[email protected] الحقيقة أننا عندما نتحدث عن الخطاب الاسلامي فى السودان بخصوص إستفتاء الجنوب نجد أن هذا الخطاب يحمل رؤى شخصيات وأفراد هم على رأس العمل الإسلامي فى البلاد ولا تمثل شيئا غير ذلك فهم حريصون على أن تكون هناك رؤية شرعية بخصوص هذه المسألة ولا ضير فى ذلك ولكن السؤال هو ...... كيف يتم طرح هذه الرؤية ؟؟؟ لقد طرحت قيادات العمل الإسلامي الفراغ فى ساحة تعج بالفوضى السياسية فالرؤية الشرعية عبارة عن فتوى والفتوى يجدها المسلم فى كل مكان وفى كل زمان .... ولكن ما هي الحلول التى قدمتها هذه الفتوى ؟؟؟؟ لا شيء !!! أنا من رأيي مثل هذه الفتاوى وغيرها إذا أريد لها أن ترى النور الى قلب وعقل المواطن السوداني أن تطرح بطريقة تجد من يستقبلها فى مجتمع شغلته المادة و(أكل العيش ) عن دينه ، فعندما تتحدث القيادات الإسلامية بأن الجنوب أرض إسلام ولا يجوز تسليمه ليحكمه كافر تجد أن ذلك تغريد خارج السرب لأن المسألة لدى المواطن البسيط والمجتمع عامة ليست مسألة أرض كفر أو أرض إسلام إنما هي مسألة خريطة تعود الإنسان السوداني على حفظها ورسمها وتلوينها وفجأة لايدري من أين يبدأ لكي يرسم خريطة جديدة ، المسألة مسألة سوداني من الشمال وسوداني من الجنوب وسوداني من الشرق وسوداني من الغرب وفجأة يجد أن هناك سوداني من الشمال و............. من الجنوب ، أنا أقول مثل ما قال الأستاذ سيد قطب ( أن الإسلام جاء لتحرير الإنسانية ) وإذا أخذنا هذا القول بعين الإعتبار لكان الأحرى بنا كمسلمين أن نتحدث عن عدم تسليم المسلمين الجنوبيين إلى دولة يحكمها كافر وذلك شرعا لايجوز إلا من ذهب بمحض إرادته لأنه إذا كنا نأسى على الأقليات المسلمة فى أوربا وأمريكا وأنها أقليات متضهده فكيف نصنع نحن المسلمين دولة غير مسلمة ونضع فيها أقلية مسلمة ربما يحدث لها مثلما حدث للمسلمين الإيغور فى الصين ، بل كيف نسلم القبائل الجنوبية المستضعفة التى ستقدم ككبش فداء للنزاعات القبلية فى الجنوب وقد جاءت الى الشمال هربا من الموت ، كل هذه الأشياء لم بتناولها الخطاب الإسلامي الذي جعل محور حديثه أن الأرض أرض إسلام ولا يجوز تسليمها لكافر أولم يعلموا أن قيمة الأنسان أعظم من الأرض وأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه أم أن ذلك ينطبق على الحاكم لا المحكوم ؟؟؟!!! ودائما ما تكون هذه لهجة الخطاب الاسلامي فى السودان عقيم ولا يقدم حلول يترفع عن الحديث عن أشياء يعدها من صغائر الأمور مثل القضايا التى تمس المواطن كالحديث عن الظلم الإقتصادي ودائما ما يتحججون فى هذه القضية بقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) أيها العلماء الأفاضل من قال لكم أنه لا وجود لهذه الخيرات والبركات فى هذا البلد ولكن هناك من يسئ إستخدامها وهناك من يتعدى عليها ، إن قضايا المواطن وهمومه دائما ما تكون آخر إهتمامات الخطاب الإسلامي كأنهم لم يقرؤا قول رسول الله ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) وإذا كان الحديث ضعيفا فليأخذوا غيره (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدبعضه بعضاً )، إذا كانت قيادات العمل الإسلامي فى السودان تعتبر الحديث فى هذه الأمور ليس ذا أهمية فما حاجتنا إذا لفهم الدين فهما شاملا لجميع شؤون الحياة لماذا لا نكتفي بقوله صلى الله عليه وسلم فى ذلك الحديث( عن أبي عبدالله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئا أدخل الجنة قال نعم) لقد أرتكب الخطاب الإسلامي فى هذا العصر جريمة شنعاء فى حق هذا الدين كل همه وشغله تطبيق الشريعة ومن لا يريد الشريعة؟؟ ولكن من يطبق الشريعة؟؟ وما هي مؤهلاته ؟؟ ليس كل من أراد تطبيق الشريعة طبقها وأي شريعة يريدون؟؟ تلك الشريعة التى تعزل وتحاسب وتنصح الحاكم لأنه وكيل عن المسلمين لا وكيل عن الله فى أرضه أم تلك الشريعة التى تنص على طاعة الحاكم وإن ظلم وإن سفك الدماء وإن أخذ مال العامة ؟؟ يحزنني جدا أن تكون هناك أحزاب لا مبادئ لها ولا طرح سياسي حكيم أن تكون أكثر قوة وتأثيرا من جميع أطياف العمل الإسلامي الذي كلما إختلف فيه إثنان فى مسألة فقهية إنقسم الكيان إلى نصفين نصف لا يدري ويظن أنه يدري ونصف آخر لا يدري ولا يدري أنه لايدري . الأحرى بالجماعات والتيارات الإسلامية أن تنظم صفوفها وتوحد جهودها وتجيد قيادة العمل الإسلامي أولا قبل أن تنادى بحكم دولة وأن تربى جيلا كله إسلام وقد تحدث الإمام القرضاوي عن أولوية التربية والإعلام على تطبيق الشريعة .وهى رسالة أوجهها لكل قيادات العمل الإسلامي فى السودان إتقوا الله فى الناس وإتقوا الله فى انفسكم وانظروا كيف كان محمد صلى الله عليه وسلم يحكم دولة يحفظ فيها حق الصغير قبل حق الكبير وحق الضعيف والذليل قبل العزيز ويأخذ بأمر العباد فيها قبل أمر البلاد .