موسي [email protected] حججت هذا العام , أوتحديداً تنفلت ,إذ سبق أن أديت فريضة الحج في وقت سابق, و أسأل الله القبول لي و لكل الحجاج من المسلمين , و أن ينصلح حالهم. و موسم الحج لهذا العام ,تميز بكثرة أعداد الحجاج الذين أتوا من كل فج عميق, يبتغون فضلاً من الله و رضواناً. كما يلاحظ أن أعداد الحجاج في تزايد, عام بعد آخر, و هذا ربما يعود إلي سهولة وسائل الإتصال, و ربما إلي الصحوة الدينية التي يعيشها العالم الإسلامي. و لا شك أن الجهات المسئولة عن أمر الحج, تعمل جاهدة طوال العام علي خدمة هؤلاء الحجاج, و تيسير السبل التي تعينهم علي أداء هذه الفريضة, علي وجه أكمل. و رغم تزايد الأعداد عام بعد آخر, غير أن الجهود تتواصل لمقابلة هذا التحدي. و من الجهات المسئولة عن أمر الحج, بعثة الحج السودانية, التي تعمل مثل غيرها من البعثات, علي رعاية الحجاج الذين يفدون من السودان لأداء الفريضة. و هي بلا شك مسئولية ليست هينة, تتطلب العمل الدؤوب و السهر علي راحة هؤلاء الحجاج. لكن رغم هذه الجهود التي تبذل لخدمة الحجاج و راحتهم, إلا أن هناك بعض المآخذ علي أداء بعثة الحج السودانية, و علي سلوك بعض الحجاج. و يتمثل هذا في عدم التنظيم الذي ما يفتأ يميز أفراد الحجيج السودانيين, مقارنة بغيرهم من الحجيج الذين يفدون من دول أخري مجاورة و غير مجاورة. لقد لاحظت كما لاحظ غيري , و قد زرت هذه المشاعر المقدسة, أربعة مرات في موسم الحج, كيف ينظم الحجاج الآخرين أنفسهم و هم يخرجون في أفواج, تميزهم ملابس معينة يلبسونها – بعد التحلل بالطبع- و هم يسيرون تتقدمهم شارة مميزة تدل علي هويتهم و في نظام , حتي لا يتوه أي منهم أو يفقد أثناء الزحام , و لك أن تتصور حال من يتوه وسط هذه الأعداد الكبيرة من البشر, ووسط هذا الموج المتلاطم, و خاصة إذا كان كبير في السن, أو يعاني من متاعب صحية. إن ما يلاحظ علي أداء الحجيج السودانيين, و هم في طريقهم إلي هذه المشاعر, أي للمبيت في مني ليلة التاسع من ذي الحجة , ثم الذهاب إلي عرفات في صبيحة التاسع, ثم النفرة من عرفات إلي مزدلفة عند المغيب للمبيت بمزدلفة , ثم رمي جمرة العقبة الكبري , يوم العيد , و من بعده بقية الجمرات , و منه النزول إلي مكة, يلاحظ أن الحجيج السودانيين , يخرجون في شكل شلل, أي إثنين, أو ثلاثة, أي لا يوجد رابط بين الأفراد الذين يسكنون في مكان واحد, و تحت إشراف شخص معين ليدلهم علي الطريقة التي توفر لهم الوقت و الجهد في أداء هذه الشعائر. هذا التصرف الذي يتميز بالعشوائية, يرهق الحاج الذي يتوه عن ذويه و يرهق أهله كثيراً, بسبب الزحام و بعد أماكن السكن. في الليلة الأولي للمبيت بمني, قابلتني سيدة سودانية كبيرة في السن , و هي تسأل عن مكان سكنها. كان مقر سكنها بعيد عن تلك المنطقة التي تلاقينا فيها, و لم يكن هناك من حل غير توجيهها إلي مكتب الحجاج التائهين , و كان يقع بالقرب من هذه المنطقة.و في اليوم التالي, و عند نفرتنا من عرفة إلي مزدلفة, قابلني أحد الحجاج من أهلنا في الشمالية, و هو رجل طاعن في السن, تاه عن جماعته التي يرافقها. سالته عن أرقام التيلفونات التي يحملها, و لكنه أفادني أنه لا يعرف أي أرقام سوي رقم بيته في الشمالية. قمت بالإتصال بهذا الرقم, و لكني لم أتلقي رداً. ثم واصلنا السير علنا نلاقي أحد من ذويه. و لحسن الحظ قابلنا بعض من أهله أثناء سيرنا, فبدت علامة الإرتياح علي هذا الحاج. كذلك قابلت في اليوم الثاني للعيد ثلاثة سيدات كبيرات في السن, تهن عن جماعتهن و عن مقر سكنهن, بعد عودتهن من الرمي. طلبن مني الإتصال برقم معين, نسبة لنفاد رصيدهن . لكن لسوء الحظ , كان تلفوني معطلاً بسبب وقوعه في الماء أثناء الحمام , أي لم أكن وقتها بأحسن حال منهن. لم يكن هناك من حل غير أن أدلهن علي الطريق الذي يؤدي إلي مقر البعثة السودانية, و إلي ما يشير إلي مقر البعثة. هذه ثلاثة حالات تشير إلي العناء الذي يلاقيه بعض الحجاج, و سببه عدم التنظيم في الخروج و العودة إلي مقر السكن. و لا شك أن هناك حالات كثيرة مثل هذه حدثت لذات السبب. و معلوم أن رحلة الحج يترتب عليها تكاليف مادية و معنوية كثيرة, و أشقها هذا التعب الجسدي الذي يواجهه الحاج في سبيل أداء مناسك الحج. أي أن الحج جهاد بالنفس و المال. و إذا أضيف إلي هذا العناء الذي يحدث للبعض بسبب التوهان أثناء الحج, فلاشك أن هذا سيشكل ضغطاً نفسياً و جسدياً علي الحاج يعيقه عن أداء شعائره علي النحو الذي ينبغي. كم يكون جميلاً لو عملت الجهة المختصة علي تنظيم هذا الحجيج في المواسم القادمة, و توفير السبل التي تعمل علي راحتهم و تعينهم علي أداء شعائرهم في رحلة العمر هذه, و التي يبتغي كل حاج من ورائها فضلاً و رضواناً . الرياض / السعودية