تراسيم.. ذهب الشيخ .. جاء الشيخ!! عبد الباقي الظافر في مساء هادئ ورمضان في ليلته الرابعة وقبل نحو أحد عشر عاما.. أطل الفريق (وقتها) عمر البشير على شاشة التلفاز القومي.. جاء رئيس الجمهورية في كامل هندامه الرئاسي.. معلنًا انتهاء الفصل الأول من حكم الإنقاذ.. متخذًا عددًا من القرارات أفضت فى مجملها لإقصاء الشيخ حسن الترابي من مفاصل الحكم في الخرطوم. قدم الرئيس البشير دفوعات منطقية لانقلابه الثاني.. وبرر أن التنازع بين القيادة السياسية التي يمثلها الرئيس والمرجعية التنظيمية التي يعبر عنها الشيخ قد أقعدت البلاد.. كما استهدف الإجراء الحاسم الذي اتخذه الرئيس البشير قطع الطريق أمام حزمة من التعديلات الدستورية استهدفت الحد من صلاحيات رأس الدولة عبر انتخاب حكام الولايات مباشرة. لم يستسلم الشيخ الترابي للإجراء الرئاسي.. بل مضى في اليوم التالي وبجلبابه الأبيض وعمامته الأنيقة إلى قبة البرلمان.. العسكري الذي كان يهرول إلى فتح البوابة.. منع رئيس البرلمان من الدخول. بعد هذا اليوم كُتب تاريخ جديد للحركة الإسلامية السودانية.. انشقت إلى مجموعتين.. فريق قبض على السلطة ووقف من وراء ومن أمام الرئيس البشير.. وفريق حسب أن الحق مع الشيخ ووالاه ولو إلى حين. على صعيد الحكومة وحزبها الحاكم.. كان غياب الشيخ الترابي من ساحة الحكم في الخرطوم.. يعني فتح صفحة جديدة للتصالح مع العالم.. والتصافي مع الجيران.. فقد كان الترابي ب (كرازميته) الطاغية وطموحاته التي لا تعترف بالحدود مصدر قلق للعالمين.. ولكن ذات الحزب فقد كثيرًا من القيادات التي ذهبت مع الشيخ .. وفقد شيئًا أسمى من ذلك .. فقد فشل في تسويق شرعية الخروج على الأب الكبير. الجناح الذي والى لشيخ.. وجد فرصة ذهبية للتنصل من كل سوءات الإنقاذ.. ولكن قيادات هذا الجناح لم تستطع الصبر على فراق كراسي الحكم الوثيرة.. فباتوا يعودون إلى كنف الحكومة زرافات ووحدانًا.. وفي ذات الوقت لم تستثمر مجموعة الشعبي واقعة المفاصلة في بناء حزب جديد.. بل ركنوا إلى ممارسة معارضة ذات طابع تكسوه الغبينة الشخصية.. وتطغى على كل تصرفاته.. طابع رد الفعل أكثر من صناعة الحدث. فى تقديرى أن الرابح الأكبر من المفاصلة هو الشعب السودانى.. الانشطار الكبير أرخى من قبضة التنظيم القابض على مفاصل حياة الناس.. كما أن فاصل المصارعة المثير بين الفريقين مكَّن الشعب السوداني من النظر إلى عورات الحركة الإسلامية. من المؤسف حقًا.. أنه وبعد عشر سنوات.. يظل الحال كما هو.. قيادة لا تجد القبول العالمي.. وشعب ممكون وصابر. التيار