع بعيداً في سبيل تحقيق مصالحه التجارية، خاصة وأن منتجات السودان الصناعية على وجه الخصوص لا يمكن أن تجد سوقاً رائجة إلا في الدول الأفريقية المجاورة وغير المجاورة، وذلك للميزة النسبية التي قد تتمتع بها تلك المنتجات، وأشارت إلى أن جميع الدول العربية متفوقة صناعياً على السودان، الأمر الذي قالت إنه يجعل من الصعوبة على السودان تسويق منتجاته الصناعية في تلك الدول العربية، فضلاً عن أن السودان بإمكانه أن يكون معبراً للسلع العربية إلى أفريقيا.. كما أن الأمن القومي السوداني يمتد في عمق أفريقيا ويجاور «7» دول أفريقية في حدود مفتوحة، لذلك كثيراً ما تأتي التهديدات للأمن القومي السوداني عبر حدوده مع أفريقيا كما حدث في جنوب وشرق وغرب السودان، الأمر الذي يقتضي تحسين العلاقات مع هذه الدول درءاً لهذه المخاطر والخروقات الأمنية التي كثيراً ما أقلقت مضاجع حكومات الخرطوم. وأكدت الورقة وجود معوقات تاريخية وراهنة لعلاقات السودان الأفريقية، إذ ظلت العلاقات الأفريقية السودانية دون الطموح، بل شابتها عدة معوقات لأسباب كثيرة منها سياسات المستعمر واختلاف التوجهات الحضارية وندرة المصالح الاقتصادية والصراع بين العروبة والزنوجة في السودان وتدخلات القوى العظمى. واستعرضت الورقة مسيرة العلاقات السودانية الأفريقية، حيث أوضحت أن جذورها امتدت لفترة استقلال السودان بمشاركة السودان الدول الأفريقية همومها المشتركة في النضال من أجل الاستقلال وبعد نيل السودان استقلاله استمرت الحكومات السودانية في دعم حركات التحرر الأفريقية، خاصة في ناميبيا وجنوب أفريقيا العنصرية، مشيرة إلى أن ذلك الدعم أصبح أكثر وضوحاً في عهد حكومة مايو، حيث كان النميري يرمي إلى أن يكون السودان الجسر الذي يربط أفريقيا بالعالم العربي حتى تستفيد أفريقيا من ثروات العالم العربي ورؤوس أمواله في نهضة دولها وتستفيد الدول العربية بالمقابل من ثروات أفريقيا الأولية ومن الدعم الذي تقدمه الدول الأفريقية للقضايا العربية، خاصة قضية تحرير فلسطين حيث قاطعت كل الدول الأفريقية آنذاك الكيان الصهيوني. وقال السفير علي الصادق الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن العلاقات الأفريقية مهمة جداً في علاقات السودان الخارجية وأكد التزام الرؤساء الأفارقة بالعمل سوياً للإستفادة من كل الإمكانات والموارد الغنية للإرتقاء بالظروف المعيشية والتحرر من الفقر والبطالة والمرض، وأشار السفير إلى أن موقع السودان كجسر بين العرب وأفريقيا انعكس على مكونات الشعب السوداني من ناحية اللغة والزي واعتبر أن الندوة واحدة من انتماءات السودان لأفريقيا وقال إن السودان عضو مؤسس وفعال في تجمعات الدول الأفريقية وإنه يعد من أكبر الدول التي تدفع مساهمات في ميزانية الإتحاد الأفريقي، وأبان وجود حوالي 170 سفارة للتمثيل الدبلوماسي السوداني بالدول الأفريقية لتسهيل المعاملات السياسية . وأشار الصادق للجوء الحكومة للإستعانة بقوات أفريقية بعد تنصل الحركات المسلحة في دارفور، لكنه أقر بنقص التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول الأفريقية، الذي قال إنه يعتبر اللبنة الأساسية لتحقيق التكامل بين الدول. وكشف د. خالد حسين مدير مركز السودان للبحوث عن الفراغ من إعداد دراسة حول الأفارقة الذين درسوا بالسودان تنفيذاً لطلب وزارة الخارجية ومنهم رئيس الحكومة الصومالية الحالي شيخ شريف شيخ أحمد ورئيس المجلس الوطني ووزراء التربية والتعليم والشؤون الإنسانية والتخطيط العمراني والتعاون الدولي بالصومال ووزير الدفاع التشادي ونائب مدير جامعة أديس أبابا بأثيوبيا وآخرون يتبوأون مناصب عليا ببلدانهم، وأوضح د. خالد أن المركز عبارة عن منظمة طوعية ضمن منظمات المجتمع الدولي متخصصة في إجراء البحوث العلمية لخدمة السودان.