بشفافية «بي بي» و «بي بي سي» حيدر المكاشفي خلال ثلاثة أشهر هي مايو ويونيو ويوليو الجاري تعرضت اثنتان من أشهر وأكبر المؤسسات البريطانية- كلٌ في مجال اختصاصها- لاختبارات قاسية، حيث لا تزال شركة «بي بي» البريطانية النفطية الضخمة تكابد عناءً ادارياً ومالياً شاقاً للسيطرة على التسرب النفطي الذي تسببت فيه بخليج المكسيك والذي تبلغ تكلفته رقما ربما اضطرها لبيع بعض اصولها لتغطية فاتورته خاصة في ظل الضغط الاميركي المتواصل على الشركة، فمبلغ عشرين مليار دولار أو يزيد تحتاجه كلفة المعالجات والتعويضات لا بد أن يلقي بظلاله السيئة على الأوضاع المالية للشركة. والمؤسسة البريطانية الشهيرة والكبيرة الاخرى التي عانت أيضا في عملها خلال هذه المدة هي بي بي سي العربية، وهل هناك معاناة لأي جهاز إعلامي أكثر من ان يتوقف عن البث والارسال ان كان فضائية أو راديو أو ان يتوقف عن الصدور ان كان مطبوعة، فقد أحصينا للبي بي سي العربية ليس حادثة واحدة من هذا النوع بل ثلاث حادثات تعرضت خلالهن لوقف البث في ثلاث مناطق مختلفة وعلى مدى الثلاثة اشهر المذكورة فقط، حيث أوقفت حركة الشباب المجاهدين بالصومال محطات البي بي سي التي تعمل في المناطق التي يسيطرون عليها جنوب البلاد، ليس بحجة انها معادية لتوجهاتهم الايدولوجية فحسب بل للعجب لانهم قالوا انهم لن يسمحوا لها بمعاودة البث الا في حالة واحدة فقط هي ان تلتزم بالنهج الاسلامي الذي يسيرون عليه وهو نهج حارب حتى الاغاني الشعبية الصومالية والموسيقى المحلية واستبدلها بالاناشيد الاسلامية فقط. فتأمل، ومرة ثانية تعرضت البي بي سي للايقاف في امارة دبي حين امتنعت السلطات هناك عن تجديد رخصتها بلا حجة أو سبب واضح سوى التقارير العالمية التي كانت تبثها الاذاعة ابان الازمة المالية العالمية والتي كان لها تأثير واضح على الامارة... اما المرة الثالثة التي تعنينا بشكل خاص كانت الاسبوع الماضي بالقرار الذي أصدرته الخرطوم وأنهت بمقتضاه عقد البي بي سي العربية بالبث في شمال السودان شاملا أربع مدن هي الخرطوم وبورتسودان ومدني والابيض، ولم يعلن رسمياً سبب الايقاف منسوباً لجهة أو شخصية رسمية، إلا من تسريب نشرته احدى الصحف ونسبته لمصادر مطلعة أفاد بأن القرار جاء على خلفة ضبط السلطات السودانية لأجهزة بث غير مسموح بها إلا بإذن في حقيبة دبلوماسية وهو ما اعتبرته الخرطوم تجاوزاً لقوانينها، إلا أن وزيرة الدولة بوزارة الإعلام الاستاذة سناء حمد بثت تطمينات مؤداها أن الايقاف لا يعدو أن يكون إجراءً عادياً لا يرقى لمرحلة السحب أو إلغاء الرخصة، وهو ما نتمناه، فليس هناك إعلامي سوي على وجه الأرض يتمنى تعطيل أو إىقاف أي وسيلة إعلامية دعك من ان يكون مثل هذا الإجراء ضرباً من المحال في ظل الأجواء المفتوحة وثورة الاتصالات التي ألغت كل حاجز ومانع بما يجعل من كل حاجب أو مانع لا اثر له إلا اذا كان للحرث في البحر اثر، ولن يستفيد شيئاً من الحجب غير ان يُحسب ضده ويؤخذ عليه وخاصة في حالة اذاعة مثل البي بي سي ارتبط بها الشعب السوداني لأكثر من ثمانية عقود لم يحدث ان توقف بثها خلال هذه المدة الطويلة لغير الاسباب الطبيعية والفنية وسيكون لافتا ومثيرا اذا ما توقفت لاي سبب غير ذلك، ولن نغمط الحكومة حقها في مراجعة عقودها وصيانة قوانينها ونتمنى ان لا يتجاوز أمرها مع البي بي سي كونه إجراءً عادياً لن يوقفها عن البث أو كما قالت الوزيرة سناء.... الصحافة