هناك فرق. افعلوا يرحمكم الله..؟! منى أبو زيد بعد نشر مقال (خصخصة النفايات الطبية)، الذي ضربنا فيه المثل بالتجربة السعودية، وصلتنا رسائل عديدة من خبراء سودانيين مقيمين في السعودية، تحدثوا عن التصاقهم المباشر بموجبات نجاح وريادة تلك التجربة، وأبدوا استعداداهم لتسخير خبراتهم في أي مشروع وطني لمكافحة أضرار النفايات الطبية.. هذا ما كان من أمرهم.. فماذا كان من أمر السادة المسؤولين..؟! قالت صحف الأمس إن السيد وزير البيئة ومرافق المياه بولاية الخرطوم– بعد أن اتهم بعض المستشفيات بالتهاون في فرز النفايات الطبية ورميها في الأماكن المخصصة لها- حذر من خطورة النفايات الإلكترونية والطبية على صحة الإنسان والبيئة، قائلاً إن معالجة النفايات تحتاج إلى إدراك خطورتها وكيفية التعامل معها، ثم تحويلها إلى اقتصاديات بإعادة تدويرها..! موجبات الدهشة– ولن أقول الإنكار!– في صياغة/مضمون الخبر عديدة، أولها وأولاها، أن (يحذر) السيد وزير البيئة من خطورة النفايات الطبية.. يحذر من ؟!.. المستشفيات المتهاونة.. أم المواطن المتضرر.. أم الحكومة التي يقع عليها واجب الفعل (التغيير) وليس الاكتفاء بالتحذير..؟! ثم ما هي ملامح (الإدراك) وصور التعامل التي تبنتها الحكومة– حتى الآن– لترويع شبح الأخطار الصحية المحدقة للنفايات الطبية؟!.. وكيف تتحدث حكومة عن أحلام وأمنيات إعادة تدوير النفايات، وشعبها يتنفس هواءً ملوثاً بأطنان نفايات طبية بلغت الأحد عشرة أطنان في اليوم..؟! أي إعادة تدوير والوزارة المختصة ما تزال تتحدث عن (رميها) في الأماكن المخصصة لها ؟!.. وعن أية جدوى اقتصادية يتحدث المتحدثون، والمحارق الخاصة بإبادة النفايات الطبية معطلة؟!.. يحدث هذا في بلادنا بينما يناقش العالم– اليوم– أفضل الطرق وأكثر الوسائل أماناً لإبادة النفايات الضارة، بلا أضرار جانبية تذكر..! إن الجمع بين الحديث عن تفاقم أزمة النفايات الطبية ونوايا إعادة تدوير النفايات في منبر نقاش واحد، لهو صورة استفزازية من صور الخطاب الحكومي/السودانوي/النمطي، الذي يعتبر الحديث– مجرد الحديث!– عن مشكلات الشعب، فعلاً بحد ذاته.. وإلا فهل يعقل أن يتحدث صناع القرار في بلاد تتفاقم وتتراكم فيها النفايات الطبية– بلا تدابير واضحة أو معالجات قاطعة لإبادتها– عن مشاريع لتحقيق مكاسب اقتصادية من إعادة تدوير النفايات..؟! إن احترام المواطن/المتلقي لمثل تلك المبادرات الشفهية يقتضي بالضرورة أن يحترم المسؤول عقل المواطن، مستصحباً إلمام المُخاطب ببعض المعلومات الأساسية.. معلوم جداً أن إعادة تدوير النفايات عملية مكلفة، من الجمع، إلى الفرز، إلى إعادة التصنيع.. وهي في نهاية الأمر نشاط اقتصادي لن يتضرر المواطن كثيراً من عدم نجاح الحكومة في تحققه..! الموضوعية هي روح الخطاب الرسمي.. والواقعية هي مربط فرس المعالجات الحكومية.. فأين أنتم أيها المسؤولون من الفرض والواجب، قبل المندوب والمستحب؟!.. النفايات الطبية خطر داهم يقتضي أسرع وأنجع الحلول.. فماذا أنتم فاعلون..؟! التيار