تقارير امريكية عن السودان (28): الجنوب والدول المجاورة تقرير وتعليق: تقرير: الجنوب والدول المجاورة تعليق: دبابات يوغندا في الجنوب؟ واشنطن: محمد علي صالح [email protected] اصدرت مؤخرا مجموعة \"انترناشونال كرايسيز\" (رئاستها في بلجيكا، وفي قيادتها شخصيات اميركية هامة) تقريرا عن السودان، قال انه، بعد الانتخابات، \"يتدهور الوضع في دارفور والجنوب\". ونقل التقرير اتهامات من اكثر من جانب: اولا: اتهمت الحركة الشعبية حزب المؤتمر بانه يسلح ميلشيات في الجنوب لتؤثر على الاستفتاء في بداية السنة القادمة (وقال التقرير ان ذلك، اذا صحيح، سيؤثر على الاستفتاء، او يعرقله، او يكون سببا في الغائه). ثانيا: اتهم جورج اتور الحركة الشعبية بأنها زورت الانتخابات في الجنوب، واعلن التمرد على حكومة سلفاكير (وقال التقرير ان ذلك، اذا صحيح، سيؤثر على الاستفتاء، او يعرقله، او يكون سببا في الغائه). ورغم ان التقرير لم يدعو الجنوبيين للتصويت مع الانفصال، قال انه يتوقع ان يفعلوا ذلك. ولهذا، \"لابد من وضع ترتيبات مع الدول المجاورة للسودان لضمان التنفيذ، ولمنع وقوع اشتباكات\". وقال التقرير: \"خلال سنوات كثيرة، ارتبطت كثير من الدول المجاورة للسودان بالحرب الاهلية فيه. او تأثرت بها. لهذا، ستتاثر هذه الدول اذا اختار الجنوبيون الانفصال في سلام، وايضا، اذا نشبت حرب اهلية اخرى.\" لكن، اشترط التقرير بان التنفيذ السلمي لاختيار الجنوبيين، اذا اختاروا الانفصال، ان يكون الاستفتاء \"حرا وعادلا.\" وقال ان اتفاقية السلام في سنة 2005 نصت على ان يكون الاستفتاء \"كريديبل\" (موثوق به). لهذا، يقدر الشماليون على ان يقولوا انه، اذا لم يكن الاستفتاء \"كريديبل\"، يكون خرق اتفاقية السلام. في نفس الوقت، حذر التقرير الدول المجاورة للسودان بأنه اذا اثر الشماليون على الاستفتاء بعرقلته او تزوير نتائجه، على هذه الدول ان \"تتحرك\" لضمان تنفيذ رغبة الجنوبيين. واقترح التقرير على الدول المجاورة اقتراحين: اولا: تتحرك مسبقا، قبل وقت كاف من الاستفتاء، وتتصل مع الحكومتين، في الخرطوم وفي جوبا، لوضع ترتيبات وضمانات. ثانيا: تضع سيناريوهات عن \"كل الاحتمالات\"، بما في ذلك حرب اهلية جديدة. ولاحظ التقرير صدور \"اراء واقعية\" من حكومتي الخرطوموجوباء حول اهمية اجراء استفتاء حر وعادل. لكن، قال التقرير ان هذا ليس ضمانا كافيا. ولهذا، يجب ان تكون الدول المجاورة \"حذرة\". وايضا، المنظمات الاقليمية، مثل: منظمة الوحدة الافريقية وايقاد. ولابد ان تضمن هذه المنظملات استقلال الجنوب، اذا اختار الجنوبيون الاستقلال. وقال التقرير: \"ستؤثر عودة حرب اهلية او اشتباكات بين الشمال والجنوب على الدول المجاورة بصورة او اخرى. لهذا، يجب ان تضمن الدول المجاورة ان يكون الاستفتاء حرا وعادلا، وان تحترم نتائجه.\" وقدم التقرير ملخصا لأراء الدول المجاورة عن مستقبل جنوب السودان: اولا: كينيا: \"اكبر دولة اقتصادية في المنطقة، وتقدر على الاستفادة من الجنوب كسوق استهلاكي وكمصدر للثروات، وخاصة البترول. في الماضي، كانت تؤيد الجنوبيين بطريقة غير مباشرة بدون ان تستعدي الشماليين. لكن مؤخرا، توترت علاقتها مع الخرطوم بعد ان صار تاييدها للجنوبين مباشرا، وقويا.\" ثانيا: يوغندا: \"اكثر الدول المجاورة التي تؤيد علنا استقلال الجنوب. تريد منطقة عازلة على حدودها الشمالية. خلال السنوات القليلة الماضية، تضاعفت ثلاث مرات تجارتها مع جنوب السودان. يقول علنا مسئولون في يوغندا انهم يريدون استفتاء حرا وعادلا، لكنهم سرا يشجعون الانفصال.\" ثالثا: مصر: \"تفضل وحدة السودان. وبذلت جهودا اكثر من الشماليين لتحقيق ذلك. وكانت عارضت وضع بند الاستفتاء في اتفاقية السلام سنة 2005. مؤخرا، ضاعفت جهودها لمنع الاتفصال. وتخاف من ان الجنوب، اذا انفصل، سيكون غير مستقر، وسيؤثر على امدادها من مياه النيل.\" رابعا: اثيوبيا: \"تؤيد الجنوبيين. لكن، تحتم عليها مصالحها ان تكون متوازنة بين الشماليين والجنوبيين. لهذا في حذر، تريد ان تكون محايدة. في الماضي، مدت الجنوبيين بالسلاح ليحاربوا حكومة الخرطوم الاسلامية التي كانت هددتها. الأن، تريد الاستفرار في المنطقة، خاصة بسبب تدهور الوضع في الصومال المجاورة، وبسبب مشاكلها مع اريتريا، وبسبب حركات انلفصالية ومعارضة داخلية.\" خامسا: ليبيا: \"كالعادة، يدير الرئيس القذافي شخصيا سياسة بلاده نحو السودان. وكالعادة، تتارجح اراؤه، وتتأرجح معها هذه السياسة. مرات، ايد انفصال الجنوب. ومرات، حذر الجنوبيين من ان تكون لهم دولة مستقلة.\" سادسا: اريتريا: \"لا نعرف اذا كانت تريد انفصال الجنوب او استمرار السودان مؤحدا. في الماضي، ايدت الحركة الشعبية بالسلاح لاسقاط حكومة الخرطوم. لكن مؤخرا، احس الرئيس اسايا افوريقي بان بلاده صارت شبه معزولة، اقليميا ودوليا (وتوتر في العلاقات مع اميركا). لهذا، يبدو ان السودان هو الدولة الوحيدة التي يمكن ان يعتمد عليها.\" وقال التقرير ان الشماليين صاروا مؤخرا يريدون مهادنة الجنوبيين وعدم استعدائهم. لكن، ليس هناك ما يضمن ان الشماليين لن يحاولوا تأخير او عرقلة الاستفتاء. في الجانب الأخر، \"لا تريد الحركة الشعبية اعلان الاستقلال من داخل البرلمان في جوبا. ولا تريد ذلك الدول المجاورة (لأن الشماليين يقدرون على ان يقولوا ان الحركة الشعبية خرقت اتفاقية السلام). لكن، اذا وجد الجنوبيون انفسهم في ركن ضيق، سيضطرون ليفعلوا ذلك.\" وقال التقرير انه اذا خرقت اتفاقية السلام، من جانب الشماليين او الجنوبيين، ستعود الحرب بينهما. و\"سيؤثر ذلك على الدول المجاورة، وستكون سبب تدخل جيوش بعضها.\" وكرر التقرير: \"لابد من تحاشي هذا.\" وذلك لان تحركات المجتمع الدولى (مثل اميركا والدول الاروبية ومجلس الامن) ستعتمد على تحركات هذه الدول المجاورة للسودان. ------------------------- تعليق (1): يظل الاتحاد احسن من التشتت. ويظل الاتفاق احسن من الاختلاف. وتظل الشعوب المتحضرة تتقارب اكثر مما تتباعد. وصار هذا الاتجاه مسئوليات تاريخية، ووطنية، واخلاقية. وايضا دينية، لان الكتب السماوية تدعو له. تعليق (2): يتحمل الشماليون مسئوليات اكبر واكثر من الجنوبيين. مسئوليات تاريخية، ووطنية، واخلاقية، ودينية. لان الشماليين يجب ان يعرفوا اكثر من الجنوبيين ان وحدة الوطن لا صلة لها بحزب، او حاكم (شمالي او جنوبي). ولان الشماليين يقدرون على مد ايدي المساعدة لاخوانهم الجنوبيين. تعليق (3): ليس سرا ما جاء في هذا التقرير بان يوغندا اكثر الدول المجاورة للسودان التي تؤيد الانفصال، بل تشجع الجنوبيين عليه. لكن، لم يقل التقرير ان السبب الرئيسي هو خوف اليوغنديين (وبقية الافريقيين جنوب الصحراء) من زحف الثقافة الاسلامية العربية، التي لن تقدر قوة في الارض على وقفها. حتى اذا دخلت دبابات يوغندا جنوب السودان باسم الدفاع عن \"اخوانهم\" الجنوبيين. ----------------------------------- [email protected]