بشفافية الياس باشا أم برير حيدر المكاشفي ٭ كنت قد أتيت على ذكر اسم حاكم الابيض إبان فترة التركية، السوداني المنحدر من قبيلة الجعليين الياس باشا ام برير، في إطار إشارتي لمن خلفه على حكم الابيض التركي محمد سعيد الملقب ب(جراب الفول) وهو أصلاً من كنت استهدف ذكره في معرض إستعراضي لاستخدامات كلمة (جراب)، ولم يكن ذكري للياس باشا إلا للتذكير بأن أحد السودانيين كان قد تولى هذا المنصب الرفيع في ذاك العهد البعيد ولم يكن له ذلك إلا لأنه ذو سطوة وهيبة وحب ومعزة وسط أهله هناك، سعاهم بماله حيث كان ذو بسطة في المال وباخلاقه وحنكته وحكمته ولهذا لم يجد الاتراك أفضل من يسوس الناس هناك عهد ذاك منه فولوّه حكم الابيض، ولم اكن قد أشرت لا من قريب أو بعيد ولا تلميحاً ولا تصريحاً ولا ضمناً ولا علانية أن جراب الفول قصير القامة ممتليء الجسم بارز الكرش (شين) الخلقة والاخلاق هو إبن جلدتنا وجدنا الياس باشا ام برير، وإنما قلت كما ورد نصاً فيما كتبت في السابع من الشهر الجاري (واذا كان جراب الرأى من الصفات والالقاب المحبوبة لدلالتها الحميدة، فجراب الفول كان هو اللقب والصفة المناقضة لكل حبيب وحميد، ولهذا أطلق أهل كردفان إبان فترة الاستعمار الانجليزي التركي هذا اللقب على حاكم كردفان محمد سعيد فالتصق به وصار لا يُعرف عندهم إلا به) الى ان قلت (وحاكم كردفان المبغوض الذي خلف حاكمهم الجعلي المحبوب والتاجر الثري الياس باشا ام برير، لم يكن ما يشينه الخلقة فقط لقصر قامته وإمتلاء جسمه وبروز كرشه بل (شناة) طبعه وأخلاقه كذلك. وهكذا يبدو واضحاً بلا التباس أن من عنيته بالذم هو محمد سعيد جراب الفول وليس سواه، ولهذا لم أكن أتوقع أن يُحدث ما كتبت أى قدر من الخلط أو الالتباس الذي يضع الياس باشا محل جراب الفول فيوقعني ذلك تحت طائلة إدانة أخلاقية قبل أن تكون قضائية.. ولكن للغرابة قد حدث هذا الخلط الذي لا أدري سببه، هل هو العجلة في القراءة التي يقال إنها سمة قاريء اليوم الذي لا يصبر على التأني ويتناول أى شيء على طريقة (التيك أوى) (Take away) ، أم أنه سماع من قاريء من هذا النوع المتعجل، هذه أو تلك تظل المشكلة واحدة، أن تكون متعجلاً أو متسرعاً أو ان تكون سميعاً تصدق كل ما تلتقطه أذناك، والشاهد هو أن بعض عترة وآل الياس باشا ام برير من أهلنا الجعليين قد وقعوا ضحية إما للعجلة أو السماع فاستشاطوا غضباً بفهم أني قد أسئت لاحد رموزهم فاتصلوا بالبروف علي شمو رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات مهددين ومتوعدين، وقد أدهشني ذلك، إذ جاءني التهديد من حيث كنت استحق الثناء، فما كنت أصلاً في حاجة لذكر إسم الياس باشا ام برير وقد حشرته حشراً في ثنايا الموضوع فقط للتذكير بأنه كان الحاكم السوداني المحبوب الذي سبق الحاكم التركي المبغوض، ولكن ماذا نقول غير (رب عجلةٍ تهب ريثا)، وما أورث الاستعجال والتسرع والاندفاع والسماع دون تروٍ وتثبت إلا الندامة والفشل وهذا هو الدرس المستفاد الذي أوصى به نفسي ومن سارعوا لإدانتي ففي العجلة الندامة وفي التأني السلامة. الصحافة