هناك فرق. رسائل من داخل السجن..! منى أبو زيد أعزائي/أصدقاء هذه المساحة من السجناء، رسائلكم الخاصة بأحوالكم الأسرية، ضلت طريقها إلى حزمة البريد الوارد، وسقطت عشوائياً في خانة الرسائل غير المرغوب فيها، وليس صحيحاً– أبداً– أننا أصبحنا نتهيَّب الخوض في مناقشة أحوال سجناء قانون (يبقى لحين السداد)، وكنت قد سألت الأخ (قوقل) عن سبب سقوط تلك الرسائل وغيرها، فلم تزدني القوقلة إلا جهلاً.. ربما كان السبب بعض التفاصيل المتعلقة بعنوان المرسل، أما بريد هذه المساحة، فثقوا أنه يتشرف دوماً باستلام رسائلكم..! هذه بعض حكايات تلك الرسائل، هذه القصص القصيرة جداً، ليس مصدرها خيال الكتاب، بل عنابر نزلاء سجون الشيكات/ضحايا (يبقى لحين السداد)..! (1) ع.أ أب يعول أحد عشر ابناً وابنة، حمل القلم ووقع على واحد من الشيكات إياها، وكعادة الواقعين تحت سيطرة إدمان الكسر، أوْهَمَ نفسه بالمقدرة على الوفاء بالدين المضاعف بعد تحسن الأحوال، لكنها ازدادت سوءاً وأودع السجن إلى أجل غير مسمى، مضى على حبسه اليوم سنتان وشهران، فما الذي حدث؟!.. ابنه الأكبر ترك دراسة تقنية المعلومات في الهند وهو يعمل الآن سائق ركشة، والأصغر ترك دراسة الهندسة المدنية في جامعة السودان وهو يعمل اليوم في مصنع ألبان، أما الثالث فتوقف عن الدراسة في جامعة الرباط والسبب عدم المقدرة على دفع الرسوم..! (2) (م.ح) على مشارف الستين، دخل السجن قبل ثمان سنوات، أصيب خلالها بالسكري والضغط ثم فقد النظر في إحدى عينيه، بسبب تعثر الأحوال وانعدام مورد ثابت للرزق، ترك ابنه الأكبر الدراسة في جامعة النيلين ولم يجد حتى (ركشة) يعمل بها، هو مسجون إلى ما شاء الله، وابنه الذي يعول الأسرة انضم إلى أكبر حزب في السودان، حزب العاطلين عن العمل..! (3) (م. ب.) كان ميسور الحال، تزوج حبيبته أيام العز، ساهم بكرمه في تحسين أحوال أسرتها، بل أنشأ لها (بيزنس) خاص بها، ثمرة زواجهما كانت طفلين رائعين.. ثم ساءت أحواله المادية، طارده المدينون، دخل السجن وبقي إلى أجل غير مسمى، وعوضاً عن دعم ومساندة شريكة العمر، ذهبت إلى القاضي وقالت إنها (تخشى على نفسها من الفتنة)، فقدان الزوجة هو النتيجة الراجحة لفقدان الحرية، هكذا تقول قوانين مجتمع السجون..! (4) (م.خ.) دهش كثيراً عندما نودي اسمه في كشف الجلسات، قال للضابط المسؤول (أنا ما عندي جلسة اليوم، شوف لي في الإعلان الجلسة دي وين)، بحث الضابط عن اسمه بهدوء وعندما وجد إعلانه خاطبه قائلاً: محكمة الأحوال الشخصية، نظر في الإعلان بقلق عظيم، فقرأ الجملة التي كان يخشاها دوماً (طلاق للضرر)، عاد إلى العنبر، ارتمى على أقرب كتف، وهو يبكي بحرقة..! (5) (...) منذ شهور طويلة لم يحدث قط أن اختلى بزوجته، وذات صباح عرف أنها حامل، فطلقها في صمت دام طويلاً..! التيار