هناك فرق في الإباحة والاستباحة ..! منى أبو زيد أشكر صديقاتي القارئات وأعزائي القراء الذين خالفوني الرأي بشأن ما كتبتُ في هذه المساحة، قبل أيام عن ظاهرة (أيقنة الحجاب) .. وكيف أنَّ مظاهر التديُّن الشكلاني قد أشعلت معركة فكرية بين مفهوم الحشمة بأبعاده الروحانية .. والأخلاقية .. والدينية .. النبيلة.. المترامية .. وبين شكلانية الحجاب باعتباره درعاً قماشياً واهياً ثبُت أنه غير مؤهل للصمود في وجه شيطان الفتن الأخلاقية ..! أؤكد عميق احترامي للذائدين عن حِمى المُسلمَّات الدينية .. لكنِّي أضع أمامهم في المقابل دليلاً صغيراً – من الراهن/ المحلي/ المَعيش – على منطقية الوقوف إلى جانب الحشمة في معركتها النبيلة مع شكلانية الحجاب ..! قبل أيام وقعت عصابة من المُنقبات اللاتي اعتدن سرقة المحلات التجارية - وتهديد السائقين الطالبين لفضل الظهر بخلق فضائح وهمية – في أيدي الشرطة .. بعد أن ظللن يتلاعبن بأيقونة النقاب .. رمز الطهر والعفاف والتديُّن .. مستفيدات من ذلك الارتباط الشرطي المفترض بين تغطية الوجه وحسن الخلق ..! المتنقبة امرأة وقفت بطوعها على تخوم الورع بتجاوزها حدود الواجب المتفق عليه إلى فضاء المندوب والمستحب من ألوان الحشمة المختف بشأنها .. لكنَّ الخطير هو أنَّ موقف سوادنا الأعظم من أية منقبة مجهولة الهوية قد بات – بفعل بعض الحوادث - أقرب إلى الشك في حقيقة أمرها منه إلى الطمأنينة .. في مناهج التعليم السعودية – التي درسناها لدواعي الاغتراب - كانت قضية الحجاب الشرعي تكاد تثور في كل سنة دراسية .. وإن تلوَّن المقال واختلف المقام .. ظللنا ندُرس – دونما كلل - تفاصيل الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة .. والذي كان - بحسب تلك المناهج - ليس النقاب .. وليس تغطية سائر الجسم بالفضفاض الذي لا يشِفُّ مع كشف الوجه والكفَّين .. بل تغطية سائر الجسد من قمّة الرأس حتى أخمص القدمين مع لبس الجورب والقفاز .. وذلك أسوة بنساء صدر الإسلام اللاتي خرجن بعد نزول آية الحجاب وكأنَّ على رؤوسهنّ الطير ..! لطالما احترت كثيراً في مصطلح (أدلة المبيحين لكشف الوجه) والذي كانت تطلقه تلك المناهج على أئمةٍ وفقهاءَ مغضوب على آرائهم – بعضهم من الأئمة الأربعة – لأنهم يبيحون كشف عورات المُسلمات بحسب منطق من يرون في وجه المرأة (عورة) ..! وقد وصل الحال ببعض المسلمات اللاتي اتبعن المنهج المتشدد القائل بعدم جواز كشف وجه المرأة إلى محاربة طواحين هواء المحاكم الأمريكية والأوروبية بغرض إثبات عدالة قضية لسن بحاجة إلى إثارتها .. فكشف الوجه جائز للضرورة بإجماع العلماء .. مختلف عليه مطلقاً بسبب تشدد نفر يسير منهم ..! حتى أولئك المانعين لكشف الوجه والذين سوَّدوا تلك المناهج الدراسية بأدلة المنع، سنين عدداً .. تراجع أغلبهم اليوم عن التحريم .. وتمترسوا في معسكر جواز كشف الوجه لضرورات العصر .. وحتى المبيحين لكشف الوجه اختلفوا حول الصورة العصرية لتلك الإباحة .. إذ بينما يعتبر بعض المسلمين البنطلون – مطلق البنطلون وإن كان ساتراً – زياً فاضحاً في بلادهم .. يجيزه بعضهم الآخر كزي مفضل لمحجبات بلاده .. وهكذا ..! وعليه .. سيبقى اختلاف الناس على شكلانية الحجاب .. لكنَّ الأبقى هو اتفاقهم على مفهوم الحشمة .. لذلك قلنا اقبضوا على جمر الحشمة .. واعرضوا عن ظواهر أيقنة الحجاب ..! التيار