زمان مثل هذا إعاقة صحفية الصادق الشريف شطبت المحكمة الدستورية الطعن المقدّم من بعض الصحف السياسية والرياضية والاجتماعية ضد المجلس القومي للصحافة والمطبوعات. ويلاحظ في المطعون ضده أنّه لم يكن ضد حكومة السودان ممثلة في المجلس القومي للصحافة، فالمجلس هو جهة رمادية الانتماء... لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك. فهو ليس جهة حكومية مباشرة، بدليل زعمه بأنّ قرارات وزارة العدل بالنسبة له مجرد فتوى غير مُلزمة.. رغم أنّ قرارات وزارة العدل مُلزمة للجهات الحكومية فقط... بيد أنّ لافتة مجلس الصحافة ترفع فوقها اسم وزارة مجلس الوزراء. وهو أمرٌ طبيعي أن تتبع معظم المجالس التي تقوم بتطوير المهنة تحت وزارة مجلس الوزراء... ولكن. كُنّا بنقول في شنو؟؟؟. نعم قالت المحكمة الدستورية أنّها لا ترى أنّ قرار زيادة عدد الصحف الذي أصدره مجلس الصحافة يمثل أيّ انتهاك دستوري... باعتبار أنّ عدم مقدرة الصحف على زيادة صفحاتها يعتبر (إعاقة ذاتية)... بمعنى (وهذا تفسير من عندي) أنّ الصحف أعاقت نفسها بنفسها ولم يعقها أحدٌ. وقدّمت المحكمة الدستورية نصيحتها للمؤسسات الصحفية لتجاوز تلك الإعاقة عبر بناء (القدرة الذاتية مدعومة بحسن الإدارة والتسويق الجيّد للقدرات)، ومضت المحكمة إلى طرح رؤية أكبر من حيّز القضية موضوع الطعن فقالت (وهنا سانحة أبدي فيها ملاحظة أننا في السودان نحتاج للعلمية في التخطيط لقدراتنا التسويقية إنفاذاً لقاعدة احترام الخصائص والتخصصات). لكن كلّ ما همني في كل ذلك هو وصف (الإعاقة الذاتية) التي أجرتها المحكمة الموقرة على المؤسسات الصحافية. وسوف نستعمل لفظ (إعاقة) كما استخدمته المحكمة الدستورية. فالمعاق حركياً لا يستطيع أن يطال كثيراً من المناشط والأماكن التي يستطيع أن يطالها ذو الجسد السليم، والمعاق ذهنياً لا يستطيع أن يرتاد كثيراً من الآفاق التي يرتادها ذو العقل السليم. وعلى هذا أتساءل : هل إعاقة الصحف السودانية هي إعاقة حركية أم ذهنية أم الاثنان معاً؟؟. محامو الصحف في مرافعتهم أدرجوا عبارة (عدم وجود كادر مؤهل) ضمن الأسباب التي تدعم مطالبتهم بعدم زيادة عدد صفحات الصحف. بمعنى أنّ الإعاقة ذهنية. بجانب قولهم أنّ مجلس الصحافة لم يراعٍ حالة الصحف المادية. بمعنى أنّ الإعاقة حركية. الحقائق حول الصحف السودانية تدفع للبكاء... فالصحف السياسية وحدها وصل عددها إلى عشرين صحيفة يومية... كلها تتنافس على عدد من القراء لا يزيد في أحسن الأحوال عن 300 ألف قارئ (هذه الإحصائية تمّت حينما كان سعر الصحيفة خمسين قرشاً)... ولا بُدّ أنّهم تناقصوا الآن. صحيفة واحدة من صحف المقدمة تطبع عشرة أضعاف ما تطبعه خمسة من صحف المؤخرة مجتمعة. ثلاث صحف فقط هي التي تلتزم بدفع مرتبات الصحفيين في مواعيدها التي تحددها لوائح مكتب العمل. 90% من الصحف لا تدفع أقساط التأمين الاجتماعي، و99% منها ليس لديها اشتراك لمنسوبيها في التأمين الصحي. متراكمات مستحقات المطابع على بعض الصحف وصلت إلى عشرات المليارات (صحيفة واحدة فقط مدينة بثلاثة مليارات لإحدى المطابع)... وما زالت تصدر يومياً. الصحف معاقة (ذاتياً) بصورة لا يتصورها عقل... لكن كيف عرفت المحكمة الدستورية ذلك؟؟. التيار