قبل أيام قلائل تساءل أحد الكتاب الصحفيين في زاويته عن بعض الوزراء وقال: أين هم وماذا يفعلون؟ ولا أذكر بالضبط إن كان قد تذكر وزير الصناعة السميح الصديق أم لا.. ولكن المهم في المسألة أن ملف السكر جعل الرجل حاضراً في مسرح الأحداث غض النظر عن شكل ذلك التواجد، بيد أنه و مما لا شك فيه أن الوزير لن تمضي إموره بشكل «حلو» فمنذ تقلده لمهامه في التشكيل الوزاري الأخير اصطدم الوزير السميح الصديق بعقبات جلها حدث في قطاع «السكر» وجزء منها إلى حد كبير هي صراعات داخل ذات القطاع وإن بدت خافية على الكثيرين بدأت بالجدل حول ضياع مبلغ خمسة ملايين دولار تردد أنه تم سحبها من خزانه شركة سكر كنانه بواسطة موظف هندي غادر بعدها البلاد.. وهمست أيضاً مجالس المدينة بأن المبلغ تم سحبه من حسابات شخصية تخص مسؤولا رفيعا يعمل في مجال السكر وغض النظر عن تلك الأقاويل، وإن شئنا الدقة المزاعم، فإن الوزير نفسه تدخل في الأمر ودافع باستماتة عن كنانة، قد يكون من واقع شغل السميح لمنصب رئيس مجلس إدارة الشركة فأكد سلامة أرصدتها وعدم فقدانها أي مبلغ مع ان المسألة لم تخضع للجنة تقصي ناهيك عن تحقيق. جدل السكر تواصل مرة أخرى في أعقاب مهاجمة المجلس الوطني لشركتي كنانة والنيل الأبيض وكشفه عن عدم خضوعهما للمراجعة، بل إن رئيس لجنة الحسبة والمظالم بالبرلمان الهادي محمد علي أبدى تضجره من المسألة وأكد مضيهم في اتجاه إرغام كنانة للرضوخ للمراجعة.. ووجد السميح نفسه في مواجهة مع البرلمان وقد هاجم الوزير البرلمان وقال ل«أخر لحظة» في وقت سابق أن البرلمان كان يفترض أن يعود اليه قبل إطلاقه الإتهامات وواصل البرلمان الضغط علي كنانة، وشن النواب في جلسة مشهودة كانت خاصة بمناقشة تقرير المراجع العام هجوماً على كنانة، وبعد مرور نحو أسبوعين أعلن الوزير السميح خضوع كنانة للمراجعة بل تحدى من يثبت عدم مراجعتها مما خلف موجة من التساؤلات. لكن السميح وجد نفسه مرة أخرى غارقاً في وحل «السكر»، وقال في تصريحات صحفية محدودة كانت الزميلة «اليوم التالي» واحدة من الصحف التي نقلت إفاداته التي أشار فيها إلى وجود تشكيل رئاسة الجمهورية للجنة تحقيق بشأن تجاوزات في مصنع سكر مشكور بالنيل الأبيض، وقال إن هناك مشكلة في مقدم القرض البالغ (25) مليون دولار مما دفع الرئاسة لتشكيل اللجنة. تصريحات الوزير أدخلته في مواجهة جديدة مع وزير الزراعة السابق د.عبد الحليم المتعافي الذي يترأس مصنع سكر مشكور حيث كذب المتعافي، حديث السميح ونفاه جملة وتفصيلاً بعدم وجود أي تجاوزات. وكشف المتعافي رواية أظهرت السميح بعدم المتابع لمجريات الأمور ذات الصلة بوزارته، عندما قال المتعافي إن تسلم رئيس الجمهورية نسخة من صحيفة يومية كتب فيها أحد كتابها عن وجود تجاوزات لمتنفذين في سكرمشكور «قال إنهم قبضوا عمولة بلغت 22.5 مليون دولار»، وبالقطع يعني المتعافي حيث لا يوجد متنفذون في مشكور وأشارالمتعافي إلى استجابة الرئيس لمطلبه الشخصي بالتحقيق في الامر وتوجيهه وزيرالعدل بالتقصي والذي وجه بدوره مستشاراً بالوزارة لبحث المسألة، نافياً تشكيل الرئيس للجنة بقرار رئاسي. بل أشار المتعافي إلى أن كاتباً آخر قال إن عبد الحليم قدم رشوة مقدارها (22.5) مليون دولار حتى أن المتعافي سخر من المسألة بالقول «واحد قال قبضنا والتاني قال دفعنا ما عرفنا الصاح شنو». وزاد بان هناك من يلفق ويروج للأكاذيب. السميح الآن أصبح على مفترق طرق خاصة وأن المتعافي اعتبر الأحاديث ضده تأتي في سياق محاولات من جهات تمضي في اتجاه اغتياله سياسياً ورد السبب إلى حديثه المتكرر عن تدني إنتاجية السكر في الآونة الأخيرة من داخل مجلس الوزراء حتى لا يأتي أحد يزايد الآن ليقول إن المتعافي بات ينتقد الحكومة - هكذا قال عقب تصريحاته الصحفية - أمس الأول، التي كشف من خلالها عن فشل كنانة والنيل الأبيض مجتمعتين في تحقيق أهدافهما بزيادة الإنتاجية، حيث بلغ إنتاجهما (306) ألف طن منها (306) لكنانة والتي كانت تنتج قبل سنوات قلائل بمتوسط أكثر من (415) ألف طن. صراعات السكر التي قد تجعل وزير الصناعة يتحسس مقعده إن لم تتسبب في الإطاحة به من منصبه ستبلغ أشدها بشأن سكر مشكور المملوك لوزارة المالية والبنك المركزي وحكومة الخرطوم والنيل الأبيض، وذلك أن المتعافي فسر تصريحات السميح وما يدور في حقل السكر وكأنها استهداف لشخصه ومحاوله لإبعاده، خاصة وأنه اتهم الجهات العاملة في مجال صناعة السكر بمساعيها الجاده في عدم قيام مصنع سكر مشكور، ودلل بذلك على أن قيام مشكور يفضح تلك الجهات من باب المقارنة بآخر مصنع تم إنشاؤه وهو«سكرالنيل الأبيض» بكلفة أكثرمن مليار ومائتي مليون دولار ولم يكتمل بعد ومتوسط إنتاجه الآن (4300) طن طحين في اليوم، بينما طاقته (24) ألف طن طحين في اليوم وأنتج الآن - والحديث للمتعافي- (79) ألف طن فقط، بينما طاقته التصميمية(450) ألف طن. بينما أشار إلى أن كلفة مشكور نحو (230) مليون دولار، ويتوقع أن ينتج حوالي (150) ألف طن ما يعني فارقاً كبيراً بين المصنعين. صحيفة آخر لحظة أسامة عبدالماجد