تراسيم الوزير يستجوّب البرلمان!! عبدالباقى الظافر [email protected] اختار الرئيس جورج بوش قائد شرطة نيويورك وزيراً للداخلية في حكومته الثانية.. الاختيار لا يصبح نافذاً إذا لم يوافق عليه مجلس الشيوخ.. الشيوخ بدأوا ينقبون في ملفات المرشح الذي خدم الأمة الأمريكية حرباً وسلماً.. اكتشفوا في تاريخه الشخصي أنّه استخدم ذات يوم وفي ماضي بعيد خادمة في منزله.. الخادمة التى دخلت التاريخ الامريكى لم تكن تحمل أوراق إقامة رسمية في أمريكا. كل ما فعله قمندان البوليس أن فرّ بجلده قبل مواجهة استجواب مجلس الشيوخ.. اعتذر الرجل من المنصب الرفيع لأنّه ارتكب خطأً يفعله عامة الناس دون اكتراث.. ولكن عندما يكون مصدر الهفوة شخص مسئول عن تطبيق القانون.. تكون هذه كارثة لا تسقط بالتقادم وتمنع مرتكبها مدى الحياة من الولاية العامة على النّاس. أجاز البرلمان موازنة العام القادم بالإجماع.. لم يغيّر فيها بند صرف واحد ذي أهمية قصوى في حياة النّاس.. حتى عندما حدثته نفسه بتقليل نفقات الجيش.. جاءه رئيس الهيئة البرلمانية ومستشار الرئيس غازي صلاح الدين ليقول له هذا لا يجوز.. فمضت الموازنة كما أراد لها الجهاز التنفيذي. وزير المالية وفي مؤتمر صحفي اعتذر للبرلمان السوداني لأنّه كان فظاً غليظ القلب على النواب.. وقال إنّه قبل مقترحاتهم القوية استجابة لتوصية رئيس الجمهورية التي دعت معشر الوزراء للتعاون مع الجهاز التنفيذي. توقعت أن (يطبطب) نوابنا الموقرون على رأس وزيرنا لأنّهم كانوا أشداء عليه في الجلسات.. حسبت أنّ رحابة الصدر واحترام البرلمان لا تحتاج لتوجيهات من رئاسة الجمهورية بل أمر حسمه الدستور وفصّله القانون.. تعامل الجهاز التنفيذي مع البرلمانات في كل الدنيا معلوم بالضرورة. هذه مشكلتنا في السودان المؤسسات التي يفترض فيها القوة والحزم لا تقم بدورها المطلوب.. سأثبت لكم هذا الافتراض ..عندما يقابل وزير المالية الرئيس ويطلعه على مسار اقتصادنا.. هل يجد الجرأة ليصرح للصحافة أنّه اعتذر للرئيس لأنّه كان منفعلاً في اجتماعات مجلس الوزراء التي ناقشت تفاصيل الموازنة المقترح تقديمها للبرلمان.. البرلمان الذي يعتذر له الوزير على خشونته الزائدة لن يتمكن من مراقبة تقيد وزارة المالية بالصرف على البنود المجازة.. ويصبح في حكم المستغرب أن يستجوب هذا البرلمان أي مسئول في هذه الحكومة.. لن يضغط على وزير لتقديم استقالته لأنّه اخفق في أداء واجبه في توفير الرفاه للشعب.. وطالب الأمة السودانية أن تعود لعهود عواسة الكسرة. الانتخابات الأخيرة أفرزت واقعاً سياسياً غريباً.. هيمنة حزب واحد على الساحة شمالاً وجنوباً جعل كل المؤسسات في حالة تناغم قصوى.. كل واحدة تسعى لإرضاء قصر الرئاسة.. هنا مكمن العلة.. السلطة تنتهي في أعلى القمة إلى شخص واحد كبير متجبر. الاصلاح يبدأ أن يكون للبرلمان قول فصل فى اجازة تعيين اى مسئول رفيع فى الدولة ..وان تكون الاجازة فرديية ..يتاح فيها لكل النواب الاطلاع على تفاصيل حياة الشخص الذى يسعى لمنصب عام . لتمضي أمتنا للأمام مطلوب منّا جميعاً صناعة مؤسسات قوية.. مؤسسات تتصارع من أجل مصلحة الشعب..توزان السسلطات يجعل لكل سلطة ميزة نسبية للاخرى المناظرة لها. ويصبح الخبر في مثل هذه الظروف المعقدة (البرلمان السوداني يجيز الموازنة بالإجماع.. (المانشيت) الاحمر (الوزير يأسف لأنّه استجوب البرلمان في غلظة ).