[email protected] انتهت الاجازة الطوييلة وعاد العيال للمدارس على مضض، رغم اسرافهم في اللعب واللحم طوال ايام العيد .. في زمنّا .. لم نكن نحتاج لأن يوقظنا أحد في الصباح للاستعداد والذهاب للمدرسة، ولم نكن نمارس (النعنعة) والدلع الذي يمارسه أبناؤنا الآن، فقد كنا نراقب شروق الشمس مراقبة المشوق المستهام، لننهض من مراقدنا ونندفع بسرعة (صفر) لقضاء واجباتنا المنزلية - أوع بالكم .. منزلية مش مدرسية!! فقد كنّا مكلفين بقش الحيشان وتطبيق الأغطية وفرش الملايات من كرفسة النوم، ثم علينا التعريج على المطبخ لغسل عدّة العشاء البايتة ومكدّبة وكبابي شاي الصباح .. كل هذا قبل أن ننزع جلبابنا (المزركش) وندرع جلباب المدرسة، ونحمل حقائبنا وننطلق بنفس سرعة (صفر) للمدرسة، خوفا من التأخير والوصول بعد بداية الطابور، حتى لا يبدأ يومنا الدراسي من صباح الرحمن ب (محطتين) على الظهر بالخرطوش الأسود، كانن كافيات لمرصعتنا طوال الحصتين الأوائل قبل الفطور.. وربما سقطت تلك الشحطات بزاوية حادة، فتتورم وتبقى آثار السوط حتى مواعيد العودة للبيت وهنا نستفيد منها في الابتزاز العاطفي لأمي ب : شفتي .. أها دقوني عشان وصلتا بعد الجرس .. ده كلو من غسيل العدة ! لا أدري ما الذي جدّ على المخدة .. الكيس وللا الروسية ؟ فغيّر أولادنا وجعلهم يشعرون أن (العلم شر لابد منه) ويعتنقوا مذهب (أهربوا من العلم ولو إلى الصين) .. في كل صباح اشعر وكأن ثقلاً في وزن جبال التاكا قد وضع على ظهري، وما زاك إلا من معاناتي في ايقاظ العيال فجراً للذهاب للمدرسة، فمع ساعة الحكومة وليل الشتاء الطويل، اضطر لايقاظهم قبل الآذان حتى يلحقوا بالترحيل .. أتوجه لسرير أحدهم وأدعك ظهره في حنان منادية (قوم وقت المدرسة جا)، فينفجر محتجّا، ويطلب مني أن أوقظ أخوانه أولا بحجة: كل يوم تصحيني أنا أول زول .. اشمعنى يعني ؟ فأنطلق لشقيقه فيجيبني ب (أنا امبارح مش صحيت قبالهم ؟) بصراحة .. كل الابناء صاروا لا يحبون الذهاب للمدرسة .. والسبب يحتاج لوقفة حقيقية من التربويين وأولي الأمر والمعلمين، لدراسة العوامل التي أدت ل طفشان عيالنا وكراهيتهم للمدرسة كراهية التحريم .. إزدحمت الفصول بالطلاب حتى صارت أشبه بعلب الكبريت .. تدهور مستوى تأهيل المعلمين ونقص الكادر المؤهل .. المقررات المكثفة والحشو العجيب ! لا أعتقد أن السبب مرتبط بالكسل أو النشاط، ولا بالبلادة أو الشطارة .. مباهج العولمة من قنوات اطفال و(بلي استيشنات) والعاب الكترونية، تحالفت مع جفاف وسائل التعليمية، ف زمان كانت أساليب التدريس فيها خيال وامتاع أكثر، وقد كنا نستمتع بالرحلات الخيالية ل ديار الصدّيق في القولد، وننفعل ونتفاعل بشدة ونتسابق للوصول للكنز المدفون في شوارع الحي عن طريق الخريطة أو دونها .. أذكر أن أستاذتنا كانت قد قامت بدفن مجموعة من أكياس الحلاوة في أرجاء الحي، ثم صنعت لموقع كل كيس حلاوة خريطة، ثم قسّمتنا لمجموعات واعطتنا الخرط للانطلاق، ولكن ما حدث ان احدى زميلاتنا كانت قد رأت الاستاذة في الصباح الباكر وهي تقوم بدفن أحد الاكياس، ولذلك ما أن غادرت مع مجموعتها حتى أسرت لهم: بللا خريطة بللا لمّة .. أجدعوها .. ورح النوريكم ست (بخيتة) دفنت الكيس وين !! طبعا أخذوا الكيس الذي لم يكن لهم، وبالتالي جاطت الحكاية وتنازعنا الأكياس حتى لحقت بنا الاستاذة فكان نصيب صاحبتنا علقة نضيفة جراء اعتدائها على مال الحلاوة العام !! أما الزيارات الميدانية فكان لها سحرها الخاص .. زرنا الشفخانة .. وزرنا طاحونة وطابونة .. ده فرن العيش يا بني حنكوش .. وزرنا الكنتين وهنا كان لنا قصة لطيفة فقد كانت الزيارة لدكان يقع بالقرب من منزل احدى الزميلات، وعادة ما يقدم لنا من نقوم بزيارته هدايا رمزية، لذلك أهدى لنا صاحب الدكان مجموعة من أكياس الحلاوة، فكان أن سأل جارته زميلتنا بعد عودتها من المدرسة: (الحلاوة عجبتكم ؟) فأجابته: هو انحنا ضقناها ؟ الاستاذات اكلوها كلها .. ما خلوا لينا منها ولا حلاواية !! ولسوء حظها أن سمعتها زميلة أخرى كانت قادمة لتشتري من الدكان، فنقلت القوالة ب (صمّتا) للاستاذات .. طبعا متوقعين عملوا في المسكينة شنو ؟!! الرأي العام