كان دينق ألور القيادى فى الحركة الشعبية يتحدث بلغة مباريات كرة القدم وإحراز الاهداف وهو يقول إن الشماليين يتحدثون عن الوحدة فى الزمن بدل الضائع وبدا ألور أكثر إحباطاً من الواقع الذى تعيشه اتفاقية السلام الشامل هذه الايام التى صعَّد فيها الشريكان لغة تصفية الحسابات والتهديد، والتهديد المضاد الامر الذى جعل مصير البلاد تحكمه عبارات مثل الطلاق، والإنفصال.. الخ ---- وتجلت هذه اللغة فى ورشة تقرير المصير التى نظمتها الاممالمتحدة بالتعاون مع اتجاهات المستقبل امس الاول وتحولت فيها القاعة عالية البرودة الى درجة حرارة مرتفعة احس جراءها المشاركون فى الورشة ان الجنوب انفصل عملياً فى تلك اللحظة ففى تلك الورشة تخلى الدكتور غازى العتبانى عن دبلوماسيته المعهودة واضطر للرد على الاتهامات التى كالها ألور للحركة الاسلامية والمؤتمر الوطنى محملهم مسئولية تشرذم السودان وانفصال الجنوب عندما يحين وقت الاستفتاء على تقرير المصير بعد (14) شهراً بحسب اتفاق السلام الشامل. بدأت الورشة التى ادارها خالد منصور الناطق الرسمى للبعثة بورقتى عمل قدمهما دكتور فرانسيس دينق والدكتور عبدالوهاب الافندى حول الانتخابات وتقرير المصير. اعتلى دينق الور المنصة وبدأ حديثه متحسراً على اضاعة الشماليين لفترة ستة اعوام فشلوا خلالها كما قال فى اقناع الجنوبيين بالوحدة وقال ان النقاش كان من المفترض ان يكون منذ وقت مبكر حتى يتلافى الناس الاخطاء التى ارتكبت بحق الجنوبيين. ويرى دينق ان تاريخ الازمة بين الشمال والجنوب يرجع الى الاستعمار البريطانى الذى فرق السودان على اساس عرب وافارقة ومسيحية وإسلام ولكنه أبدى أسفه لان الشماليين فى تقديره ساروا على نفس النهج الذى تركه الاستعمار دون ان يعطوا الجنوبيين حقوقهم. واضاف دينق (ان الشريعة الإسلامية هى التى اضاعت البلاد وان توزيع السودان على اساس عرب ومسلمين جعلنا خارج دائرة البلاد وان نظام الحكم الإقصائى جدير بان يفرق الناس وان الفرصة الان مواتية للجنوبيين من خلال حق تقرير المصير لان ينالوا استقلالهم.) ولا تختلف المفردات التى استخدمها كثيراً عن تصريحات الفريق سلفا كير النائب الاول لرئيس الجمهورية فى القاهرة وجوبا الاسبوع الماضى وتحدث فيها أيضاً عن الوقت الضائع والظلم الشمالى. وظل دينق طوال حديثه فى الورشة سائراً على خطى سلفا يكيل الاتهامات للمؤتمر الوطنى والشماليين بصورة عامة الامر الذى آثار غضب الدكتور غازى صلاح الدين وكانه كان ينتظر فرصته فى الحديث للرد على دينق.وبداً غازى معقباً على أسلوب دينق فى الحديث قائلا إنه شخص معروف بانه مرتب فى الحديث ولكن للاسف فان ما ردده عن الوحدة وتقرير المصير ظل يردده منذ ثلاثين عاماً ويشهد على ذلك اصدقاؤه فى السياسة، واضاف انه ليس من مصلحة الشعب السوداني سواء في الشمال او الجنوب النظر الى الامور بارتياب والوقوع في أسر أوهام الاضطهاد وان يصل القنوط الى حد اختيار الانفصال. لاحظ المتابعون للورشة ان دينق حكم على مصير السودان بالطلاق الآمن بدلا عن الوحدة فقد قال الان الانفصال اصبح جاذباً و ان الحركة ظلت تفكر بجدية فى مستقبل بلاد موحدة ولكنها فشلت وان المؤتمر الوطنى بسياساته الاقصائية فرض على الجميع الانفصال ولكن تدخل ممثل الامين العام للامم المتحدة اشرف قاضى وبدا كحكم بين الطرفين (الشمال والجنوب) وطلب من الجميع العمل من أجل تحقيق الوحدة من خلال احراز هدف فى الزمن بدل الضائع. وقال اشرف قاضى إن الشريكين متفقان رغم الخلافات الظاهرة فى الاعلام ولهما الرغبة فى تحقيق الوحدة والسلام فى بلدهم وان المجتمع الدولى حريص على مساعدتهم ولكن حكم المباراة اشرف قاضى أطلق صافرة النهاية قائلاً( بغض النظر عن نتيجة الإستفتاء سواء كانت لصالح الوحدة او الانفصال يجب ان تمضى الامور بسلام فان الدولتين يجب ان يعيشا كجارين متعاونين وفق المصالح والروابط القبلية ولكن من الضرورى ان نعمل من أجل الوحدة بالرغم من ضيق الوقت. ورغم ان دينق الور حسم الأمر باختيار الانفصال والجوار الآمن الا انه ختم حديثه بالقول (اذا رغب الشماليون فى الوحدة فان الوحدة شروطها سهلة وهى ان يقدموا تنازلات، وليس بالامانى وهى مساواة الجميع بفصل الدين عن الدولة). اما دكتور غازى فقد اكد على ان الحكومة ملتزمة باتفاقية السلام الشامل مفنداً حديث دينق عن الدولة الاسلامية وظلم الشمال للجنوب وقال إن هذه الخلافات الهدف منها التلاعب بمشاعر الجماهير وان الاستفتاء سيتم تحت اشراف حكومة منتخبة وإذا أراد الجنوبيون الانفصال من حقهم واذا كانت هناك أخطاء سيتم تصحيحها من خلال المناقشات الجارية. اما مراقب الاتفاقية دريك بلمبلى رئيس مفوضية التقييم الخاصة بانفاذ السلام الشامل فقد ابدى ملاحظات غاية فى الأهمية وقال من الضرورى جداً أن يدرك الاشخاص الذين سيشاركون فى التصويت على حق تقرير المصير ماهية المآلات االمترتبة خلف اى من الخيارين واضاف ان الاتفاقية تبلغنا بتفاصيل دقيقة حول الترتيبات التى يمكن القيام بها فى الفترة الانتقالية ولكننا لا نملك خريطة طريق حول المرحلة التى تلى التصويت فمثلاً سواء كان القرار وحدة او انفصال فما هو مصير الثروة فى الحالين . واضاف على اى حال توجد روابط قوية ومصالح مشتركة مهما كانت النتائج بين الشمال والجنوب ومن المهم ان يدرك الجميع ان المرحلة التى تلى الاستفتاء ستنقل السودان الى مرحلة مختلفة تماماً مهما كانت النتائج وان الاستفتاء ينبغى ان يخدم المواطن فى الحالين . ومهما يكن من أمر سيظل مصير المليون ميل مربع تحكمه فترة (14) شهراً تعيشها البلاد تحت حكم الشريكين وخلافاتهما.