بالمنطق الأغبياء يمتنعون..!!! صلاح عووضة * عالم النفس روبرت ج سترنبرج كان مهموماً بقضية الذكاء.. * كان يريد أن يضع تصنيفاً دقيقاً لمعايير الذكاء حتى يتم تمييز الذكي عن الغبي.. * فالمعايير الأكاديمية المتبعة في المدارس والجامعات لتصنيف الطلاب من الأول وحتى الطيش ثبت أنّها خادعة وليست صحيحة بالضرورة.. * فصاحب نظرية النسبية- مثلاً- آلبرت آنيشتاين كان بليداً في المدرسة إلى الدرجة التي جعلت معلميه يوصون بإلحاقه بمدرسة لذوي الإستيعاب الأكاديمي البطيء.. * وهربرت جورج ويلز صاحب مؤلفات الخيال العلمي الشهيرة مثل حرب العوالم، وآلة الزمن، والرجل الخفي كان في دراسته الأكاديمية أشبه بالذين نغني لهم هنا (الطيش عند ربو يعيش).. * والكاتب الشهير كولن ولسون صاحب كتاب اللا منتمي اضطر إلى ترك التحصيل الأكاديمي بعد عجزه عن استيعاب كثير من المقررات الدراسية.. * وللسبب هذا طفق نفر من خبراء علم النفس الحديث- ومنهم سترنبرج - يبحثون عن معايير جديدة لتحديد الذكاء.. * ومما توصل إليه سترنبرج في إطار بحثه أن أحد مؤشرات الذكاء الحرص على التقيد بالمواعيد المضروبة.. * وطار سترنبرج هذا إلى فنزويلا للمشاركة في مؤتمر عن الذكاء بعد أن أنشأت الحكومة هناك وزارة لهذا الغرض.. * وزارة لتنمية الذكاء.. * وفي أول يوم للمؤتمر فوجئ سترنبرج ورفاقه من علماء النفس الأمريكيين أنهم يجلسون وحدهم داخل القاعة حتى ظنوا أنّ المؤتمر قد تمّ تأجيله، أو إلغاؤه، أو تحويله إلى مكان آخر.. * وفي اللحظة التي تأهبوا فيها للمغادرة إذا بأصحاب وزارة الذكاء من الفنزويليين يبدأون في التوافد وقد ارتسمت على وجوههم علامات الحيرة إزاء (شفقة!!) الأمريكيين.. * وعقب الجلسة الأولى للمؤتمر أمسك سترنبرج بقلمه يكتب ملاحظة خلاصتها أن ما يُعدّ ذكاءً في أمريكا ليس بالضرورة أن ينظر إليه كذلك في فنزويلا.. * وبما أنّه ليس كذلك في فنزويلا فقد يكون ليس كذلك في دول أخرى.. أي الافتقار إلى الإحساس بالزمن.. * وربما للسبب هذا يطالب الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الآن بتعديل الدستور حتى يتمكن من البقاء في الحكم مدى الحياة.. * فهو قد لا يكون لديه إحساس بطول الفترة الزمنية التي قضاها رئيساً.. * بمثلما أنّ أصحاب وزارة الذكاء في فنزويلا لم يكن لديهم الإحساس نفسه بالزمن الذي كان لدى ضيوفهم الأمريكيين.. * ولعلّ من نعم الله على السودان أنّ علماء النفس هؤلاء لم يفكروا يوماً في زيارته.. * فلو أنّهم فعلوا لاكتشفوا أن الفنزويلي قياساً إلى السوداني هو تماماً كالأمريكي قياساً إلى الفنزويلي.. * ورغم ذلك فنحن ليست لدينا وزارة لتنمية الذكاء.. * لأننا لا نشعر أصلاً بأننا أغبياء.. * ولا نشعر بالزمن. من الأرشيف الصحافة