إستفهامات هل من حاجة لمؤتمر اقتصادي؟ أحمد المصطفى ابراهيم الإنقاذ في أول أيامها – يوم كانت برئة – عقدت عدة مؤتمرات مهمة، كان المؤتمر الاقتصادي والمؤتمر التعليمي أشهر تلك المؤتمرات. في ذلك الوقت كانت الإنقاذ تبحث عن الحقيقة وتسأل عن الرأي والرأي الآخر لتنقذ البلاد وليس لها مصلحة سوى ذلك ولا هدف. ها نحن بعد خُمْس قرن مع الإنقاذ وهي الآن تعرف كل عيوب الاقتصاد الذي بين أيدينا، اقتصاد مكشر الأنياب ليس للفقراء فيه مقعد. ربما يقول قائل هذا اقتصاد لا يعرف إلا الإنتاج وليس فيه يا يمه أرحميني ولا مكان فيه لخامل. ولكن هذا أيضاً يكذِّبه الواقع كيف ينتج وينافس مَنْ هذه مدخلاته؟. قرأت بالأمس لإسماعيل صبّار عضو اتحاد الغرف الصناعية بأن لا مجال لإنتاج منافس في ظل هذه الظروف، والتي ذكر منها مثالاً كيف تنافس سلعة مصرية كيلوات الكهرباء عندهم 2 سنت وكيلو كهرباءنا 17 سنتاً، والغاز سعره في السودان 8 أضعاف سعره في مصر، والجازولين بضعف سعره في مصر وهاك يا كوميسا. ومن طريف ما ذكر الأستاذ صبّار أن سعر طن الإسمنت العالمي 45 دولار، ولاية نهر النيل وحدها تضع رسوماً 25 دولاراً للطن، غير الضرائب والرسوم الأخرى، ليصل طن الإسمنت للمواطن بمبلغ فوق 200 دولار تقريباً.(التحويل من جنيه لدولار مشكلة، إذ للدولار عدة أسعار، وبعدين معاك يا صابر ما تشوف للدولار الفالت دا حل، الذي أصبح حجة رفع كل سعر). وأمر السكر يحيِّر الأبله، جوال السكر الآن بأسواقنا بمبلغ 140 جنيهاً مع إن السعر الرسمي له 112 جنيهاً، وهو سلعة محتكرة بنص القانون، ويصبح المتهم الأول والأخير هو الحكومة. كيلو لحم الدجاج أغلى من أي مكان في العالم ويعتبر كحالة نادرة أكل الطبقات العليا في حين أنه أكل الفقراء أين ما كان. الغلاء يضرب الأسواق. غلاء المنتجات المحلية لعلو سعر التكلفة وغلاء المستوردة لارتفاع سعر الدولار، من يصدق أن السندوتش بدولارين؟ ومتى ما سألت قيل لك الحكومة وسياساتها هي السبب الأساس. الكل يشكو من الوضع الاقتصادي الراهن إلا السياسيون الذين يتغذون على خزينة الدولة، بعيدين كل البُعد عن حال مواطنيهم. لذا أصبحت السياسة مهنة جاذبة - وليست الوحدة – الكل يريد أن يصبح سياسياً ليرضع من ثدي الدولة الملتهب. ترك المزارع مهنته الشاقة ليصبح سياسياً ناعم البشرة. وترك التاجر مهنته ليصبح سياسياً لا تؤرقه المنافسة ولا هم السوق. وبهذه المعطيات والمخرجات الحالية لا أحسب أن هناك من يفكر في مراجعة حال اقتصادنا الذي أسكرت القائمين عليه خزينة ممتلئة بدم الغلابة. لكن بعد قليل ستقف الحال كلها، سيعقب وقوف الزراعة والصناعة وقوف التجارة ولو بعد حين. هل نطمع في مؤتمر اقتصادي يشخِّص ويضع الحلول لما نحن فيه؟ أجيب لن يكون، لأن الأمر أوضح من أن يُعقد له مؤتمر، لكن هل هناك همة لعلاج؟ وهل هناك أمل في فطام من هذا الثدي الملتهب؟ سيموت الجميع ويلقون الله فرادا. التيار