حديث المدينة في المسار الخطأ..!! عثمان ميرغني ما زلت مصراً أن الحكومة لا تسلك الطريق (الأصح) لحل مشكلة الشباب العالقين أمام بوابة الحياة دون عمل.. ابتكرت وزارة تنمية الموارد البشرية أفكاراً حيَّة وأسست صندوقاً قومياً ل(تشغيل الخريجين).. وزارنا أمس في \"التيار\".. الدكتور قرشي بخاري الأمين العام للصندوق القومي لتشغيل الخريجين.. ولكن...!! قلت للدكتور قرشي.. إن مبدأ تسمية الصندوق ب (تشغيل الخريجين) تعصف بالفكرة الأساسية التي يدعو لها الصندوق.. مبدأ الانفتاح على العمل الحر بدلاً من انتظار الوظيفة \"الميري\" التي تقتل الطموح وتعتقل الهمة في دواوين الحكومة العتيقة.. ثم أن كلمة (الخريجين) تحتكر أهداف الصندوق في الذين تخرجوا من الجامعات والمعاهد العليا.. والأوجب الحديث عن (فئة الشباب) كلها.. حتى الذين لم ينالوا أية جرعة من التعليم النظامي. ربما شاب.. مستنير متفتح العقل والهمة لم يفتح الله عليه بالدخول للجامعة.. لأسباب أسرية.. الحاجة الماسة للانخراط في سوق العمل لإعالة أسرة لا تملك مال الصبر حتى تخرجه من الجامعة.. هذا الشاب قد يبدع في العمل وينجح ويكبر عمله فيستوعب فيه عاملين من الخريجين أنفسهم بل وأصحاب الشهادات العليا.. فالرزق من الله.. والله لم يحتكره لمؤهل أو شهادة أو خريج.. فهل تظن الدولة أن المشكلة هي في إيجاد فرص عمل للخريجين وحدهم دون سائر الشباب من أقرانهم الذين لم يعبروا التعليم العالي.. فلتغير الدولة اسم الصندوق حتى يستقيم اسمه مع أهدافه.. ثم لتبتكر حلولاً تناسب العصر.. في تقديري أن حكاية البحث عن تمويل لمشاريع يقترحها الشباب.. صارت موضة بالية أفضل منها أن تدرك الدولة أنها كلما ابتعدت هي.. أبعدت (المشكلة!) وقربت (الحل!).. كيف؟؟ سأجيبكم..!! سوق العمل مكتوم الأنفاس بسبب الاحتباس الحراري الذي تمارسه الحكومة بتجفيف فرص العمل الحر.. شرَّعت الحكومة أسوأ (قانون عمل).. قانون عمل يكرِّس الخمول ويحجب الإبداع ويوفر أفضل بيئة لقتل التنافس.. هذا القانون يحجب عشرات الآلاف من فرص العمل.. لأن أصحاب العمل يبذلون من الجهد لتجنب مخاطر هذا القانون أكثر مما يبذلون لتطوير الأعمال وتعظيم فرص العمل.. فلتغير الدولة (قانون العمل) وتعلن (تحرير العمل).. تترك علاقة العمل في أفسح مساحة متاحة وفق العقد الثنائي بين صاحب العمل والعامل.. ولا تتدخل فيها إلا بأقل المطلوب من التنظيم.. وتبتعد الحكومة وتجنب المواطن (الرسوم المسيئة لأمة محمد).. فالعمل الحر الشريف صار أفضل بوابة للسجون.. لأن الحكومة تفتح فماً أكبر من جيب صاحب العمل.. ناراً تأكل مما يجمع.. رسوم وجبايات مترادفة لا حصر لها.. وسلطات باطشة لا تخشى في جمع المال لومة لائم.. و ما يناله (الموظفون في الأرض) وحدهم من حوافز نظير نزعهم الجبايات نزعاً من لحم المواطن المسكين.. كافٍ ليؤسسَ عشراتِ الشركاتِ الناجحةَ.. لكن حكومة (الأفندية) تنظر دائماً لمصلحة الموظف.. حتى ولو حاقَ الدمارُ الشاملُ بسوق العمل وجففه.. التيار