بلا انحناء فاطمة غزالي التجمع حق شعبي وفقاً للدستور لا جدال مطلقاً في أن التجمع السلمي حق ومبدأ أصيل في دستور(2005) الانتقالي، ويعد من أرق اشكال التعبير الحركي للشعوب في حالة رفضها لسياسة النظام، أو إدانتها لقضية أثارت الرأي العام ،أو تعبيراً عن تضامنها مع موقف شجعها على التجمع السلمي سواءً كان التضامن ضد أو مع النظام الحاكم، وقد شاهدنا خروج العديد من المسيرات السلمية التي نظمتها الحكومة لدعم مواقفها السياسية بمعنى التجمع في شرعنا السياسي حق،ومن هنا تبدأ رحلة الغرابة في منطق الحكومة التي تتعامل بإزدواجية في الحقوق فبينما تعطى مؤيدها حق التظاهر السلمى في قلب الخرطوم، تمنع قوى المعارضة حق التجمع السلمي كأن قيادات وجماهير هذه المعارضة غرباء لا يحتكمون لدستور السودان الانتقالي الذي منح السودانيين حق التجمع السلمي وفقاً للمادة (40 (1) التي ورد فيها يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حمايةً لمصالحه.). ومن منطلق هذا الحق ينبغي أن لا تكون لغة التهديد والوعيد هي اللغة بين الحكومة التي فرض عليها دستورها أن تبسط العدل والمساواة بين رعاياها، وإلا ستكون نقضت غزلها بيدها ، والموقف المنطقي هو حماية التجمع أو التظاهر السلمي مادام هنالك (90%) من الشعب السوداني يقف بجانب النظام على حد قوله، والمنطق يقول مادامت هذه الحكومة تتمتع بهذا القدر من التأيد لا يضيرها خروج (10%) من الشعب تعبيراً عن تضامنهم مع الثورات الشعبية التي هزمت أنظمتها الديكتاتورية ،والتي مازالت تقاتل لتنتصر. الحقيقة تقول إن تضخيم الخوف من التجمع السلمي للمعارضة اليوم لا تسنده حجة إلا إذا كانت الحكومة على ثقة بأنها لا تملك اصوات ال(90%) من الشعب السوداني، والحقيقة تقول إن التهديد والوعيد سيزيد الطرف الآخر عناداً، ويصبح التحدي هو الخيار، عندئذ تحدث الهزة ..الزلزال.. وتخرج كل بركاين الغضب، ويأتينا ما يخشاه الصادق المهدي \" مجزرة الهوية\" التي تتجاوز الصوملة بمخاطرها. نعلم جيداً بأن عقلاء المؤتمر الوطني يدركون مخاطر ردة الفعل في حال حصار المعارضة ومنع نشاطها وفعلها السياسي، ولغة التحدي التي نطق بها فاروق أبو عيسى لسان حالها يقول \"بلغ السيل الزبى \" فكان آخر حديثه \" سنخرج بدون إذن من الشرطة\" في هذه العبارة رسائل واضحة مفادها أن كل الأبواب ماعادت مشرعة ،وأن المعارضة حددت الخيار، وحينها يدرك حمائم المؤتمر الوطني إنهم تأخروا كثيراً عندما وضعوا كل البيض في سلة الصقور. نحن نريده وطناً أخضر العود نضراً بشعبه ، ومنهم يريدوه بلون الدماء، وهنالك من لا يخشى لون الدماء.