[email protected] الدورة المدرسية لعام 2009 أقيمت في دارفور فقاطعتها الولايات الجنوبية، ولكن رغم ذلك أصرَّ القائمون عليها على أن تكون دورة 2010 في الجنوب، قال المسئولون الجنوبيون ليس لديهم بنيات أساسية لإستضافة هذه الدورة، فقيل لهم ما عليكم نحن مستعدون (القروش رااااقدة والحمد لله) وبالفعل تقرر إقامة الدورة في عواصم ولايات بحر الغزال الكبرى (واو واويل واكواجوك) والحكومة الشمالية أوفت بوعدها (ربما لأول مرة) فسكبت أربعين مليار جنيه سوداني في تلك المدن شي كهرباء وشي ميادين وشي صيانة مدارس وداخليات وشي مسارح وشي فنادق (بخيت ومبروك عليها) وصل بحر الغزال (3500) تلميذ وتلميذة من الشمال واستقبلوا إستقبالاً طيباً، وكان شعار الدورة (سوا سوا) وقد سمعت رياك مشار ب(أضاني الشقية دي البموت ويأكلها الدود) يقول هذه فرصة لسكان تلك المدن الجنوبية المقامة فيها الدورة، لأن هؤلاء التلاميذ جاءوا وفي أيديهم مصاريف من ذويهم؛ فالسوق سوف ينتعش وطمأن الأولاد والبنات بأن الأمن مستتب (والقشة ما تعتر ليهم)، ولكن قبل الإفتتاح بيوم واحد طلع باقان أموم وزير السلام، وقال إن الدورة ملغاة لأن الجيش السوداني قصف مدن جنوبية، عليه فلن نضمن سلامة الأولاد والبنات، ارتبكت حكومة الجنوب وقالت إنها لم تلغِ الدورة إنما أجلتها؛ فكان رد الخرطوم بسحب الأولاد فوراً، وإقامة الدورة في الخرطوم، وقد كان فهذه الأيام تجري فعاليات الدورة في الخرطوم (حلوة فعاليات دي). لماذا ردت الخرطوم بهذة السرعة؟ هل( كيتاً) في باقان بطريقة (المشتهي الحنيطير يطير)؟ أم أنها تريد أن تجبر خاطر الأولاد والبنات الذين استعدوا لهذه الدورة طوال العام، لكي لايرجعوا إلى أهاليهم بدون أن يقدموا عروضهم؟ ليس مهماً أن نعرف هل ما قام به باقان كان أصالةً عن نفسه، أم إنابةً عن بقية حكومة الجنوب؟ أم أنه قرار فردي من شخصية نافذة متحكمة في الأمور؟ أم هناك إنقسام داخل الحكومة الجنوبية؟ أم أن باقان فعل ما فعل ليضع الجميع أمام الأمر الواقع؟ ولكن الفحص السياسي الدقيق يقول إن مافعله باقان لايخرج من السياسة العامة الجنوبية هذه الأيام؛ فحكومة الجنوب رمت بثقلها خلف الإنفصال، وهذه أولويتها التي لن تحيد عنها قيد أنملة فيما تبقى من أيام على الاستفتاء، والدورة المدرسية وبالطريقة التي خططت بها تعتبر مظهراً وحدوياً، ودون شك أي مظهر وحدوي يعتبر خروج عن الخط، ولعل أسطع دليل على ما ذهبنا إليه هو أن الأولاد العائدون من الجنوب صرَّحوا بأنهم قبل بيان باقان كانوا في أمان الله، ولايشعرون بأي غربة يجوبون الأسواق والأحياء ويقيمون بروفاتهم، ولكن بمجرد إذاعة بيان الطرد قلبوا لهم ظهر المجن، وبدأت مضايقتهم من ذات الذين كانوا معهم (سمن على عسل) وبدأت الأحجار تصوب نحو نوافذ مقار إقاماتهم ويسمعون هتافات تصب في (ياغريب بلدك يلا لي بلدك) و(نحن ما دايرين نكون معاكم في بلد واحد) أما الدليل الأسطع هو مقاطعة الولايات الجنوبية للدورة البديلة في الخرطوم !!! وأخيراً الموضوع كله من ألفه الى يائه لايعدو أن يكون مشهداً من المشاهد الدرامية التي نعيشها في سودان اليوم. وليكن الله في عوننا جميعاً شمالاً وجنوباً وطلاباً وشماسة وعقلاء ومجانين.